مع تراجع عدد الزائرين إلى محافظة إب اليمنية خلال إجازة عيد الأضحى هذا العام إلى أكثر من النصف مقارنة بالأعوام السابقة، أطلقت الجماعة الحوثية حملة جديدة طالت بالتعسف والابتزاز والإغلاق العديد من المنشآت السياحية في مناطق عدة متفرقة في المحافظة.
وأوضحت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن ملاك منشآت فندقية ومطاعم ومنتجعات ومتنزهات وحدائق سياحية فوجئوا خلال أيام عيد الأضحى بحملة جباية مباغتة أسفر عنها إغلاق 3 فنادق و5 مطاعم، وحديقة خاصة، ومتنزهين، بحجة تفعيل ما تسمى الرقابة، وتطبيق نظام الجودة، والالتزام بتسعيرة الخدمات.
وجاءت هذه الإجراءات التعسفية بناء على اجتماع عقدته قيادات حوثية في مدينة إب عاصمة المحافظة وخرج بتوصيات عدة؛ منها تنفيذ نزول ميداني لما تسمى فرق الرقابة بحجة الاطلاع على أوضاع المنشآت السياحية ومدى التزامها بالتعليمات.
وأشرف على تنفيذ الحملة - بحسب المصادر - قيادات في الجماعة يتصدرهم حارث المليكي المعين في منصب وكيل المحافظة لقطاع السياحة، وغانم عوسج المعين في منصب مدير مكتب السياحة في إب.
وبررت الجماعة الحوثية إجراءاتها تلك ضد المنشآت السياحية بتسجيل مُلاكها مخالفات، مثل عدم استخدام وسائل حديثة للتعامل مع الحرائق، وعدم وجود مواقف للسيارات، وعدم امتلاك تراخيص مزاولة النشاط، وعدم الالتزام بالتسعيرة المحددة، وعدم تقديم الدعم للجبهات، ورفض تمويل المناسبات والفعاليات الحوثية.
وأجبر التعسف الحوثي مالك أحد الفنادق بمدينة إب الإعلان عن نيته بيع منشأته ومغادرة المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة. وقال مالك الفندق، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن ذلك جاء بسبب تعرض فندقه لمداهمة وإغلاق حوثي بذريعة عدم التزامه بالتعليمات.
ولفت إلى تعرضه وكثير من زملائه على مدى سنوات سابقة ولا يزالون لخسائر كبيرة بسبب تكرار الاستهداف الحوثي لهم.
في السياق نفسه، عبّر عاملون بالاتحاد اليمني للفندقة عن أسفهم البالغ حيال الوضع المتردي الذي وصل إليه قطاع السياحة والفندقة في إب وبقية مناطق سيطرة الجماعة، وذلك نتيجة استمرار فرض الإتاوات غير القانونية ضد مَن تبقى من العاملين في ذلك القطاع.
وسبق هذا الاستهداف الحوثي إقامة الجماعة حفل تكريم لأكثر من 50 منشأة سياحية في إب، نظير ما قالت الجماعة إنه التزامها بتعليماتها وتقديمها الدعم بالمال وقوافل الغذاء لمقاتليها في الجبهات.
واعترف قيادي يدعى غانم عوسج معين في منصب نائب مدير السياحة في إب، بأن هذا التكريم جاء تقديراً لدور تلك المنشآت في دعم الجبهات والقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع للجماعة.
وتعد محافظة إب من أهم الوجهات السياحية الداخلية في اليمن، إذ يقصدها خلال الأعياد والمناسبات الدينية آلاف الزائرين من مختلف مناطق البلاد، نظراً لما تتفرد به من أجواء طبيعية وتراثية.
وأبدى سليمان، وهو أحد الزوار من صنعاء لمدينة إب، لـ«الشرق الأوسط»، ندمه الكبير لقيامه وعائلته بزيارة المحافظة هذا العام. وقال: «للأسف لم تعد إب كما كانت عليه في السابق، إذ تخلو من أي مظاهر لاستقبال الزائرين، وتفتقر لأبسط الخدمات كالطرق وأعمال النظافة وغيرها، مضافاً إليها ممارسات ابتزاز تنتهجها الجماعة في نقاط التفتيش وفي المواقع السياحية».
3 أشخاص يستقلون دراجة نارية في أحد الشوارع الرئيسية بمدينة إب (الشرق الأوسط) ونظراً لافتقار إب، التي تعد العاصمة السياحية لليمن، لأبسط مقومات السياحة، نتيجة ممارسات الفساد والعبث والإهمال المتعمد، أشارت المصادر إلى تراجع عدد الوافدين إلى هذه المحافظة خلال إجازة عيد الأضحى لهذا العام إلى أكثر من النصف مقارنة بالأعوام السابقة.
واعتادت إب، خلال سنوات ما قبل الانقلاب والحرب، استقبال مئات الآلاف من الزائرين إليها من مختلف المحافظات ومن خارج اليمن؛ إذ بلغ عدد الوافدين للأماكن السياحية والتاريخية خلال أحد أعياد الأضحى قبل الانقلاب أكثر من 420 ألف زائر.