تصريحات متطابقة أطلقها مسؤولون في الوفد الحكومي، وأيضا مسؤولون دوليون، أكدت جميعها أن هناك تقدم إيجابي في مشاورات ستوكهولم بين الشرعية والانقلاب الحوثي.
فهل فعلا أصبح الحوثيون فجأة على استعداد لتقديم تنازلات؟، أم أن المسألة لا تعدو عن كونها محاولة لكسب الوقت والتقاط الأنفاس، والاستعداد لجولة جديدة؟.
في الحقيقة الحوثيون لديهم مشروع لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتخلوا عنه، مشروع إقامة دولة الولاية، جمهورية إسلامية على غرار تلك التي تحكم إيران، لكن بفعل الضغط العسكري والاقتصادي والعزلة شبه المطلقة المفروضة عليهم من الناحية السياسية، لا يستبعد أن يقدم الحوثيين بعض التنازلات التي لا تمسّ جوهر الانقلاب.
من يعرف الحوثيين جيدا، يدرك أنهم لا يتراجعون إلا بفعل الهزيمة، هذه المرة يبدو أنهم يتحاشون وقوعها، فهم باتوا مشلولين من الناحية العسكرية، ليس لديهم سوى الصواريخ يطلقونها عشوائيا، وناطق عسكري يملأ الدنيا ضجيجا، ورسائل إعلامية مفبركة، بينما في الميدان، هناك تراجع واضح، وفشل في التحشيد..
أصبحت الجماعة عاجزة عن تبرير استمرار انطقاع الرواتب للناس في مناطق سيطرتها، والقرى والمديريات امتلأت بالمقابر، بات اسم الجماعة مرتبط لدى الناس بالموت والمقابر، والجوع.
قيادي حوثي ميداني، تحدث لحظة تجلي عن بعض ما يدور في أروقة الجماعة، قائلا: "هذا الشهر إما نكون أو لا نكون"، صَحَى هذا القيادي من تجليه، رافضا تبرير معنى كلامه لمن كان معه في المقيل.
نعم، إنه شهر المصير بالنسبة لهم، وإن فشلوا في الحفاظ على انقلابهم، والدفاع عنه عسكريا، سيلجأون للدفاع عنه على طاولة المفاوضات، وإلم يتحقق ذلك، فانقلابهم إلى زوال..
فشل الحوثيون في وقف انهيار قواتهم عسكريا، وصواريخهم ما عادتت تحقق ذلك الصدى الإعلامي السابق، فعمليا، ليس هناك أي أثر لها على قدرات الطرف الآخر العسكرية.
بالرغم من كونهم يمثلون انقلابا غير معترف به، إلا أنهم يفكرون بالبدائل بكل جدية، وهم اليوم يعتبرون الحوار جبهة من جبهات الصراع، وقد يتنازلون عن بعض التفاصيل، حفاضا على جوهر الانقلاب.
يجب على الشرعية أن تتعامل مع جولة المشاورات هذه على أنها جبهة صراع أيضا، لا يجب الوقوع في فخّ التنازلات الجزئية، لا بد من تنفيذ القرار الدولي رقم 2216، لا بد من عودة الدولة المركزية إلى صنعاء، لا بد من تشكيل مرحلة انتقالية خالية من مظاهر الملشنة، وكيانات الظلّ..وغير ذلك من إجراءات استعادة الدولة الطبيعية.
المبعوث الأممي ومن وراءه الدول الكبرى سيضغطون على الحكومة الشرعية، بهدف إقناعهم بالانتقال إلى مرحلة انتقالية جديدة، فإن وافقت الحكومة، فإنها بذلك فتحت باب شرعنة الانقلاب الحوثي على مصراعيه.
يجب ألا يُسمح للحوثيين بأن يحققوا في الحوار ما فشلوا في تحقيقه في ميدان المعركة، ولنعلم أنهم في وضع يرثى له، وهم يستفيدون فقط من بعض المواقف والمعطيات الدولية والإقليمية، لكن ميدانيا ينهارون ولا يصمدون أمام التقدم المتسارع لقوات الجيش.