تمنع جماعة الحوثيين في المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرتها النساء من استخدام وسائل منع الحمل كونها تخالف "الهوية الإيمانية"، ما يدفع كثيرات للتوجه إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها أسرتها، قررت الشابة اليمنية صفية عبد القادر (31 عاماً)، وهي أم لخمسة أطفال، التوقف عن الإنجاب. قصدت أحد المراكز الصحية في مدينة إب وسط اليمن، لوضع جهاز لولب رحمي لمنع الحمل، لتُفاجأ بتلقي المركز تعليمات من وزارة الصحة التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) بمنع اللولب كونه يخالف "الهوية الإيمانية". تقول صفية لـ"العربي الجديد": "تفاجأت بامتناع الممرضات في المركز الصحي عن تركيب اللولب، وبرّرن ذلك بتلقي توجيهات عليا بمنع وسائل تنظيم الحمل. ولأنني قررت وزوجي تنظيم النسل، اضطررت للسفر إلى مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية لتركيب اللولب".
مطلع عام 2021، عمدت جماعة الحوثيين إلى مصادرة وسائل منع الحمل، وألغت إرشادات الصندوق الأممي للسكان ذات الصلة بتنظيم الأسرة، في خطوة وصفها البعض بأنها "تقليد لإجراء إيراني مشابه"، إذ عمم النظام الإيراني حظراً على توفير وسائل منع الحمل للنساء في مناطق البدو الرحل في البلاد من أجل زيادة عدد المواليد في هذه المناطق، بهدف زيادة عدد السكان إلى 150 مليون نسمة، استناداً إلى الإعلام الإيراني. وكانت وزارة الصحة التابعة لحكومة الحوثيين قد أصدرت في يناير/كانون الثاني 2021 تعميماً لمدراء عموم مكاتب الصحة في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، يوجّه بمنع اللولب لتنظيم الأسرة من جميع المرافق الصحية.
وقالت وزارة الصحة التابعة للحوثيين في تعميمها، إنها تعمل بما يلبّي الجانب التثقيفي والتوعوي في "حزمة خدمات الصحة الإنجابية". وتتضمن مذكرة أخرى صادرة عن مدير عام مكتب الصحة في محافظة حجة شمالي اليمن، في يناير/كانون الثاني 2021، حول إجراءات تقديم وسائل تنظيم الأسرة، عدم إعطاء وسائل منع الحمل إلا بموافقة الزوج على استخدام زوجته الوسيلة، والتأكيد أن الثنائي زوجان بالبطاقة العائلية أو عقد الزواج، ووجوب أن يكون الزوج موجوداً مع زوجته أثناء الحصول عليها، أو أن يكون هناك توثيق موافقة خطي من الزوج لزوجته باستخدام أية وسيلة، وتحفظ مع مقدم الخدمة".
ويكشف طبيب يعمل في محافظة عمران شمالي صنعاء، اشترط عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن الحوثيّين يحاربون الصيدليات التي تبيع وسائل منع الحمل ويصادرون الوسائل. كما يعملون على مصادرة وسائل تنظيم الحمل المقدمة من المنظمات الدولية، ويهددون الأطباء الذين يمنحونها، ويحرضون على العاملين في القطاع الصحي متهمين إياهم بالعمالة لأميركا في مشروعها الهادف إلى محاربة المسلمين والحد من تناسلهم. وأثار سلوك الحوثيين استياء اليمنيات، ونددت به المنظمات الحقوقية التي اعتبرته تعدياً على حقوق النساء، وامتهاناً لكرامتهن، ومصادرة لحق الأسرة اليمنية في تنظيم النسل.