الولاية عند البعض تعني (القيّومية) وحق التصرف ( للمعصومين ) في حق الخلق بتخويل من قبل الله تعالى...
يقودنا التعريف السابق، واللافتات المعلقة في أنحاء صنعاء لنوعية النظام الذي نجر إليه بخطى حثيثة ليفرض علينا كأمر واقع مسلم به..
تاريخ قديم جديد لشعب يراد له التقسيم لفئتين لا ثالث لهما، فئة معصومة منزة عن ارتكاب المعاصي!!، تتلقى وحيها بأوامر سماوية مباشرة لن يتجرأ أحد على مخالفتها أو إبداء ادنى اعتراض عليها، وفئة آخر نستطيع أن نطلق عليهم بدون تزييف أو تجميل "وفقاً للتعريف السابق"، بناقصي الأهلية ومرتكبين للحماقات والخطايا !!..
وينتظر من هذا الشعب القبول بتلك التجزئة، دون ادنى اهتمام لمعنى وقيمة المواطنة التي حارب للحصول عليها طويلاً!!..
جاهلية أسواء من جاهلية قريش التي لم تدعي يوماً امتلاكها لتلك العصمة ولم تسعى لفرض ولاية مشابهة، فقد كان أبو لهب اكثر ذكاء من منح اصنامه المصنوعة من التمر ميزة سماوية أو فضل إلهي لقوته..
فتجارته وامواله وغلبة قبيلته كافية لمنحه السلطة التي حارب بشراسة للاستحواذ والابقاء عليها بعد نزول الإسلام الذي ساوى بينه وبين عبيده، وجعل من التقوى المقياس الحقيقي الوحيد بينهم..
في نهاية المطاف لقى ابو لهب وجاهليته حتفهما، واستمر الاسلام بالمقاييس الإنسانية العادلة الباقية..
ومن المؤسف توارث البعض لجاهلية معطوبة الحواس، تفوقت في فقدان بصيرتها على هالكي قريش، كُتب على جبين اليمني مقارعتها بحرب مستمرة منذ مئات السنين، لا يكاد ينهض من كبوة حرب ليشمر عن سواعده لحراثة الارض، حتى يضطر لإحراقها وزرعها بالموت والدماء مرة اخرى، وقد أقسم على تخليص التراب من تلك الوصاية..
تشبعت الأرض من الحرب والموت، ولم يتعلم أرباب اللوحات المعصومة من اخطائهم القديمة..
نقف أمام فقدانهم لبوصلة بصيرتهم ونحن نستعد لجولة قادمة لمشاهدة تدحرجهم وتعثرهم بتلك اللافتات لنهاية جديدة، فمثل تلك الاماني أصبحت نوع من والأوهام التي لا مجال لتمريرها على عاقل أو مجنون مرة أخرى..