الرئيسية > اخبار وتقارير > هل تتحقق نبوءة "بلومبيرغ" لعام 2017 بانعزال أمريكا عن العالم؟

هل تتحقق نبوءة "بلومبيرغ" لعام 2017 بانعزال أمريكا عن العالم؟

بات استشراف انعزال أمريكا عن العالم أقرب للحقيقة يوماً بعد يوم، في ظل مواقف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي يعادي فيها المنظمات الدولية، وتصاعد الإعلان عن انسحابات بلاده وتنصلها من اتفاقاتها المبرمة مع بعض الدول.

بوادر انعزال أمريكا عن حلفائها ظهرت منذ فوز ترامب بالرئاسة، وتبنيه سياسة "أمريكا أولاً"، وعدم اهتمامه بقضايا السياسة الخارجية، والحديث عن نيته الانسحاب من بعض المنظمات الدولية (الناتو، واليونسكو، وحتى الأمم المتحدة)، ومن اتفاق المناخ ونافتا، إلى انسحاب أحادي من الاتفاق النووي، وفق الباحث في الشأن الأمريكي، عبد الرحمن السراج.

موقع "بلومبيرغ" الأمريكي كان قد فجّر في يناير الماضي نبوءته بانعزال أمريكا، وذلك في "دليله المتشائم" الذي نشره في توقعاته لعام 2017.

السراج قال لـ"الخليج أونلاين": "تبدو أمريكا الآن من قبل حلفائها شريكاً لا يمكن الاعتماد عليه في عدد من قضايا السياسة الدولية"، كما صرحت أنجيلا ميركل مؤخراً: "الوقت الذي كنا فيه نعتمد فيه كلياً على الآخرين قد انتهى"".

وأشار في حديثه إلى تحذير الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش، (الخميس 19 أكتوبر)، من عودة الانعزاليين إلى السياسة الأمريكية، الذين نسوا بحسب قوله أن الأمن الأمريكي مهدد مباشرة بالفوضى واليأس في الأماكن الأخرى من العالم.

وقال السراج: "قبله بثلاثة أيام وصف السيناتور المخضرم جون ماكين الانعزالية بأنها الخوف من العالم الذي نظمته الولايات المتحدة وقادته لثلاثة أرباع قرن، والتخلي عن القيم التي عزّزتها وأن ترفض واجبها بقيادته، من أجل انعزالية زائفة نصف-ناضجة (نصف استواء) أُوجِدَت من قبل أناس يبحثون عن كبش فداء، بدلاً من إيجاد حلول للمشاكل".

- ضد مصلحة أمريكا

"الانعزالية في الحقيقة قد لا تكون بمصلحة الولايات المتحدة، إذا استفزت سياستها حلفاءها أو شركاءها الاقتصاديين وأهمهم أوروبا"، وفق السراج.

وأوضح لـ"الخليج أونلاين" أن "انسحاب أمريكا من الشراكات السياسية والأمنية والاقتصادية الأوروبية سيترك فراغاً لتملأه قوى أخرى، وكان أول انسحاب أمريكي في هذا الصدد من مفاوضات الشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للمحيط الأطلسي (TTIP)".

وتوقعت "بلومبيرغ" أيضاً أن يقضي ترامب الأشهر الأولى من ولايته في التشكيك بمصداقية التزامات أمريكا بجميع أنحاء العالم، ويعلق عضوية بلاده بمنظمة حلف شمال الأطلسي، ثم بالأمم المتحدة، ما يجعل خصوم واشنطن التقليديين ينتعشون بالفراغ الناجم عن ذلك.

كما يهدد ترامب عدداً من اتفاقية الشراكة الاقتصادية الأخرى، مثل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA)، واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الوسطى (CAFTA)، واتفاقية التجارة مع كوريا الجنوبية (KORUS)، فضلاً عن مفاوضات اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادي التي بدأها أوباما وانتهت حُكماً بوصول ترامب للرئاسة.

- أول الخاسرين

وبين السراج أن "أول الخاسرين من الانسحاب من هذه الاتفاقيات هم المواطنون، وخاصة العاملين في المزارع والمصانع التي تصدر لهذه الدول، مثل مزارعي ولايات غرب الوسط التي تصدر إلى المكسيك مثل تكساس".

وتابع: أنه "ربما يكون أكثر الرابحين على المديين المتوسط والبعيد الصين وفيتنام، اللتين قد تنتقل إليهما صناعات قطع السيارات والطائرات من المكسيك، بعد إلغاء ميزة تعويض فرق رخص اليد العاملة بموجب الاتفاقيات مع المكسيك وكوريا الجنوبية".

- انسحابات متتالية

رغبات أمريكا بالانسحاب توالت بدءاً من اتفاق باريس، وحتى الاتفاق النووي الإيراني، وصولاً إلى الانسحاب من "اليونسكو".

إذ اتخذت واشنطن قرارها بالانسحاب من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، اعتباراً من 31 ديسمبر القادم، بعد توقفها منذ سنوات عن تمويلها، وعن التصويت، حيث كانت متوقفة عن أداء دورها كعضو فيها.

كما هدد ترامب في استراتيجيته الجديدة التي أعلنها مؤخراً، بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، حال فشل الكونغرس الأمريكي وحلفاء واشنطن في معالجة "عيوبه"، متوعداً بفرض "عقوبات قاسية" على طهران.

وقال الخبير البريطاني في الشؤون الدولية رودني شكسبير: إن "ترامب عزل بلاده بشكل عملي من خلال عدم تأييده للاتفاق النووي مع إيران"، مشيراً إلى "سياسات أمريكا التصعيدية في أنحاء العالم"، في تصريح لـوكالة تسنيم الدولية للأنباء في (15 أكتوبر).

وأُعلن في يونيو الماضي، انسحاب واشنطن من اتفاقية المناخ التي كانت إدارة سلفه باراك أوباما تعتبرها إنجازاً تاريخياً لها، وقال ترامب في تغريدة بـ"تويتر" إنه سينسحب من الاتفاقية من أجل مصلحة أمريكا.

ليون بانيتا، وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، والمدير السابق للاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، اعتبر أن ترامب يمثل "درجة كبيرة من الفوضى" و"لا يعترف بحقائق العالم"، وقال: إن " ترامب يتخذ خطوات للتخلي عن مسؤولياتنا، وليس لديه بالفعل استراتيجية عن كيفية تقدُّم البلاد"، في مقابلة مع "CNN"، الأربعاء (18 أكتوبر).

من جهته قال سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، في تصريح لموقع "الفجر" الخميس (12 أكتوبر):

إن "ترامب منذ انسحابه من اتفاقية المناخ، اتضح موقفه المعادي من المنظمات الدولية بشكل عام، ووراء انسحاب أمريكا من "اليونسكو" إنذار إلى تلك المنظمات لتجري إصلاحات أكثر، حتى لا ينسحب من أخرى، ما يزيد من خسائر الأمم المتحدة".

وكانت أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أبرمت، في يوليو 2015، اتفاقاً مع إيران، وافقت بموجبه طهران على تقييد برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب هذا البرنامج، إلا أنها لم تلتزم بشكل مقْنع بالنسبة للمجتمع الدولي، وأجرت العديد من التجارب الباليستية.

واتفاق باريس للمناخ هو أول اتفاق دولي شامل للحد من انبعاثات الغازات المضرة بالبيئة، وجرى التوصل إليه في 12 ديسمبر 2015، بالعاصمة الفرنسية، بعد مفاوضات بين ممثلي 195 دولة.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)