يحل شهر رمضان في اليمن، وسط استمرار معاناة الناس، إذ بدوا منهكين بسبب الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المنهارة في البلد جراء الحرب المدمرة منذ 8 سنوات.
ومع حلول أول أيام شهر رمضان، فإن حركة اليمنيين في الأسواق لم تكن كسابقاتها، إذ تكاد تخلو الأسواق من حركة المواطنين لشراء متطلباتهم وحاجاتهم هذا الشهر.
وشكا عدد من ملاك المحال التجارية من تراجع إقبال اليمنيين على شراء حاجياتهم ومستلزمات هذا الشهر.
"إقبال متدن"
ويقول محمد يفرسي، صاحب محل تجاري، إن إقبال الناس لشراء حاجات رمضان متدنية للغاية، وسط تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، واكتفاء كثير من العوائل بالضروريات.
وأضاف يفرسي، في تصريح لــ"عربي21" إن هناك ركودا في الحركة التجارية مع بداية هذا الشهر، بسبب الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي أثقلت كاهل المواطنين.
"ارتفاع أسعار"
ومع تراجع إقبال اليمنيين على الأسواق الرمضانية، فإنه سُجل ارتفاع قياسي في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، وهو ما يفاقم من أوضاع الناس.
وقال أبو عبدالله، مالك أحد محلات بيع الدجاج لـ"عربي21"، إنه مع بداية شهر رمضان، ارتفعت أسعار الدجاج بنسبة 25 بالمئة عن ما كانت عليه في شهر شعبان.
"عوامل عدة"
وفي السياق، يقول الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي، وفيق صالح: "موجة غلاء الأسعار التي طالت مختلف السلع الضرورية والاستهلاكية والخدمات، أصبحت كأحد طقوس استقبال شهر رمضان المبارك الذي تزداد معه احتياجات التسوق والاستهلاك من قبل المواطنين".
وتابع صالح في حديثه لـ"عربي21" بأن هناك إقبالا في الأسواق على توفير احتياجات الشهر الكريم من غذاء ضروري ومواد استهلاكية، وبالتالي فإن هذا الأمر يدفع بارتفاع سعر السلع إلى مستوى غير معقول.
وأشار الصحفي الاقتصادي اليمني إلى أن هناك العديد من العوامل تقف وراء ارتفاع أسعار السلع، منها ارتفاع قيمة السلع المستوردة من بلد المنشأ وهو ما يسمى بالتضخم المستورد، وكذلك ارتفاع أسعار النفط وارتفاع تكلفة الشحن البحري والتأمين على السفن إلى الموانئ اليمنية.
وأضاف: "هناك عوامل داخلية تتمثل في تدهور قيمة العملة الوطنية والازدواج الجمركي والضريبي، وانتشار نقاط الجباية على امتداد الطرق بين المحافظات، وكذلك إغلاق مليشيا الحوثي للطرق والمنافذ الأساسية للمدن والمحافظات".
وأكد أن موجة غلاء الأسعار مع تدني القدرة الشرائية للمواطنين وتراجع قيمة العملة الوطنية، يضع السكان في مأزق شديد في صراعهم اليومي مع متطلبات الحياة وتكاليف المعيشة التي تتضخم بشكل مستمر.
وأردف قائلا: "يأتي كل ذلك، وسط غياب أي مؤشرات على حدوث انفراجة في هذه الأزمة خصوصاً مع انقسام المؤسسات المالية وتشتت الموارد المحلية، واستخدام الاقتصاد كورقة حرب يدفع ثمنها المواطن".
وبحسب الصحفي اليمني المتخصص في الشأن الاقتصادي فإن الجبايات المفروضة من قبل الحوثيين على التجار وعلى السلع والبضائع، سبب رئيسي في ارتفاع أسعار السلع على المستهلك، حيث تسببت الإجراءات الحوثية على القطاع الخاص مثل مضاعفة الرسوم الجمركية ورسوم وفرض رسوم أخرى غير قانونية، في تضخم أسعار السلع، وزيادة معاناة المواطن الذي بات يقاسي الويلات خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة مع توقف الرواتب عن موظفي القطاع الحكومي للعام السابع على التوالي، وانعدام فرص العمل لدى القطاع الخاص وتراجع النشاط التجاري.
ولفت الانتباه إلى أن جشع بعض التجار في مناطق الحكومة، وغياب الرقابة الرسمية على كبار التجار والمستوردين، أدى كذلك إلى إنهاك المواطن وصعود الأسعار بشكل يفوق القدرة الشرائية للسكان.
ويشهد اليمن، منذ أكثر من 8 سنوات، حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وبين الحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات بينها صنعاء منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
وأوقعت الحرب ما يزيد على المئتي ألف قتيل غالبيتهم من المدنيين وأغرقت ملايين الناس في شبه مجاعة وتسببت في "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم، بحسب الأمم المتحدة.