محمد حمود الزبيري
ناشدتُكِ الإحساسَ يا أقلامُ
أتُزلزَلُ الدّنيا ونحنُ نيامُ
قُمْ يا يَراعُ , إلى بلادِكَ نادِها
إنْ كانَ عِندَكَ للشعوبِ كلامُ
فلطالما أشْعَلتَ شِعركِ حولَها
ومِن القوافي شعلةٌ وضِرامُ
وصَرَخْتَ في أسماعها فتحرّكتْ
لكنْ, كما يتحرّكُ النوامُ
نخشى سيوفَ الظلمِ وهي كليلةٌ
ونقدسُ الأصنامَ وهي حطامُ
وتذلُّ أمتُنا , لفردٍ واحدٍ
لا تُستقادُ لمثلهِ الأنعامُ
تحْنُو الرؤوسُ لهُ خشوعاً ظُلّعاً
وتنوءُ من أصفادهِ الأقدامُ
كِمْ سبّحَتْه ألسُنٌ , فتجرّعَتْ
منه, مذاقَ الموتِ وهو زؤامُ
كمْ مِنْ أبٍ واسى الإمامَ بروحهِ
ماتت جياعاً بعدهُ الأيتامُ
يمتصُّ ثروةَ شعبه ويميتُهُ
جوعاً , ليسمنَ آلُهُ الأعلامُ
طعناتهُ قدسيةٌ , نزلتْ بها الـ
بركاتُ والآياتُ والأحكامُ
عملُ الورى في رأيهِ كفرٌ, وما
يأتيهِ فهوَ شريعةٌ ونظامُ
أبناءُ قحطانَ عبيدٌ بعدَما
عَبَدتهُمُ الزُّعماءُ والحُكّامُ
كانت سيوفُهُمُ تؤدّب كلّ جبـ
ـارٍ بغيرِ السّيفِ ليسَ يُقامُ
كانوا الأُباةَ وكانتِ الدنيا لهم
والمُلكُ والراياتُ والأَعلامُ
نزلوا بيثربَ والعراقِ فشيّدوا
مُلكاً كبيرَ الشأن ليس يُرامُ
وهُمُ الأُلى اقتحموا على أسبانيا
أسوارَها, فتحكّموا وأقاموا
وهُمُ بمعترَكِ الحروبِ صَوارِمٌ
وهُمُ, لبُنيانِ العُروش دَعَامُ
كانوا بأعصاب العروبة ثورةً
تُمحى الملوكُ بها وتُرمَى الهامُ
كانتْ سيوفُهُمُ تضيءُ فتَمنحُ الـ
تاريخَ أفقاً ليسَ فيهِ ظلامُ
كانوا زماناً للخلافة، مُزِّقتْ
أوصالُه , فتمزق الإسلامُ
*******
قحطانُ, أصلُ العُربِ, منذُ تهاونوا
بحياتِهِ عاشوا وَهُمْ أيتامُ
ماذا دهَى قحطانَ؟ في لحظاتهمْ
بؤسٌ, وفي كلماتهمْ آلامُ؟
جَهْلٌ وأمراضٌ وظلمٌ فادحٌ
ومخافةٌ, ومجاعةٌ, وإمامُ
والناسُ بيْنَ مكبّلٍ في رجلهِ
قيدٌ, وفي فمِهِ البليغِ لجامُ
أو خائفٍ , لمْ يدْرِ ما ينتابُهُ
منهمْ, أسِجنُ الدهرِ أمْ إعدامُ!
والاجتماعُ جريمةٌ أزليةٌ
والعلمُ إثم ٌ, والكلامُ حرامُ
والمرءُ يهرُبُ مِنْ أبيه وأمّهِ
وكأنَ وصلَهُما له إجرامُ
والجيشُ , يحتلّ البلادَ , وما لَه
في غيرِ أكواخِ الضعيفِ مقامُ
يَسْطُو وينهبُ ما يشاءُ, كأنّما
هُوَ للخليفةِ , مِعْولٌ هدّامُ
والشعبُ في ظِلّ "السيوفِ" ممزقُ الـ
أوصالِ , مضطهدُ الجَنابِ يضــامُ
وعليه إمَا أنْ يُغادرَ أرضَهُ
هرَباً وإلا فالحياة حِمامُ
*****
نثرُوا بأنحاءِ البلادِ ودمّرُوا
عِمْرانها , فكأنهمْ ألغامُ
أكلوا لُبابَ الأرض واختصُّوا بها
وذوُو الخصاصةِ واقفون صيامُ
وكأنهمْ هُمْ أوجدُوا الدنيا وفي
أيديهمُ تتحركُ الأجْرامُ
هَبْ أنهمْ خلقوا العبادَ , فهلْ لمَنْ
خلقوهُ عطف ٌ عِندهم وذِمامُ
ماكانَ ضرّهُمُ وهُمْ مِنْ هاشم ٍ
لوْ أنهمْ مثلُ الجدودِ كرامُ
لكنها الأخلاقُ أرزاقٌ بها
يجري القضا وتُقدَّرُ الأقسامُ
*****
ياقومِ هُبّوا للكفاح وناضلوا
إن المنام عن الذمامِ حرامُ
تستسلمون إلى قساة ٍ مالهمْ
خُلُقٌ , ولا شرْعٌ , ولا أحكامُ
لنْ يبْرحَ الطغيانُ ذئباً ضارياً
مادام يعرف أنكمْ أغنامُ
فتكلموا كَيْمَا يُصدِّقَ أنكمْ
بشرٌ , ويشعرَ أنهُ ظَلّامُ
وتحَرّكُوا كيْ لا يظنّ بأنكمْ
موتى , ويحسبُ أنكم أصنامُ
طارَ الورَى متسابقينَ ومالَكُمْ
في السبقِ أجنحة ٌ ولا أقدامٌ
إن لم تطيروا في السماء فكيفَ لَمْ
تمْشوا وتمشي الشاءُ والأنعامُ
قلنا: ارفعوا الأسواطَ عْنْ أجسادكمْ
قالوا: لنا لوْمُ الإمامِ أثامُ
تاللهِ ما بِهُمُ الإمامُ , وإنّما
وَلِعُوا بسوطِ المستبدِ وهامُوا
باعُوا الضمائرَ للمهانةِ مثلما
ُتبتاعُ للحملِ الثقيلِ سوامُ
سيُحاسَبُونَ , فقدْ دنا لحسابهمْ
يومٌ يسوءُ الخائنين ظِلامُ
وسيندمُ المتزلفونَ ندامةَ الـ
ـوثنيِّ يومَ تُحطَّمُ الأصنامُ