حثت مجموعات شحن رائدة الحكومات "ذات النفوذ" على الضغط لوقف هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، لإنقاذ صناعة الشحن العالمية، وذلك في أعقاب التصعيد الأخير الذي نتج عنه إغراق سفينة شحن ثانية هذا الأسبوع، قيل إنها مملوكة لليونان.
وقُتل ثلاثة بحارة على الأقل في الهجمات حتى الآن، وفقاً لشبكة سي أن أن الإخبارية، ومن المرجح أن يكون إغراق السفينة الأخير قد أدى إلى حالة وفاة أخرى على الأقل، وفقًا لبيان صدر يوم الأربعاء عن أكثر من اثني عشر اتحادا وجمعية شحن، بما في ذلك الغرفة الدولية للشحن ومجلس الشحن العالمي، وكيانات هامة في صناعة الشحن العالمية.
وسلطت دعوة الاتحادات للحكومات الضوء على الخسائر البشرية المتزايدة الناجمة عن تعطيل أحد أهم الشرايين التجارية في العالم، والذي تم إغلاقه فعليًا أمام سفن الحاويات منذ أواخر العام الماضي. وأدى تحويل مسار السفن للطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح بجنوب أفريقيا إلى ارتفاع تكاليف الشحن وتسبب في ازدحام في الموانئ في آسيا وأوروبا، وهدد باضطراب سلاسل التوريد العالمية.
وقالت اتحادات الشحن في بيانها: "من المؤسف أن يتعرض البحارة الأبرياء للهجوم أثناء قيامهم بوظائفهم، وهي وظائف حيوية تحافظ على دفء العالم وإطعامه وملابسه". وأضافت: "هذا وضع غير مقبول، وهذه الهجمات يجب أن تتوقف الآن. نحن ندعو الدول ذات النفوذ في المنطقة إلى حماية بحارينا الأبرياء والتهدئة السريعة للوضع في البحر الأحمر".
وصدر بيان الاتحادات في نفس اليوم الذي أكدت فيه عمليات التجارة البحرية البريطانية، وهي جزء من البحرية الملكية، غرق ناقلة فحم مملوكة لليونان بعد أن ضربها الحوثيون الأسبوع الماضي. ووفقا للبيان، يبدو من المؤكد أن أحد البحارة على متن السفينة قد قُتل. وقالوا في بيانهم: "هذا هو الهجوم المميت الثاني الذي يقع فيه بحارونا في مرمى الصراعات الجيوسياسية". والسفينة اليونانية هي السفينة الثانية التي يغرقها الحوثيون، بعد السفينة روبيمار، المسجلة في بريطانيا، والتي أغرقت في مارس/آذار في أعقاب إصابتها بصواريخ باليستية أطلقت من اليمن.
وبدأ الحوثيون، ومقرهم اليمن، في شن هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ على السفن المتعاونة مع إسرائيل في البحر الأحمر في نوفمبر/تشرين الثاني، في ما يقولون إنه انتقام من حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة المحاصر. ومنذ ذلك الحين، ووفقاً لشبكة سي أن أن الإخبارية، احتجز الحوثيون أيضًا سفينة واحدة وأفراد طاقمها، وهم ما زالوا محتجزين حتى الآن.
وبعيداً عن الخسائر في الأرواح، تسببت هجمات الحوثيين أيضاً في تعطيل شديد لعبور السفن للبحر الأحمر، الذي يتصل بقناة السويس المصرية التي تعد طريقا حيويا، يستحوذ على ما يتراوح بين 10% و15% من التجارة العالمية، ويؤثر بصورة واضحة على صناعة الشحن. وترسل شركات شحن الحاويات الكبرى، بما في ذلك ميرسك وهاباغ لويد، سفنها على طريق أطول بكثير حول الطرف الجنوبي لأفريقيا.
وارتفعت أسعار الشحن نتيجة لذلك، وفي الأسبوع الأخير، بلغت التكلفة المركبة لشحن حاوية متوسطة بطول 40 قدمًا على ثمانية طرق رئيسية بين الشرق والغرب 5,117 دولارًا، بزيادة 233% عن العام الماضي، وفقًا لشركة استشارات الشحن Drewry ومقرها لندن. وقامت الشركات العاملة في صناعة الشحن أيضًا بفرض رسوم إضافية طارئة لمراعاة الاضطراب، والشهر الماضي، قامت شركة ميرسك بزيادة بعض هذه الرسوم الإضافية مؤقتًا.
وقالت الشركة الدنماركية في بيان في ذلك الوقت: "لقد اشتدت تعقيدات الوضع في البحر الأحمر وتأثيراته على سلاسل التوريد العالمية في الأشهر الأخيرة". وأضافت: "ما زلنا نواجه تحديات وتكاليف إضافية"، في إشارة إلى ما سمته "الاختناقات التشغيلية". ووفقًا لشركة الخدمات اللوجستية Freightos، فإن عمليات التحويل القسرية تسبب ازدحامًا في الموانئ في سنغافورة وماليزيا وشانغهاي في الصين وبرشلونة في إسبانيا، مما يؤدي إلى تأخير وإلغاء رحلات الإبحار، ومن ثم تخلف السفن عن رحلات المغادرة المقررة.
وقد تؤدي الزيادة الأخيرة في التأخير، وأيضاً في تكاليف الشحن، إلى الضغط على الشركات لنقل البضائع الموسمية الآن قبل أن ترتفع الأسعار بشكل أكبر، أو لتجنب التأخير في وقت لاحق من العام، مما قد يعني نقصًا خلال ذروة موسم التسوق، كما كتب رئيس الأبحاث في Freightos، جودا ليفين في مذكرة يوم الثلاثاء. وأضاف: "تستمر هجمات الحوثيين في جعل البحر الأحمر غير آمن، وتشير الزيادات في نشاط الرحلات الجوية وأسعارها إلى أن شركات النقل تتوقع أن يظل الازدحام مسيطراً لبعض الوقت".