يتخوف اقتصاديون من أن تؤثر علاقة جماعة الحوثي العدائية مع دول الخليج العربية ، على مصير أوضاع ثلاثة ملايين يمني يرفدون الإقتصاد المحلي بأربعة مليارات دولار سنوياً وهو رقم يتفوق على عائدات البلاد من إنتاج النفط .
إقتصاد منهار واتساع مساحة الفقر
تعتبر اليمن واحدة من أفقر البلدان في العالم ، حيث يعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية ، بالإضافة الى قلة الموار الطبيعية ، وكثرة النزاعات التي تمتد في بلد يصل عدد سكانه الى 25 مليون نسمة ، ومع الأحداث الأخيرة يتخوف مراقبون من زيادة معاناة الإقتصاد مع استمرار الحوثيين في إنقلابهم على سلطة صنعاء.
ويعاني الإقتصاد اليمني خلال السنوات الماضية من مشاكل رئيسية يتصدرها الفسا د وغياب الشفافية والمحسوبية التي طغت عليها الحكومات المتعاقبة ، الأمر الذي فاقم من مشكلة السكان الذين يعيش أغلبهم على أقل من دولارين باليوم الواحد ، وأكثر من 60 بالمئة تحت خط الفقر كما أوضحت منظمة اليونسيف.
كما يعاني من قلة الموارد الطبيعية والنزاعات المختلفة والعقلية القبلية التي تسيطر على مسؤولي هذا البلد الذي في بلد يعاني أكثر من نصف سكانه بحسب البنك الدولي الفقر ومصاعب الحياة.
في التاسع من مارس الجاري دقت منظمة اليونسيف اجراس الخطر ، محذرة من أن تصاعد الأزمة السياسية بالبلاد سيضاعف من معاناة الإقتصاد اليمني .
وحذرت المنظمة من المخاطر المترتبة على استمرار تفاقم الأزمة السياسية وتدهور الوضع الأمني والاقتصادي الراهن في اليمن مما يعيق قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الصحية والتعليمية ويشكل خطراً على السكان في مختلف أنحاء اليمن وعلى الأطفال بشكل خاص.
وأفاد ممثل اليونيسيف في اليمن جوليان هارنس خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الاثنين، في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف: "أن الوضع الاقتصادي في اليمن أصبح على حافة الخطر إذ يصل عدد من يعانون من الفقر ومن هم تحت خط الفقر قرابة 60 في المائة من عدد سكان البلاد".
وقال هارنس: "إن التقدم الذي كان قد تم إحرازه بالتعاون بين الحكومة اليمنية والمنظمات العاملة في المجال الإنساني وبخاصة في مجال التعليم وإعداد التلاميذ ممن يلتحقون بالمرحلة الابتدائية والذي كان مخططا أن يصل إلى نحو 70 في المائة ممن هم في سن التعليم الإبتدائي أصبح مهدداً بالضياع" .
ولفت إلى أن سوء التغذية بين الأطفال في اليمن يصل إلى حوالي 900 ألف طفل إضافة إلى 210 ألف آخرين يعانون من سوء التغذية الحاد وسيزيد العدد إذا إستمرت الأوضاع الحالية في اليمن"، مؤكداً أن أنشطة اليونسيف في اليمن متواصلة على الرغم من تفاقم الأزمة السياسية هناك.
ومما فاقم من المشكلة الاقتصادية في البلاد، الطبيعة الديموغرافية حيث يقع ثلثي الشعب اليمني تحت سن الـ25 الأمر الذي يتطلب من الحكومة ضرورة توفير فرص عمل بشكل مستمر بالإضافة إلى معدلات النمو السكاني في اليمن التي تعتبر الأعلى في العالم خارج نطاق دول جنوب الصحراء.
وقبل اندلاع الاضطرابات الأخيرة في عام 2011، تصدر توظيف اليمنيين في دول الخليج العربي ثاني أولويات الحكومة اليمنية آنذاك التي أكدت أن التحويلات الصادرة عن العمالة اليمنية في الخليج تفوق سنويا ضعفي الفائدة التي تحصل عليها الدولة من تحرير التجارة والمساعدات الخارجية والإعفاءات من خدمة الديون كما تم الإعلان عنها في حينها.
واحتل اليمن عام 2010 المرتبة الخامسة بين الدول الأقل نمواً لجهة التحويلات المالية الخارجية، والمرتبة السابعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يعكس أهمية الدور الذي تلعبه التحويلات المالية الخارجية في توفير مصادر دخل لعائلات المغتربين، وكذلك أثرها في الاقتصاد اليمني من خلال توفير النقد الأجنبي وزيادة إيرادات الدولة ومساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويتركز معظم المغتربين والعاملين اليمنيين في السعودية، حيث يزيد عددهم عن مليون مغترب وعامل وبنسبة 12.2% من إجمالي المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج، ثم في الإمارات العربية المتحدة ويمثلون 5.3% من الإجمالي، فالولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 5.2%، والاردن وبريطانيا بحوالي 1.1% و1.5%، على التوالي.
ثروة منسية
أعلن المدير العام لميزان المدفوعات في البنك المركزي اليمني منيف دغيش، أن تحويلات المغتربين اليمنيين الرسمية بلغت 3.3 بليون دولار عام 2014، أي 9.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و40.6 في المئة من الصادرات و30.3 في المئة من الواردات.
وأوضح خلال ورشة عمل في صنعاء عن "تحويلات المغتربين اليمنيين وتوجيهها نحو التنمية"أن "متوسط تحويلات المغتربين اليمنيين بلغ بين عامي 2000 و2014 نحو 1.685 بليون دولار".
وفيما أكدت تقديرات غير رسمية أن تحويلات المغتربين تبلغ ضعف هذا الرقم المعلن، أكد دغيش أن هناك"قصوراً في احتساب تحويلات المغتربين والعاملين في الخارج كافة، لأسباب أبرزها ضعف التنسيق وعدم الاستجابة أحياناً، وعدم توافر قاعدة بيانات لدى جهات المصدر، إضافة إلى صعوبة الحصول على بيانات عن التحويلات العينية لدى مصلحة الجمارك، كما تبرز مشكلة تعدّد مصادر البيانات وتناقضها، ما يضطرّ المركزي إلى اللجوء إلى التقدير".
وأوضح ان اليمن يُعتبر من الدول النامية حيث تمثّل تحويلات المغتربين عاملاً أساساً للنمو، إذ تشكّل مورداً رئيساً للعملات الصعبة الضرورية لتغذية الاحتياطات الخارجية وتمويل الواردات، مشيرا الى انها ساهمت خلال السنوات الماضية في دعم ميزان الحساب الجاري لميزان المدفوعات من خلال فوائض حساب التحويلات الجارية، ما أدّى إلى تعزيز موقف الميزان الكلي للمدفوعات.
وبلغت نسبة المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج نحو 4.9 في المئة من إجمالي عدد السكان. وقدّر "التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت". لعام 2004 عدد المغتربين والعاملين اليمنيين بحوالى 1.8 مليون شخص، يتركّز معظمهم في السعودية والإمارات والولايات المتحدة والأردن وبريطانيا.
وأظهرت دراسة عُرضت في الورشة وعنوانها «توجيه تحويلات المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج نحو التنمية»، أن إجمالي المساعدات التنموية الخارجية بلغ بين عامي 2002 و2012 نحو 5.072 بليون دولار، في مقابل 18.680 بليون، تحويلات المغتربين، وبنسبة 401 في المئة إلى المساعدات، ما يؤكد أهمية التحويلات كمصدر رئيس للتدفقات المالية إلى اليمن. وأشارت إلى أن متوسط نسبة التحويلات إلى الدعم الحكومي بلغ خلال الفترة المذكورة نحو 110.9 في المئة، ما يعني تفوّق التحويلات على الدعم.
المغترب اليمني كضحية
بلادنا من الدول النامية التي تمثل تحويلات المغتربين مورد أساسي للعملات الصعبة لتغذية الاحتياطات الخارجية وتمويل الواردات وتفوق قيمتها نسبياً تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والمنح والمساعدات الرسمية مع أن المغترب اليمني لا يجد أدني اهتمام من قبل الجانب الرسمي والحكومي لتأهيله والمحافظة على حقوقه في دولة الاغتراب .
في افتتاح الورشة، التي نظمت الأسبوع المنصرم، أشار رئيس المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات الدكتور يحيى المتوكل أن المغترب اليمني ضحية العلاقات السياسية بين الدول، حيث لا يتم استغلال المغتربين في تعزيز العلاقات اليمنية-الخارجية.
وأبدى الدكتور المتوكل خوفه من أن تتحول تحويلات المغتربين لأغراض سياسية سلبية، إلى جانب أن المغترب اليمني يتعرض لقيود مشددة أثناء عملية التحويلات ما يدفع الأغلبية منهم أن يرسلوا أموالهم بالطرق غير الرسمية.
ونوه رئيس المرصد الاقتصادي إلى أن دور القطاع المصرفي والبنك المركزي لا يزال محدوداً متمنيا من الجهات ذات العلاقة بإيجاد رؤية للمقاربة مع المغترب اليمني وتعزيز دوره في الاقتصاد والتنمية.
وكيل وزارة المغتربين عادل شمسان قال أن المغترب اليمني في الخارج لا يشعر بالاهتمام من جانب الجهات المعنية والمسؤولة عنه في الحكومة اليمنية.. فالمغترب اليمني بحاجة إلى رعاية وحماية وحقوق.
وأضاف الدكتور شمسان أن الوزارة لا تمتلك إحصائيات بأعداد المغتربين اليمنيين في الخارج.. وقد أتاح مؤتمر الحوار الوطني للمغترب اليمني المشاركة السياسية، إلا أننا لا نمتلك قاعدة بيانات وهناك قيود تفرض على الوزارة لجذب المغترب إلى الداخل والمشاركة في عملية التنمية.
وأضافت الدراسة أن «تلك التحويلات تمثّل مصدراً مهماً لدخل الفقراء وغير الفقراء في الريف والحضر على حد سواء، ويحصل أكثر من ربع الفقراء على تحويلات من خارج البلد، ويتوزّعون على 22 في المئة من فقراء المناطق الحضرية و29 في المئة من فقراء الريف».
ولفتت إلى أن «التحويلات المالية توجّه لتغطية نفقات الزواج أو تسديد ديون سابقة تراكمت على المغترب أو العامل أو أسرته، بما في ذلك تسديد تكاليف السفر للعمل في الخارج». ويسعى بضعهم إلى ادخار جزء من التحويلات نقداً أو على شكل مصوغات ذهبية، أو استثمارها في شراء قطعة أرض أو الاتجاه لبناء مسكن جديد أو بدء أنشطة ذاتية تولّد دخلاً.
على خطى سيناريو صالح
وتتخذ الجماعة التي سيطرت على المشهد السياسي بالعاصمة ، موقفاً عدائياً تجاه المملكة العربية السعودية ، كبرى دول الخليج ، بسبب صلتها الأيديولوجية بجمهورية ايران ، وخاضت في العام 2004م حرباً على الحدود مع الدولة التي يقطنها أكثر من مليون ونصف مغترب يمني .
ولأكثر من مناسبة شن زعيم جماعة الحوثيين هجوماً على المملكة السعودية ، وقال انها تدعم الفوضى في اليمن ، وتدعم التكفيريين ، فيما ذهب القيادي في الجماعة صادق ابو شوارب الأسبوع المنصرم الى ابعد من ذلك وقال ان الأٍسرة الحاكمة للسعودية تكتب نهايتها بأيديها حينما تقف ضد ارادة جماعته .
وكانت الخطوة الأكثر تصعيداً من قبل الحوثيين ، قيامهم الخميس المنصرم ، بإستعراض عسكري على الحدود مع المملكة السعودية ، حيث شوهدت دبابات وآليات تابعة للجيش تصطف الى جوار بعضها ، فيما قال قيادي حوثي ان المناورات رسالة ساخنة لمن يريد الإضرار بالبلاد خاصة السعودية!
وترفد المبالغ بالعملة الصعبة خزينة الدولة ، حيث يأتي بعضها من خلال البنوك والبعض الآخر عبر مكاتب الصرافة ، وحسب اقتصاديون ساهمت بشكل فعال في الاستقرار المعيشي والحفاظ على العملة المحلية ودعم التنمية وتحسين الأوضاع الاقتصادية عبر مختلف المراحل والأزمات.
وحين ضاقت أرض البلاد عليهم لجأ العديد من اليمنيين والذين يقدر عددهم بأكثر من 3 ملايين إلى دول مجلس التعاون الخليجي الست أغلبهم في المملكة العربية السعودية للعمل بهدف تحسين مستوى معيشتهم وإمداد عائلاتهم بالتحويلات المالية وسط صعوبة توفر فرص العمل في أسواقهم المحلية.
وقد يؤثر سوء علاقة الانقلابين الحوثيين في اليمن مع دول الخليج العربية على مصير أوضاع ملايين اليمنيين العاملين في الخليج الذين يقومون بتحويل مئات الملايين من الدولارات لأسرهم في اليمن كما يخشى أن يتبع ذلك خطوات عمليه بتشديد إجراءات استقبال العمالة القادمة من اليمن من قبل دول الخليج العربي.
دعوة للحوثي لعدم استخدامهم ورقة لتصفية حساباته
أكد وجهاء ورجال اعمال ومثلي المغتربين في المملكة العربية السعودية عن رفضهم وادانتهم للانقلاب الحوثي واعلانه، واحتلال العاصمة، والسيطرة على مؤسسات الدولة وتدمير ونهب المنشئات العامة والخاصة.
وأكدوا في بيان لهم السبت لماضي، عن تأييدهم الكامل للشرعية الدستورية والرئيس عبدربه منصور هادي، مطالبين بسرعة رفع الاقامة الجبرية عن رئيس الوزراء خالد بحاح واعضاء الحكومة واطلاق سراح جميع المعتقلين في سجون الحوثي.
وادان البيان الاتهامات التي تطلقها جماعة الحوثي واعلامها، بحق المملكة العربية السعودية الشقيقة، معبرين عن التقدير والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والشعب السعودي الشقيق، وطالبوا الحوثي بعدم استخدام المغتربين كورقة لتصفية حساباته الداخلية.
كما ادان المغتربون كافة اعمال الاختطافات والاعتقالات والتعذيب الوحشي التي تمارسها جماعة الحوثي ضد شباب الثورة والسياسيين والحقوقيين والاعلاميين والمتظاهرين سلميا في جميع المحافظات رفضا للاحتلال الحوثي وميليشياته المسلحة.
وشددوا على التمسك بالمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، ومعالجة كافة القضايا الوطنية عن طريق الحوار بالوسائل السلمية، بما في ذلك الحل العادل للقضية الجنوبية ومشكلة صعدة.
واعلن المغتربون اليمنيون في السعودية تمسكهم بأهداف ومنجزات الثورة اليمنية يبتمبر واكتوبر ونوفمبر، ووفاءهم لقوافل ودماء الشهداء التي بذلت في سبيل الحرية والتخلص من ظلم واستبداد النظام الإمامي الكهنوتي والاستعمار الاجنبي.