كشفت تقارير أمنية يمنية وأخرى طبية عن ارتفاع معدل حالات الانتحار خلال الأشهر الماضية في مناطق السيطرة الحوثية، وفي مقدمة تلك المناطق العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيا.
وأفاد إحصاء صادر عن سلطات الانقلاب بتسجيل 340 حالة في 10 مدن تتصدرها صنعاء خلال عام واحد بوصول أعداد المنتحرين في عشر مدن خاضعة للجماعة إلى نحو 340 حالة خلال عام واحد، وفق صحيفة الشرق الأوسط.
وأرجعت مصادر يمنية تحدثت لـ"الشرق الأوسط" أسباب تزايد أعداد المنتحرين إلى ويلات الحرب التي أشعلتها الجماعة بانقلابها على السلطة الشرعية وما خلفته من تدمير كامل للبنية الاقتصادية وتوقف للخدمات وارتفاع للأسعار ومعدلات الفقر والبطالة وانقطاع الرواتب وغيرها.
وبحسب سكان محليين، تحدثوا لـ" الشرق الأوسط" فإن العديد من معرفهم لقوا حتفهم انتحارا بسبب تدهور أوضاعهم المعيشية وعجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم أمام أسرهم وأطفالهم.
في السياق ذاته اتهم الميليشيات التي تحكم سيطرتها على كافة الأجهزة الأمنية في صنعاء بأنها لا تزال تتكتم عن الأعداد الحقيقية للمنتحرين في العاصمة لأسباب عدة منها على سبيل المثال: معرفتها بأنها المتسبب الوحيد في تدهور أوضاع ومعيشة الناس والتي قادت إلى لجوء الكثير منهم إلى الانتحار هربا من الفقر وسياسات التجويع والنهب والقمع.
من جهتها اعترفت الجماعة في تقرير حديث صادر عن الأجهزة الخاضعة لها بصنعاء بتسجيل نحو 340 حادثة انتحار من مختلف الأعمار في 10 مدن تحت سيطرتها خلال العام الماضي 2020. في وقت قدر فيه مراقبون أن العدد الحقيقي للمنتحرين يفوق ما ذكرته تقارير الميليشيات، خصوصا في العاصمة صنعاء ومحافظة إب اللتين تتصدران سنويا قوائم حالات المنتحرين.
وذكرت الإحصائية الحوثية التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» أن من بين حالات الانتحار التي وقعت خلال تلك الفترة 54 امرأة و29 طفلا، أما البقية وعددهم 257 شخصا فقد كانوا جميعهم من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عاما.
وأوضحت الإحصائية أن نحو 108 من المنتحرين استخدموا طريقة الشنق باستخدام الحبال والأقمشة لإنهاء حياتهم، فيما لجأ 87 إلى الأسلحة النارية المختلفة، واستخدمت السموم في 33 حادثة. في حين توزعت بقية الحالات ما بين استخدام السكاكين والآلات الحادة والقفز من أماكن عالية والحرق.
وتصدرت العاصمة صنعاء كعادتها كل عام قائمة المدن اليمنية تحت سيطرة الجماعة فيما يتعلق بحوادث الانتحار وذلك بواقع 94 حالة انتحار، تلتها محافظات إب بعدد 76 حالة، ثم الحديدة بـ60 حالة، بينما توزعت بقية الحالات على مدن (ريف صنعاء وذمار وحجة والمحويت وعمران وريمة وصعدة وتعز). وأرجعت مصادر طبية في صنعاء بحديثها لـ«الشرق الأوسط»، أسباب وقوع حوادث الانتحار إلى سوء الأوضاع المعيشية إلى جانب ممارسات القمع والإذلال والتنكيل والبطش الحوثية المتكررة بحق اليمنيين.
وقالت إن معظم حالات ضحايا الانتحار التي سجلت كانت لأشخاص فقدوا أعمالهم ومصادر دخلهم بسبب جرائم وتعسفات ونهب الميليشيات.
وشككت ذات المصادر في صحة تلك الأرقام الحوثية المعلنة للحالات. وأكدت أن ما تزعمه الميليشيات من معلومات ليست دقيقة كون الكثير من الحالات لا يعلن فيها أقارب المنتحر عن الواقعة خشية من أن يلاحقهم العار الاجتماعي.
وفي محافظة إب (170 كم جنوب صنعاء) كشفت مصادر خاصة في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» عن ارتفاع حالات الانتحار بمناطق وقرى متفرقة من المحافظة وسط تكتم شديد من قبل أسر وذوي الأشخاص المنتحرين.
ومنذ الفترة التي أعقبت الانقلاب، تزايدت حالات الانتحار بين اليمنيين خصوصا ممن هم قابعون في مناطق السيطرة الحوثية.
ويرى خبراء علم نفس واجتماع أن الظروف المعيشية والممارسات القمعية التي تنتهجها الجماعة تعد من الأسباب التي تقف وراء انتشار حوادث الانتحار في أوساط اليمنيين بمناطق سيطرة الميليشيات.
ويشير بعض الحقوقيين اليمنيين إلى أن تزايد حوادث الانتحار تعد نتيجة طبيعية للعنف والفقر وسوء المعاملة والفساد الإداري من قبل جماعة الحوثي، حيث يشعر السكان في مناطق سيطرة الجماعة بفقدان الأمل والعزلة والتمييز والعنصرية.
وكان ناشطون وحقوقيون محليون حملوا في وقت سابق الميليشيات، وكيل إيران في اليمن، مسؤولية تدهور الوضع المعيشي بسبب تفشي البطالة وانقطاع الرواتب والنهب الممنهج، وهي الأمور التي زادت من حجم الضغوط والالتزامات المعيشية في الوقت الذي يتنعم فيه قادة الحوثي بالمزيد من الأموال والعقارات.
وبحسب تقارير أممية فإن 80 في المائة من اليمنيين باتوا تحت خط الفقر، و24 مليونا من أصل 30 مليونا يحتاجون لشكل من أشكال المساعدة.