يعيش الشعب اليمني حالياً على وقع أزمات وكوارث متتابعة، في الوقت الذي تتجاذبه مخاوف السقوط الوشيك للدولة، وبين هذا وذاك تضمحل آمال هذا الشعب، وبالتحديد شريحة الشباب، كلما آخذ الصراع القائم منحىً جديداً ذا بعدٍ مناطقي أو مذهبي أو عنصري.
مؤخراً شرعت البعثات الدبلوماسية الغربية والعربية في النزوح من اليمن، في مؤشر جديد على خطورة الوضع الذي وصلت إليه البلاد، منذ إعلان الحوثيين لـ"الإعلان الدستوري"، في الوقت الذي يلوح في الأفق خطر أكثر كارثية، وفي حال حدث – لا قدر الله – فإن الدولة ككيان لن تصمد أبدا، ولن يكون هناك أساساً وطن ولا دولة نتصارع عليها، إنها الحرب الوشيكة في مأرب، المحافظة النفطية، ومخزن الدولة الاقتصادي.
وازدادت الأمور سوءاً، حينما تمكن الحوثيون من إضعاف الدولة، والسيطرة على مؤسساتها المدنية العسكرية، والتي توجت بدفع الرئيس والحكومة إلى الاستقالة، وهو ما منح الجماعة السيطرة التامة على القرار العسكري وكذلك السياسي، عبر ما يسمى بـ"اللجنة الثورية"، الأمر الذي يعني أن الحوثيون باتوا قادرين على خوض الحرب في مأرب بإسم الدولة، وتحت لافتة الجيش، الذي بات بإمكانهم أيضا التحكم فيه، بحكم تشكيلهم لجنة أمنية، مفصلة على مقاسهم.
إلا أن مغادرة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى محافظة عدن، وإصداره بيان أعلن فيه بطلان كل التحركات التي حدثت، والقرارات التي صدرت، والتعيينات التي تمت بعد 21 سبتمبر الماضي، كل هذه قد تشكل فرقاً بسيطاً بخصوص الوضع في مأرب.
قبائل مأرب من جانبها سارعت إلى إعلان وقوفها إلى جانب الرئيس عبد ربه منصور هادي، وطالبته بإعلان عدن عاصمة مؤقتة إلى حين إستعادتها من أيدي المليشيات المسلحة.
مأرب والإعلان الدستوري
ما إن أصدر الحوثيون "الإعلان الدستوري" الذي وصفته معظم القوى السياسية والاجتماعية والقبلية والثورية في اليمن، بالإعلان الإنقلابي، سارعت السلطات المحلية، والقوى السياسية والشبابية في عدد من المحافظات الجنوبية ومحافظات الشرق والوسط إلى إعلان رفضها المطلق لذلك الإجراء، وقد كانت محافظة مأرب، سلطةً وقبيلةً، في مقدمة الرافضين لذلك الإعلان، حيث أعلنت المحافظة وقف التعامل تماما مع صنعاء، بحكم أنها صارت محتلة من قبل الحوثيين.
وما يميز محافظة مأرب، أن السلطات المحلية، والأجهزة الأمنية والعسكرية وقبائل المحافظة أعلنوا جميعا موقفا واحداً رافضا للإنقلاب الحوثي، كما أنهم أعلنوا أن السلطة المحلية وقوات الجيش والأجهزة الأمنية إلى جانب قبائل المحافظة سيقفون جميعاً سداً منيعاً أمام أي محاولات من قبل المليشيات الحوثية لاقتحامها، مؤكدةً أن حربهم ستكون دفاعاً عن النفس والعرض والكرامة، وأن الموت دون احتلال المحافظة من قبل الحوثيين سيكون أمراً مستحباً.
من ناحيةً أخرى، كانت مصادر مطلعة، أفادت بأن الرئيس هادي رفض منح الحوثيون، قراراً بإعطاء شرعية للحرب على مأرب، تخوضها الدولة، بينما هم يقفون وراءها، الأمر الذي دفعهم لإسقاطه، ومن ثم إصدار إعلان دستوري، أعقبه تشكيل لجنة أمنية، موالية للحوثي، حيث يتوقع أن الحوثيين لن يتوانوا عن توجيه اللجنة الأمنية لإصدار قرار لشن حرب على محافظة مأرب.
ورداً على هذا المسعى، أفادت قبائل مأرب، أنه في حال شن الجيش حرباً على المحافظة، لمساندة الحوثيين، فإنها لن تُبقي على شيء في المحافظة، يمكن للإنقلابيين أن يستفيدوا منه لإقامة دولة، على أشلاء أبناءهم، ما يعني أن الحرب في مأرب، تعني تهديداً مباشرا لثروات البلاد السيادية.
عبد الملك الحوثي يشترط الحرب على مأرب
في أكثر من خطاب وأكثر من مناسبة كرر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي هجومه على قبائل مأرب وسلطتها المحلية، وقوى الجيش، زاعماً أن المحافظة تحوي معسكرات لتنظيم القاعدة.
وهذه النغمة، لطالما تكررت في بيانات جماعة الحوثي، والتصريحات الصادرة من قياداتها، ما يعني أن الجماعة مصرّة على الدخول إلى هذه المحافظة، مهما كانت الأثمان، وأن تأخرها حتى الآن، إنما هو بسبب صلابة الجبهة الداخلية للمحافظة، فضلا عن التداعيات الغير مشجعة في المجال السياسي والاقتصادي، خصوصاً العزلة الدبلوماسية التي بدأ يفرضها المجتمع الدولي على اليمن، بسبب سيطرة المليشيات الحوثية على السلطات والمؤسسات التشريعية، وما يترتب على ذلك من توقف لاتفاقيات القروض والمنح مع المانحين، ما يعني انهيار وشيك ومؤكد للإقتصاد الوطني.
بنعمر يحذر
في إحاطته التي قدمها إلى مجلس الأمن خلال الجلسة التي عقدت لمناقشة الشأن اليمني مساء الخميس قبل الماضي، حذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن السيد جمال بنعمر من احتمال اندلاع حرب أهلية في اليمن، مشيرا إلى أن اليمن صار بين خيارين، "إما الحرب الأهلية والتفكك، أو إيجاد مخرج يعيد العملية الانتقالية إلى مسارها".
وقال بأن الوضع في مأرب على وشك الانفجار، وأن المفاوضات التي كانت جارية حتى قبيل جلسة مجلس الأمن، تسعى بشكل أساس إلى الحيلولة دون انزلاق اليمن إلى الحرب الأهلية، والتي قد تكون في محافظة مأرب شرارتها الأولى.
كارثة اقتصادية
تشير الأرقام إلى أن محافظة مأرب تنتج حوالي 70% من إجمالي صادرات النفط اليمنية، في الوقت الذي يعتمد الاقتصاد اليمني بالدرجة الأساسية على صادرات النفط والغاز، وأي تهديد لهذه المحافظة، يمثل بشكر مباشر تهديداً خطيرا للوطن ولكل مواطن يمني.
علماً بأن التقارير الاستكشافية، تشير إلى أن محافظة مأرب "تقع على بحيرة من النفط تمتد شرقًا إلى محافظة شبوة، وغربًا باتجاه محافظة الجوف"، بالإضافة إلى أنه "يمتد منها الأنبوب الرئيسي لضخ النفط من حقول صافر إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر غربي البلاد بمحافظة الحديدة"، كما يمتد فيها"أنبوب لنقل الغاز المسال إلى ميناء بلحاف جنوبًا على بحر العربي بمحافظة شبوة"، إلى جانب "وجود محطتي مأرب الغازيتين اللتين تُمدان العاصمة صنعاء وعدة مدن يمنية بالطاقة الكهربائية".
وإذا كانت هذه هي مكانة محافظة مأرب، الاقتصادية والسيادية، فإن الكارثة حتما ستكون بنفس حجم هذه الأهمية، أي أن أي حرب في المحافظة، تعني بكل تأكيد سقوط الدولة، وانهيار الاقتصاد، فضلا عن الآثار الأخرى كالشرخ الإجتماعي الذي لن يندمل بسهولة، وتحول الصراع إلى صراع مذهبي، كون المحافظة تقع في الوسط بين البيئة الزيدية، والأخرى الشافعية، في محافظات الشرق والجنوب.
مأرب في الملحق الأمني
في 21 سبتمبر الماضي، وقعت القوى السياسية على اتفاقية "السلم والشراكة"، وملحقها الأمن، وفي مقدمة الموقعين جماعة الحوثي المسلحة.
وقد أفرد الاتفاق بندا كاملاً لمعالجة الوضع في مأرب، ضمن بنود الملحق الأمني، وهو البند الخامس، والذي ينص على: "وقف جميع أعمال القتال، ووقف إطلاق النار في الجوف ومأرب فورًا، وانسحاب جميع المجموعات المسلحة القادمة من خارج المحافظتين، مع ترتيب الوضع الإداري والأمني والعسكري. وتؤسس الأطراف آلية تنفيذ حازمة ومشتركة ومحايدة من أجل المراقبة والتحقق".
والمشكلة التي تواجه اليمنيين حالياً أن جماعة الحوثي من جهتها، تفسر الملحق الأمني لاتفاق السلم والشراكة، وبالتحديد ما يخص محافظتي مأرب والجوف، بطريقة تتوافق مع أهدافها، في الوقت الذي يفسر أبناء المحافظتين ذلك الملحق، بطريقة أخرى، معاكسة تماما لما يراه الحوثيون.
بوادر الكارثة
رغم أن الحرب على مأرب يعدّ لها الحوثيون منذ مدّة ليست بالقصيرة، تحت لافتة محاربة تنظيم القاعدة، إلا أن الشرارة التي كادت أن تفتح باب الجحيم على اليمن واليمنيين، وأبناء المحافظة، كانت في 2 يناير الماضي، وذلك حينما استولت قبائل مأرب على كتيبة من الحرس الجمهوري كانت متجهةً من محافظة شبوة إلى العاصمة صنعاء التي يُسيطر عليها الحوثيون، بحجة أنها كانت متجهة للحوثيين، المعسكرين في الجهة الغربية لمأرب.
وقد استغل الحوثيون الحادثة للترويج لضرورة دخول مأرب، لرد الاعتبار للجيش، ولاستعادة أسلحة الجيش التي نهبتها القبائل، وغير ذلك من المبررات ، كالمعسكرات التي أنشئتها قبائل مأرب في نخلا والسحيل لمنع الحوثيين من دخول المحافظة.
كما أن الحوثيين بدئوا في تنفيذ خطة ميدانية، لتطويق مأرب، من خلال السيطرة على مناطق جديدة في محافظة البيضاء، بالإضافة إلى رغبتهم الملحّة للدخول إلى شبوة، لاستكمال عملية التطويق، لولا أن القبائل لهم هناك بالمرصاد.
وبحسب المصادر فإن الحوثيون يحشدون حالياً وبوتيرة عالية لشن الحرب على مأرب، للسيطرة على منابع النفط، وللقضاء على قبائل مأرب التي لا تزال صامدة في وجه مشروعهم الطائفي، حيث يحشد الحوثيون الآلاف من مقاتليهم، بالإضافة إلى أسلحة متنوعة كانوا قد نهبوها من معسكرات الجيش، فضلا عن استمرار ضغطها على وزارة الدفاع، للزج بالجيش، وبالتحديد الموالي للرئيس السابق، والقوات الجوية في الحرب مع القبائل، وهو الأمر الذي يهدد بنشوب حرب طاحنة، قد تصل آثاراها إلى كل منزل، وإلى كل مجال.
وفي المقابل تحشد قبائل مأرب، وفي مقدمتها قبائل (عبيدة، ومراد، وجهم، والجدعان)؛ ما يقارب من 13 مقاتل، لحماية المحافظة ومنع دخول الحوثيين، عاقدين العزم على الحيلولة دون وصول الحوثيين، إليهم، كما أنهم يعتبرون هذه الحرب حرب مقدسة، كونها دفاعا عن العرض والأرض والكرامة.
مغامرة غير محسوبة
يعتقد كثير من اليمنيين، وغير اليمنيين، ممن يهمهم الوضع في اليمن، أن اندلاع الحرب في مأرب، ستكون كارثة حقيقة، لن تتوقف آثاراها عند حدود اليمن، كما أن الكثيرين يعتبرونها مغامرة غير محسوبة النتائج من قبل الحوثيين.
الناشط الشبابي خالد قاسم أوضح بأنه لوتم اجتياح مأرب فستكون مغامرة غير محسوبة النتائج، لأنها "ستساهم في تمزيق النسيج الاجتماعي وتعزيز الدعوات المناطقية والنغمات المذهبية".
وأضاف قاسم في حديث لـ"مندب برس" أن خسائر الحرب على مأرب، البشرية والمالية ستكون هائلة، كما أن تنظيم القاعدة سيكون أول المستفيدين، من ذلك، كونه سيكسب تعاطف، وبيئة حاضنة، ربما تتجاوز حدود مأرب، حد قوله، وأشار إلى أن هناك خيارات عدة للتعامل مع الأزمة في مأرب، غير الاجتياح ، وذلك عبر أجهزة الدولة ومؤسساتها، وعبر الحوار الجاد والبناء الذي يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
حرب بلا غطاء
من جانبه أوضح الصحفي يحيى اليناعي، أنه حينما اقتحم الحوثي صنعاء كان يتوفر لديه غطاء ومساندة محلية تتمثل في النظام السابق والرئيس هادي ووزير الدفاع السابق ومعظم المكونات السياسية، وكذلك غطاء ودعم إقليمي خليجي وإيراني، إضافة إلى دعم أمريكي وغطاء دولي كان يوفره جمال بن عمر، مشيرا إلى أنه بذلك متخففا من أي اعتبارات، وليس لديه ما يخسره أن خسر الحرب على صنعاء.
وأشار إلى أن الوضع في مأرب يتخلف تماما، منوها إلى أنه في حال أعلن الحوثي الحرب على مأرب فإن اختلالا سيحصل في موازين القوة، منوها إلى أن "الحوثي الذي كسب صنعاء وسيطر على أجهزة الدولة خسر من حالفوه أو على الأقل كانوا راضون بما يفعل، كالرئيس هادي والحراك الجنوبي والمكونات السياسية ودول الخليج، إضافة إلى النظام السابق الذي وإن كان ما يزال متحالفا معه فانه يتربص به للتخلص واستعادة السلطة".
وقال اليناعي : "ولا ننسى أن الحوثي اليوم واقع في مأزق الحفاظ على مكتسباته التي حققها بالحرب، إذ أن أي هزيمة له في مأرب ستكون بداية السقوط للحوثي"، مشيرا إلى أن الحوثي إذا دخل الحرب مأرب فسيخوضها مع كل من سبق من الخصوم، وهو محمل بقلق الفشل والهزيمة وخسارة كل مكتسباته.
وأضاف بأن الحوثي سيحاول أن لا يخوضها إلا وقد ضمن انتصاره فيها، لكن ما يبدو أنها ستكون الحرب التي يجتمع فيها حلفاء الأمس خصوم اليوم ضده، مختتما حديثة لـ"مندب برس" بالقول: " قد يغامر الحوثي ويدخل الحرب باسم الدولة، لكنه على الأرض سيكون وحيدا، وستقلب هذه الحرب كل الموازين".
ساحة للصراع الإقليمي
يرى الكاتب والحلل السياسي عباس الضالعي أن مأرب بالنسبة لمليشيا الحوثي، التي سيطرة علي الدولة واغتصبت السلطة بقوة السلاح منطقة استراتيجية وهامة اقتصاديا وامنيا وجغرافيا ، لأنها تحوي النفط والغاز والكهرباء، وهي عوامل ضرورية للسلطة الحاكمة.
وأضاف بأن مأرب أيضا تمثل أهمية استراتيجية بالنسبة للمشروع التوسعي الإيراني الذي تعتبر جماعة الحوثي أحد أدواته، مشيرا إلى أن البسط علي مأرب يعني التواجد الإيراني المسلح علي الحدود الجنوبية للسعودية ومنفذ مهم للسيطرة علي شرق اليمن ( حضرموت والمهرة) ومنها التواجد الإيراني علي البحر العربي .
وقال الضالعي في حديث لـ"مندب برس" أن سيطرة مليشيا الحوثي علي الدولة ومؤسساتها لم يكن بفعل ذاتي من الجماعة، وإنما بفعل الدعم المحلي عن طريق الرئيس السابق علي صالح والدعم الإقليمي المالي والسياسي والإعلامي تحت ذريعة مكافحة الأخونة.
وأضاف الضالعي : " زعيم جماعة الحوثي في كل خطاباته المتلفزة يركز علي مأرب وهذا التركيز ينسجم مع الرغبة الأمريكية فمأرب بالنسبة للحوثي وأمريكا قاسم مشترك لما تعتبره أمريكا أن مأرب حاضنة شعبية للعناصر الإرهابية وخطاب مليشيا الحوثي يركز علي هذه النقطة تحديدا ، لأن مكافحة الإرهاب تعتبر عربون الثقة لكسب ود أمريكا والحوثي يتعامل مع كل خصومة سواء من أقصى اليمين إلي أقصى اليسار كدواعش وإرهابيين وتكفيريين وهذه المصطلحات تطلق علي كل من يرفض التواجد المسلح لمليشيا الحوثي ، وهنا ندرك اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية ودعمها لهذه المليشيا التي أصبحت تحرك طائراتها بدون طيار لخدمة هذه المليشيا ، وهذا التعاون له ارتباط بعلاقة أمريكا وإيران والصفقات السرية والعلنية بينهما وكلها تستهدف المنطقة" .
وقال بأن الحشد المليشاوي المسلح لجماعة الحوثي علي مأرب أصبح شبه مكتمل، خاصة بعد سيطرة المليشيا الحوثية علي جزء كبير من محافظة البيضاء، مشيرا إلى أنه لم يتبقي لإعلان ساعة الصفر سوي الضوء الأخضر من علي صالح للقيادات الموالية له بتقديم الدعم لمليشيا الحوثي أسوة بما حدث في حاشد وعمران وصنعاء وباقي المحافظات التي استولت عليها مليشيا الحوثي وبدعم من علي صالح .
وأكد الضالعي أن "السيطرة علي مأرب لن تكون سهلة، ولن تكون كالمحافظات السابقة لأهميتها الإستراتيجية علي المستوي المحلي والإقليمي، وأن مأرب ستكون أرض معركة للصراعات الإقليمية والدولية لأهمية موقعها الجغرافي والاقتصادي والأمني"، مشيرا إلى أنه "ربما تكون معركة مأرب هي معركة وجود ومصير للقوى المتصارعة علي أرض مأرب، نيابة عن إيران وأمريكا والإمارات من جهة وبين السعودية وقطر وتركيا من جهة أخري وبين الفريقين تتوزع قوى الداخل اليمني وهذا يقودنا إلي معركة طاحنة ربما يتوسع الأمر إلي اندلاع حرب أهلية لمأرب وما هو ابعد من مأرب ".
وأختتم حديثة بالقول : "مأرب هي الشوكة التي وقفت بحلق مليشيا الحوثي والرئيس السابق ، وهما يسعيان إلي تأديبها كلا وفق أهدافه ، دون الاهتمام بالهدف اليمني من اعتبار مأرب مصدر الطاقة " النفط والغاز والكهرباء " التي قد تدمر بفعل هذا الجنون ".
تشجيع الإنفصال
يرى العديد من المحللين والمتابعين للشأن اليمني، أن الحرب في مأرب في حال اندلعت، فإنها ستكون المسمار الأخير في نعش الوحدة اليمنية، سيما أن ثمة فصائل جنوبية، تطالب بفك الإرتباط، وانفصال الجنوب عن الشمال.
وفي هذا السياق، قال رئيس الكتلة البرلمانية الجنوبية في مجلس النواب، فؤاد واكد لـ"سكاي نيوز عربية"، في وقت سابق، أنه في حال بدأت جماعة الحوثيين الحرب على محافظة مأرب فإن الجنوب اليمني سيعلن نفسه "دولة مستقلة حرة".
الآثار المترتبة على حرب مأرب
ما من شك أن دخول مأرب في أتون الحرب، ستكون آثاره كارثية على اليمن وعلى الإقليم، فعلى المستوى الداخلي، ستدمر الحرب آبار وإمدادت النفط والغاز، والكهرباء، ما يعني فقدان ما لا يقل عن 70% من إيرادات الدولة.
وبحسب مراقبين فإن اليمن لن تحتمل وقوع مثل هذه الخسائر، ما يعني أن الدولة ستنهار في أسرع وقت، بسبب عجزها عن تغطية نفقات الدولة، وخصوصا فيما يتعلق بالأجور وغيرها من النفقات.
كما أن سيطرة الحوثيين على مأرب، يعني أنها وضعت يدها على قوة غير تقليدية، قد تمكنها من فرض توطيد سيطرتها على الدولة، وكذا قد يدفعها ذلك للاتجاه نحو التحلل من تحالفاتها، بل وربما البدء باستئصالهم، ما يعني استمرار سيناريو التصفيات، وحروب الهيمنة، وامتدادها إلى مناطق أخرى.
كما أن ذلك يعني انتصارا ساحقاً للمشروع الإيراني في الجزيرة العربية، وهو الأمر الذي يهدد أمن المنطقة والخليج العربي، والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، وهو ما قد يجعل اليمن، منطقة معزولة عن دول الإقليم، أي أنها ستظل في حالة اضطراب دائم، بسبب تخلي دول الجوار عنها، مقابل عدم قبولهم بقيام دولة ذات تحالف وثيق مع إيران في اليمن.