لقي 40 شخصا على الأقل مصرعهم في العراق في موجة جديدة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تحولت لاشتباكات دامية.
وتوُفي اثنان من الضحايا بسبب صدمات من عبوات قنابل الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن على المتظاهرين في العاصمة العراقية بغداد.
وأفادت تقارير إعلامية إن نصف الضحايا قضوا أثناء محاولتهم اقتحام مكاتب تابعة لميليشيات ومقار حكومية.
وقال مصدر أمني لبي بي سي إن العشرات من المتظاهرين دخلوا الى مجلس محافظة واسط.، مشيرا إلى أن "المتظاهرين أحرقوا مكاتب النصر التابعة لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والطليعة، وأيضا مكتبي النائب كاظم الصيادي والنائبة إيناس المكصوصي".
وقتل ثلاثة متظاهرين وأصيب عشرة آخرون بإطلاق نار بالقرب من مقر عصائب أهل الحق التابع لقيس الخزعلي في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوب العراق. وقال مصدر أمني في المحافظة للبي بي سي، إن "المتظاهرين سيطروا على مقر محافظة ذي قار كما تم إحراق مجلس المحافظة بالكامل ومقر هيئة السجناء السياسيين وعدد من العجلات الحكومية في المدينة"، بحسب فريق مكتب بي بي سي في العراق.
ولا تزال الموجهات مستمرة بين المتظاهرين والقوات الأمنية في ساحة التحرير وشارع السعدون وساحة الطيران القريبتين من ساحة التحرير.
وقال شهود عيان للبي بي سي، إن "القوات الامنية أطلقت القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي باتجاه عدد من المتظاهرين الذين حاولوا عبور جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء".
وأصيب حوالي ألفي شخص في هذه الاحتجاجات التي خرجت في جميع أنحاء البلاد، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.
ويطالب المتظاهرون بحل أزمة البطالة، وتحسين الخدمات، والقضاء على الفساد.
وقامت قوات الأمن بقمع احتجاجات مماثلة في وقت سابق من هذا الشهر، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 150 شخصًا.
وأقرت الحكومة العراقية بأن السلطات استخدمت القوة المفرطة في قمع الاحتجاجات.
وقبل الاحتجاجات الأخيرة، أصدر كبار رجال الدين والأمم المتحدة دعوات لضبط النفس.
وحذر عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي الذي تولى السلطة منذ عام، قبل يوم واحد من موجة المظاهرات الجديدة من أن الحكومة لن تتسامح مع العنف.
كما تعهد بتغييرات وزارية وحزمة من الإصلاحات تلبي مطالب المتظاهرين وسط حالة من عدم الاقتناع لدى الكثيرين من المشاركين في تلك الاحتجاجات.
أحدث التطورات تجمع مئات المتظاهرين في ساحة التحرير في العاصمة بغداد منذ صباح الجمعة.
وعندما حاول البعض دخول المنطقة الخضراء، حيث المباني الحكومية، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وقالت مصادر أمنية وطبية لوكالة أنباء رويترز إن اثنين من المتظاهرين لقيا مصرعهما في بغداد جراء إصابتهما بعبوات الغاز المسيل للدموع.
وتظهر صور من بغداد شخصا واحدا على الأقل، يرجح أنه أُصيب بإحدى هذه العبوات، مستلقيا على الأرض دون حراك في الشارع.
وقتل 12 شخصا أثناء إضرام النار في أحد المقرات جنوبي مدينة الديوانية، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن مصادر أمنية.
ولم تؤكد أي جهة رسمية حتى الآن أعداد الضحايا والمصابين. وقالت وزارة الداخلية العراقية إن 68 من قوات الأمن أُصيبوا في جميع أنحاء البلاد.
لكن المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق (وهي هيئة حكومية)، أكدت أن أعداد الجرحي في كافة المدن العراقية، التي شهدت مظاهرات، بلغت 2312 مصاباً.
ووثقت أيضا إلحاق الضرر بنحو 50 مبنى حكومي ومقرات حزبية في محافظات الديوانية، وميسان، وواسط وذي قار، والبصرة، وبابل. وناشدت المفوضية كافة المتظاهرين إلى الحفاظ على سلمية التظاهرات وعدم المساس بالممتلكات العامة والخاصة، كما دعت القوات الأمنية للحفاظ على أرواح المتظاهرين .
وأثار تعامل الحكومة العراقية مع الاحتجاجات هذا الشهر حالة من الاستياء العام في البلاد مع تعالي الأصوات المطالبة باستقالة الحكومة.
وهتف أحد المتظاهرين قائلا: "لسنا جوعى، إنما نريد الكرامة"، بينما قال آخر إن السياسيين العراقيين "يحتكرون جميع الموارد".
وطالب المتظاهرون الحكومة بإصلاح النظام السياسي الطائفي الذي تُقسم فيه السلطات على أساس ديني وعرقي.
ماذا حدث؟ بدأت المظاهرات في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في العاصمة العراقية بغداد، وكان أغلب المشاركين فيها من الشباب والعاطلين عن العمل.
وبعد استخدام قوات الأمن الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، تصاعدت حدة التوتر وانتشرت الاضطرابات في مدن أخرى.
وتعهدت لجنة حكومية، كُلفت بالتحقيق في الأحداث، إن 149 مدنيا وثمانية من قوات الأمن قتلوا في المظاهرات في الفترة من الأول إلى السادس من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وتوصلت اللجنة إلى أن "الضباط والقادة فقدوا السيطرة على قواتهم أثناء الاحتجاجات، مما تسبب في حالة من الفوضى."