برأيي لم تعد فكرة التحالف السياسي بين الأحزاب المؤيدة للشرعية –التي ربما أجهضت في مهدها- فكرةً قادرةً على إحداث فارق حقيقي لصالح معركة الشرعية اليمنية عسكرياً وسياسياً، فبحجم التحديات الكبيرة التي تواجه مشروع الشرعية وتهدد مشروعية التحالف العربي في معركة مفصلية كهذه؛ بقدر الحاجة إلى تشكيل صيغةٍ سياسية جديدة مسنودةً بزخم وقاعدة شعبية كاندماج حزب التجمع اليمني للإصلاح وحزب المؤتمر الشعبي العام في حزب واحد.
(مؤتمر الإصلاح الوطني) ربما هذه تسمية مناسبة للحزب الجديد الذي يترأسه هادي، وتضم تكويناته وأطره القيادية رموز الحزبين المؤمنين منهم بفكرة الاندماج، وتنصهر قواعده الشعبية من أعضاء وأنصار الحزبين الكبيرين في مختلف المحافظات في ضوء هدف مشترك يتمثل في إسناد الشرعية لاستعادة الدولة ودحر الانقلاب.
المصالح المشتركة
إندماج الحزبين في حزب واحد يحقق مصالح كبرى على مستوى الشرعية ومعركتها العسكرية والسياسية، وعلى مستوى مصالح حزبي الإصلاح والمؤتمر كلا على حده.
فالمعركة الوطنية لاستعادة الدولة بحاجة إلى تجميع طاقات الحزبين الهائلة سواءً في الممارسة السياسية والعلاقات الخارجية أو في تعبئة وحشد كوادرها لرفد الجبهات العسكرية في مواجهة الخصم المشترك الذي شرد واعتقل قيادات وأعضاء الإصلاح وطارد كثير من قيادات المؤتمر وقتل رئيسه. تلك التعبئة وذلك الاستثمار لن يحققها على المستوى العملي مجرد تحالف سياسي بقدر ما سيحركها اندماج حزبي حقيقي على مستوى الأطر والهياكل العليا والقيادات الوسطى والوجاهات الاجتماعية والمؤسسات الإعلامية والمدنية.
بالنسبة للرئيس هادي فإنه بحاجة إلى ترؤس حزب قوي يمتلك قاعدة شعبية عريضة ويحظى بقبول داخلي وخارجي، يستطيع من خلاله تقوية مواقفه وتوجهاته في قيادة معارك السياسة والميدان في مواجهة الانقلاب، خاصة وأننا نقرأ هنا وهناك عن رغبة أطراف دولية في طي صفحة "هادي" وهي الصفحة الباقية لرمزية الشرعية ومشروعيتها التي لا تخص هادي وحده كشخص بل الشرعية كمؤسسة وكإطار قانوني لمعارك استعادة الدولة ومشاركة التحالف العربي فيها، ورغم محاولات هادي المتعددة في إعادة بناء حزب المؤتمر المؤيد للشرعية وزيارته للقاهرة التي ربما خصصت لهذا الغرض إلا أن تلك الجهود لم تفلح في تشكيل صيغة سياسية وقانونية لحزب المؤتمر الشعبي العام من جديد بسبب حالة التشظّي التي اتّسعت على الراقع، لذلك كله فإن رئاسة هادي للحزب الجديد الذي سيكون الحزب الأكبر في اليمن يعزز مواقف الشرعية ويحد من كثير من المهددات الإقليمية والدولية.
من ناحية ثانية فإن مصلحة حزب المؤتمر من فكرة الإندماج تتمثل في كونها مخرجاً عملياً للملمة قيادات وأعضاء المؤتمر المؤمنة بالشرعية في إطار سياسي جديد حالت الإشكالات القانونية التي واجهها قادة الحزب كعدم القدرة على جمع نصاب قيادي كافي في التعديل على لوائح الحزب والتجديد في مناصبه وأطره القيادية، كما أن الاندماج سيسهم في الحد من حالة التشظي والانقسامات، ويخفف من حالة الاستقطاب الحاد الذي تعرض لها وما يزال يتعرض لها من قبل عدة مشاريع وقوى لا تؤمن بمصالح اليمن ولا تهتم بمصير المؤتمر بل تهدد مقوماته وتاريخه الوطني.
بالنسبة لحزب الإصلاح فإن فكرة الاندماج ستخرجه إلى حدٍ ما من خانة التصنيف الايدلوجية التي وضعته فيها قوى كائدة تستخدمها ذريعة لمحاربة الحزب والتخوف من مستقبل مشاركته السياسية، كما أن الإصلاح سيكسب حليفاً سياسياً وشعبياً؛ قاطعاً بذلك الطريق على القوى الحاقدة الراغبة في إخراج المؤتمر عن خطه الوطني وتسخيره أداة حادة في مواجهة الإصلاح، فعلى مضامين الميثاق الوطني يمكن للإصلاح والمؤتمر معاً التأثير بل التغيير في معادلة السياسة والحرب، والتخفيف من احتقان أنصار كل منهما ضد بعض؛ لضمان سلامة وأمن واستقرار مستقبل ما بعد استعادة الدولة.
سيعارض هذه الفكرة بعض قيادات وأعضاء الحزبين معاً؛ لكنها تسع المقتنعين بها، ولا حرج على من رفضها أو من انخرط فيها، على أن تقوم على هدف استعادة الدولة وكسر الانقلاب، وحين ذلك تبقى تجربة ثرية خاضعة للتقييم والمراجعة من قبل قادة الحزب وتقديراتهم لمصلحة الاستمرار في الاندماج أو العودة إلى صيغة الحزبين في ظل الدولة العادلة وفي إطار التنافس الديمقراطي في بناء اليمن.