كشف مصدر خاص لـ«مندب برس» تفاصيل لحظات مرعبة عاشتها قاعدة العند الجوية ومنتسبيها في محافظة لحج جنوبي اليمن.

ونجمت تلك اللحظات التي وصفها المصدر بـ«العصيبة» عن التوتر الأمني في محيط القاعدة وغموض الموقف لدى قيادتها، وأدى هذا الوضع الهش إلى فرار قائدها، ورحيل العشرات من الجنود الأمريكيين وهروب المئات من الضباط والجنود المنتمين للمحافظات الشمالية بجلودهم.

هروب العميد العنسي خِلْسة

تمرد قائد قوات الأمن الخاصة في عدن العميد عبدالحافظ السقاف ومانجم عن ذلك التمرد من اشتباكات عنيفة بينه وبين اللجان الشعبية ووحدات من الجيش، كان بداية لارتباك الأوضاع داخل القاعدة.

يقول المصدر، وهو ضابط رفيع في قاعدة العند الجوية، إن توجيهات أصدرها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لقيادة القاعدة، يوم تمرد العميد السقاف، الخميس الماضي، قضت بإغلاق المدرج تماماُ،.

ويهدف التوجيه الذي صدر عن عمليات 22 مايو بالقصر الجمهوري في المعاشيق بعدن، إلى منع استقبال وإقلاع أي طائرة عسكرية من داخل القاعدة أو من خارجها، ما من شأنه خدمة جماعة الحوثيين المسلحة التي كانت تدعم تمرد السقاف عسكرياً.

وفي يوم الجمعة، التالي ليوم الاشتباكات، وعقب سيطرة اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي على عدن وطرد قوات الأمن الخاصة بقيادة السقاف، حاول مسلحو اللجان التمدد في مناطق مجاورة لمحافظة عدن، ومنها مدينة الحوطة بمحافظة لحج ووضعها تحت قبضتهم.

وسيطر المسلحون على معسكر في المدينة وقاموا بطرد الجنود المنتمين للمحافظات الشمالية، وطلبوا منهم الرحيل إلى محافظاتهم؛ لكن مداهمة مسلحون من تنظيم القاعدة للمعسكر، أفشل خطة مغادرة بعض الجنود المتأخرين، وأوقعهم في قبضة عناصر تنظيم القاعدة.

وقال المصدر إن مسلحي القاعدة اختطفوا 29 جندياً وبسطوا سيطرتهم على الحوطة، عاصمة محافظة لحج، ونصبوا نقاطهم المسلحة فيها.

وعند الظهيرة في يوم الجمعة، أعدم مسلحو القاعدة كل الجنود الذين كانوا بحوزتهم داخل أحد «الأحواش» بالمدينة، رمياً بالرصاص.

وكان من بين القتلى أحد منتسبي قاعدة العند الجوية ويدعى المقدم عبدالولي غازي.

في مساء اليوم ذاته، وصلت الأنباء إلى قاعدة العند بسيطرة عناصر القاعدة على الحوطة، المدينة التي تفصل العند عن محافظة عدن، وإعدامهم الجنود ومن بينهم أحد زملائهم.

ووفقاً للمصدر فقد غادر قائد القاعدة الجوية العميد طيار ركن علي عتيق العنسي في المساء، وبطريقة سرية لم يعلم بها أحد سوى مرافقيه.

ورجح المصدر سبب هروب العميد العنسي، هو غموض الموقف وانعدام التوجيهات التي تقضي بالتصرف مع الأحداث الجارية، سواء من قبل قيادة القوات الجوية التي تُديرها جماعة الحوثيين، أو من قبل عمليات الرئيس هادي.

إضافة إلى وجود جنود أمريكيين قد يرجح احتمال استهداف عناصر تنظيم القاعدة، للقاعدة الجوية، في وقت تنعدم فيه التوجيهات الواضحة.

رحيل مستعجل للجنود الأمريكيين

ولأن مدينة الحوطة لا تبعد عن مقر قيادة العند الجوية، سوى 40 كيلو متر تقريباً، فقد أفزع نبأ سيطرة تنظيم القاعدة على المدينة كل المتواجدين داخل قاعدة العند الجوية، ومن بينهم الجنود الأمريكيين الذي بدأوا بالتأهب للرحيل والاستعداد عجلة للمغادرة.

وعند منتصف الليل وصلت طائرة نقل عسكرية ضخمة طراز (C17) بهدف نقل الجنود الأمريكيين وتم فتح مدرج المطار لأول مرة منذ يومين، بتوجيهات من عمليات الرئيس هادي ووزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي.

وقبل وصول الطائرة بقليل خرج قائد الجنود الأمريكيين لمقابلة قائد قاعدة العند، العميد العنسي، بهدف إبلاغه بقرب موعد رحيلهم.

لكن القائد الأمريكي لم يستطع الوصول إلى القائد العنسي، وأبلغه أحد مرافقيه المتبقين في معسكر العند، بمغادرة العنسي إلى مكان مجهول، وفي هذا الوقت فقط تم معرفة هروب قائد قاعدة الجوية العميد العنسي؛ ليصدر اللواء الصبيحي عقب تلقيه الخبر قراراً بتعيين قائد جديد.

وعُرف فيما بعد أن المكان الذي لجأ إليه العنسي هو محافظة تعز.

وغادر الجنود الأمريكيين، الذين قالت واشنطن إنهم يبلغون مائة جندي من القوات الخاصة الأمريكية، قاعدة العند الجوية، وقبيل إقلاع الطائرة كانت أربع طائرات أمريكية تحلق في أجواء العند بهدف تأمين عملية النقل.

وأفاد المصدر بأن الجنود تركوا سيارات مدرعة وأغراضاً عسكرية أخرى كانت بحوزتهم، بسبب رحيلهم المستعجل والذي لم يكن في الحسبان.

هجرة جماعية لجنود من محافظات شمالية

وصباح يوم السبت، كان المئات من الجنود والضباط والصف ضباط المنتمين للمحافظات الشمالية، قد تجهزوا للرحيل من قاعدة العند الجوية، بسبب تدهور الوضع الأمني، واستجابة لطلب اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي التي دخلت القاعدة ودعتهم إلى الرحيل.

وذكر المصدر لـ«مندب برس» بأن غالبية منتسبي قاعدة العند هم من المحافظات الجنوبية، وإن أبناء الشمال يشكلون 40% فقط، من قوام القاعدة الجوية، غادر غالبيتهم، إن لم يكن جميعهم، المعسكر.

وكان غالبية منتسبي الشمال يقطنون مع عائلاتهم في سكنات خاصة بالضباط، وغادروا يوم السبت مع عائلاتهم وأخلوا السكنات الخاصة بهم، حسبما أورد المصدر.

وقاعدة العند الجوية أسميت قديما بالقاعدة الأسطورية لقوتها وشدة تحصينها، وتقع إلى الشمال من عدن بمسافة تبعد (60 كيلو متر).

وتحوي القاعدة حالياً لواءين (اللواء 90 طيران، واللواء 39 تدريبي) إضافة إلى كتائب الشرطة الجوية المخولة بحماية مقرها.

ويقطن القاعدة جنود أمريكيون في معسكر خاص بهم، يتولون فيه تدريب قوات مكافحة الإرهاب اليمنية، بناء على اتفاقيات بين الدولتين بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.