طالب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية من المحكمة الجنائية الدولية المضي قدما بالتحقيق الجنائي في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، بما فيها تهجير الفلسطينيين من بيوتهم في حي الشيخ جراح وباقي المناطق والأحياء الفلسطينية المحتلة، ودعوة المحكمة إلى توفير كل الإمكانيات المادية والبشرية لهذا التحقيق وإعطائه الأولوية اللازمة.
واعتمد المجلس في قراراه الصادر في ختام أعمال دورته غير العادية التي عقدت اليوم "عبر تقنية الفيديو كونفرانس"، تشكيل لجنة وزارية عربية من كل من : المملكة العربية السعودية والأردن وفلسطين وقطر ومصر والمغرب ورئاسة القمة العربية "بصفته" والعضو العربي في مجلس الأمن "بصفته" والأمين العام، للتحرك والتواصل مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرها من الدول المؤثِّرة دوليا؛ لحثها على اتخاذ خطوات عملية لوقف السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة، وتقدم اللجنة تقريرا حول نتائج تحركاتها إلى اجتماع مجلس الجامعة في دورة غير عادية تعقد للغرض.
كما قرر المجلس تكليف المجموعة العربية في الأمم المتحدة في نيويورك لمباشرة المشاورات والإجراءات مع رئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة بما فيها النظر في خيار عقد الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة الخاصة بالأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك تكليف المجموعة العربية في جنيف وباريس بمباشرة المشاورات والإجراءات اللازمة في مجلس حقوق الإنسان واليونسكو ، كل في موقعه؛ لمواجهة وقف الاعتداءات والسياسات الإسرائيلية الممنهجة في مدينة القدس المحتلة.
وأدان المجلس في قراره بشده الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المصلين المسلمين العزل في المسجد الأقصى المبارك، التي تصاعدت على نحو خطير خلال الأسابيع والأيام الماضية من شهر رمضان المبارك، وأدت إلى وقوع مئات الإصابات والاعتقالات في صفوف المصلين، وإلى اقتحام وتدنيس قدسية المسجد الأقصى المبارك، مؤكدا أن هذه الاعتداءات والجرائم تعدّ استفزازأ صارخا لمشاعر المؤمنينن في كل مكان، وتنذر باشتعال دوامة من العنف تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم والإدانة الشديدة لتقويض سلطات الاحتلال لحرية العبادة في المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، بما في ذلك الاعتداء على المصلين العزل في كنيسة القيامة خلال مناسباتهم الدينية.
ووجّه المجلس تحية اعتزازا وإکبار لأبناء وحرائر الشعب الفلسطيني المقدسيين الأبطال، الصامدين في مدينة القدس المحتلة، الذين يدافعون بصدورهم العارية عن المسجد الأقصی المبارك، والمقدسات والممتلكات العربية الإسلامية والمسيحية، في مواجهة الجرائم والاعتداءات الوحشية الممنهجة لسلطات وقوات الاحتلال الإسرائيلي في المدينة المقدّسة.
وحمل مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال مسؤولية ما ينتج عن تلك الجرائم والإجراءات التي تشكل انتهاكات فاضحة لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومطالبة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة، بما في ذلك مجلس الأمن، بتحمل المسؤوليات القانونية والأخلاقية والإنسانية من أجل الوقف الفوري لهذا العدوان الإسرائيلي، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والحفاظ على حقه في حرية العبادة، وحفظ الأمن والسلم في المنطقة والعالم.
وأدان المجلس بشدة قرارات وإجراءات إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال"، ومنظومتها القضائية الظالمة، والحملات الإرهابية المنظمة للمستوطنين الإسرائيليين المدعومة من جيش وشرطة الاحتلال، التي تستهدف جميعها تهجير أهالي مدينة القدس المحتلة، بمن فيهم عائلات حي الشيخ جراح وباقي أحياء ومناطق المدينة، من حملة تطهير عرقي وتثبيت لنظام الفصل العنصري، ترعاها حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
كما استنكر المجلس الوزاري بشدة العدوان الواسع للاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في كل أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، وتحديدا القصف الهمجي الذي تعمّد استهداف المدنيين في قطاع غزة المحاصر واستخدام القوة المفرطة ضدهم، ما أدى إلى قتل وجرح عدد كبير من الأطفال والمدنيين الأبرياء، ودعوة المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل على الأصعدة كافة؛ للجم استهتار الاحتلال الإسرائيلي المتكرر بحياة المدنيين الفلسطينيين والعمل على وقف هذا العدوان ومنع تكراره .
وأكد المجلس الوزاري اعتزام الدول الأعضاء اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة على جميع الصعد والمستويات، بما في ذلك إطلاق تحرك دبلوماسي مكثّف، من خلال الرسائل والاتصالات واللقاءات الثنائية من أجل حماية مدينة القدس والدفاع عن مقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم حقوق أهلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.
وشدّد المجلس على أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، ودورها في حماية هذه المقدسات والوضع القانوني والتاريخي القائم فيها، وفي الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية والمسيحية لهذه المقدسات، والتأكيد على أن إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة الوحيدة المخولة لإدارة جميع شؤون المسجد الأقصى المبارك .
ونوّه المجلس الوزاري بأهمية الدور الذي تضطلع به لجنة القدس برئاسة المملكة المغربية، في الدفاع عن المدينة المقدسة ودعم صمود الشعب الفلسطيني، وكذا أهمية الجهود التي تبذلها وكالة بيت مال القدس التابعة للجنة القدس.
وكلّف المجلس الأمانة العامة للجامعة بتنسيق التحرك مع منظمة التعاون الإسلامي؛ لحماية مدينة القدس المحتلة من السياسات والاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة، داعياً البرلمان العربي للتحرك العاجل مع البرلمانات في الدول المؤثرة لتحقيق أهداف هذا القرار.
كما كلّف مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بعثات جامعة الدول العربية ومجالس السفراء العرب، بإطلاق جهد دبلوماسي مكثّف؛ لنقل مضامين هذا القرار إلى عواصم الدول المؤثِّرة حول العالم.
كما تقرّر إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات المخططات العدوانية الإسرائيلية المذكورة، وتكليف الأمين العام باتخاذ اللازم لمتابعة تنفيذ هذا القرار وتقديم تقرير بذلك للدورة المقبلة للمجلس.