في رسالة الخارجية اللبنانية التي ردت فيها على مخاطبة رسمية من نظيرتها اليمنية، حول مشاركة «حزب الله» في العبث الدائر الذي تقوم به جماعة الحوثي المدعومة من إيران، في اليمن، وما سببته وتسببه هذه المشاركة من إزهاق أرواح الآلاف من الأبرياء، موقف يكشف عن حقيقة أن «حزب الله» يمثل دولة داخل دولة.
تأكيد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، الذي أشار فيه إلى أن موقف حكومة بلاده من الأزمة اليمنية «لا يتطابق بالضرورة مع مواقف جميع القوى السياسية في لبنان، وأن بلاده تنأى عن النزاعات والحروب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بما يتوافق مع مصلحة لبنان»، دليل إضافي على أن الحكومة اللبنانية لا تستطيع أن تمارس أي ضغوط على الحزب، من شأنها أن تجنب لبنان توابع تدخله في شؤون دول أعضاء في جامعة الدول العربية، ويتقاسم معها لبنان، المصير المشترك.
كان الرد اللبناني على مخاطبة الخارجية اليمنية بشأن دور «حزب الله» مخيباً للآمال، ودفع مصدراً مسؤولاً للإشارة إلى أن الحزب يعد شريكاً في سفك دماء اليمنيين، بإصراره على القيام بدور تخريبي من خلال اصطفافه إلى جانب الانقلابيين، معتبراً أن «مضمون موقف لبنان الرسمي، يشير إلى خروج فصيل لبناني، ويعني بالطبع «حزب الله»، عن سياسة النأي بالنفس، وانزلاقه في أعمال تضر بمصلحة لبنان والدول العربية.
لم يكن موقف «حزب الله» في اليمن جديداً، فهو خفي ومعلن في وقت واحد، ويبدو أن الخارجية اليمنية أرادت بهذا الموقف تأكيد ما هو مؤكد، ف«حزب الله» ليس لاعباً عادياً في اليمن، وشواهد حضوره في جبهات القتال والمعارك الدائرة في البلاد كثيرة، وتصريحات زعيمه حسن نصرالله المؤيدة لجماعة الحوثي، الموالية لإيران، تفضح مواقفه المزدوجة حيال القضايا التي تمور فيها الساحة العربية، فبينما يؤيد شرعية رئيس النظام السوري، ويخوض الحرب إلى جانبه تحت هذا الغطاء، يؤيد الانقلابيين الخارجين على الشرعية في اليمن، ويدعمهم للوقوف ضدها، مستخدماً كل الوسائل الممكنة، تحت زعم أن اليمن «جزء من محور المقاومة»، وأن الحوثيين جاهزون لإرسال عشرات الآلاف من مقاتليهم إلى لبنان، للانضمام إلى أية معركة يخوضها الحزب وإيران في المنطقة.
يظل موقف «حزب الله» المساند للدور التخريبي الذي تقوم به إيران في اليمن، أحد الدلائل على دوره المباشر وغير المباشر في الحرب التي يشنها الحوثيون ضد أبناء جلدتهم، وسياسة «النأي بالنفس» التي يتبعها لبنان، يعمل الحزب على تقويضها في اليمن، بحسب وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش، الذي يشير إلى أن إيران تحاول بناء «حزب الله» جديد في المنطقة، وأن تدخله في اليمن يعد امتداداً لمحاولات زعزعة استقرار المنطقة بأسرها.
تصريحات قرقاش تأكيد على أن مواقف «حزب الله» تعكس منهجية تسير عليها إيران، في إحداث مزيد من الاضطرابات في المنطقة العربية ومن بينها اليمن؛ تجسيداً لشعار الثورة الخمينية في «تصدير الفوضى»، فدور ذراع إيران في اليمن ممثلة بجماعة الحوثي، لا يقل عن دور «حزب الله» في لبنان، ويجتمعان على هدف واحد يكمن في خلط الأوراق بالمنطقة، تحت شعارات زائفة لا علاقة لها بالمقاومة.