الرئيسية > اخبار وتقارير > خليج عدن.. "الجرف الصيني" مستمر والأسماك لم تسلم من حرب الحوثيين (تحقيق)

خليج عدن.. "الجرف الصيني" مستمر والأسماك لم تسلم من حرب الحوثيين (تحقيق)

خليج عدن.. "الجرف الصيني" مستمر والأسماك لم تسلم من حرب الحوثيين (تحقيق)

يعتاد الناس على ارتياد أسواق الصيد المبثوثة بمديرياتها الثمان كعادتهم ظهيرة كل يوم كون _السمك_ الوجبة الرئيسية لسكان المدينة الساحلية عدن لشراء ما يجود به البحر العربي وخليج عدن بأصناف الأسماك والأحياء البحرية.

 

يتزاحم عشرات الصيادين على مرفأ ساحل صيرة صباح كل يوم لخوض البحر _كالعادة_ للصيد على أمل بيعه في الأسواق المحلية أو تصديره إلى المحافظات الأخرى؛ إلا أن حرب الحوثيين حالت دون ذلك مما أثر سلباً على الصيادين إضافة إلى مأساة البحر جرى عملية الجرف للشركات الصينية للأسماك عشوائياً.

 

تأثير الحرب على الصيادين؟

 

 يصف الصيادون بساحل صيرة بعدن أن الحرب أثرت عليهم بشكل كبير بسبب توقف عملية التصدير للأسماك والمعمول به سابقاً _أي_ إلى ما قبل اجتياح مدينة عدن بتاريخ 25مارس /آذار من العام الماضي.

 

صيادون لـ"مندب برس" تحدثوا عن حجم المعاناة التي يعيشونها جرى توقف التصدير والذي كان بالنسبة لهم عمود تجارتهم الفقري من خلال العائدات التي كان يجنيها الصياد الواحد من خلال وجود الأسواق التي تشتري منه ما يصطاده يومياً والتي كانت في الغالب من المُصدرين إما محلياً أو دولياً.

 

 

يضيف الصيادون: ؛ بأن السوق المحلي _سوى كان على مستوى محافظة عدن نفسها أو أيٍ من المحافظات المجاورة_يخذ ما نسبته النصف مما يصطاده الصيادين كل يوم ليتلف كميات كبيرة من الأسماك كل يوم نظراً لزيادة العرض وقلة الطلب.

 

فيما يذهب مواطنون بقولهم "أن الحالة المادية للناس أيضاً لها تأثير بالغ الأهمية في القدرة الشرائية _ خاصة بعد الحرب _ فتحول شراء الصيد من الضروريات إلى الكماليات ليعزف عنه الكثيرين مما أنعكس سلباً على الصيادين أنفسهم"

 

الصيد من الضروريات إلى الكماليات

 

يقف بائع الصيد أحمد أمام منضدته في "سوق كريتر للسمك" وهو يصرخ بصوته الجهوري "الصيد الطري" مخاطباً المارة ويمناه تقبض على سكين تقطيع الأسماك علّ أحدهم سيلبي نداه ويشتري منه سمكاً.

 

ويقول الشاب أحمد: " أن هذا العام هو الأسوأ بحياة الصيادين على الإطلاق من حيث تراجع عملية البيع بشكل كبير وتدني نسبة إقبال المواطنين على شراء السمك رغم سعره المناسب".

 

ويضيف أحمد لـ"مندب برس": "صحيح أن العام الماضي شهد توقفاً تاماً لعملية الصيد والبيع بسبب الحرب ولكن هذا العام الذي تلا عملية الحرب وتحرير المدينة من المفترض أن يكون فيه المواطن مقبل على شراء السمك كونه من الضروريات التي اعتاد سكان المدينة والوافدين على شراءه بشكل مستمر".

 

 

إلا أن أحد زبائنه، برر عملية تدني نسبة الإقبال علي الصيد وأرجعها إلى الحالة المادية للمواطنين وتحويل شراء الصيد من الضروريات إلى الكماليات وذلك بسبب الاكتفاء بالأشياء الأساسية كسكر والرز والدقيق والزيت.

 

ويردف خلال حديثه لـ"مندب برس": "تحولت فكرة شراء الصيد من يومية إلى أسبوعية وتخفيض النسبة عند البعض من شراء كيلو إلى نصف كيلو أو الربع في أحسن الأحوال وذلك من أجل الاسترشاد في المصروفات".

 

 علاقة الحوثيين بتوقف التصدير

 

بدوره يشير الأمين العام لجمعية الصيادين بخليج صيرة، إلى أن عشرات الشركات المحلية والخارجية والتي كانت تقوم بعملية شراء الصيد وتصديره توقفت نشاطها نهائياً منذ اجتياح محافظة عدن على أيدي جماعة الحوثي العام الماضي.

 

ويتابع محمد هادي لـ"مندب برس" قوله: "أن الشركة اليمنية والمونيا الصومالية ومصنع حضرموت لتعليب التونة ومصنع شقراء ومصنع الغويزي والشركة العمانية لتعليب الأسماك وشركة جيزان للتصدير وعدد من المصدرين المحليين توقفوا عن تصدير الأسماك من بحر عدن بسبب الحرب".

 

وأعاد هادي الأمر إلى ما سببته الحرب واقتصار التصدير إلى المحافظات المحررة مع الإبقاء على توقيف التصدير أيضاً على محافظات تعز وإب وصنعاء وغيرها جرى ما تتعرض له هذه المحافظات من عدوان حوثي.

 

 

فيما كانت كميات الصيد المستخرجة يومياً من خليج عدن والبحر العربي فقط، إلى ما قبل الحرب، والتي يقدر إنتاجها اليومي بما قداره من (8 إلى 10) طن من الأسماك وفي أغلب الأحيان يصل الإنتاج اليومي من (15 إلى 20) طن ؛ إلا أن توقف التصدير وعدم وجود حافظات كبيرة للأسماك تعرض كميات كبيرة منه إلى الإتلاف بُعيد اكتفاء السوق المحلي عن حاجته ؛ حسب تأكيده لـ"مندب برس".

 

البواخر الصينية لعنة الحكومة على البحر

 

بعد عملية استقصائية، حصل  "مندب برس" على تأكيدات من خبراء في علم البحار مفادها، أن عملية جرف الأسماك بتلك الطريقة العشوائية التي كانت تنتهجها البواخر الصينية والتايلندية من اصطياد للأسماك بطريقة عشوائية تضررت بموجبها الثروة السمكية بشكل كبير إضافة إلى تأثيرها سيستمر على مدى عشرين عام.

 

 

وتابع الخبراء: "بأن الصيد العشوائي من خلال البواخر الأجنبية بخليج عدن والبحر العربي قضت على كثير من الشُعب المرجانية وجرفت أعشاش الأسماك الصغيرة، إلا أن الأسماك في البحر العربي وخليج عدن يتميزان بالتجديد كونهما يحددان المحيط الهندي والبحار التي تحادد المحيطات _غالباً ما تكثر فيها الأسماك بشكل كبير".

 

 وأتهم الأمين العام لجمعية الصيادين بخليج عدن محمد هادي جهات حكومية بتسهيل عمل بواخر الصيد الصينية والتايلندية وإصباغهم بالصبغة القانونية، بل، والمشاركة في هذه الجريمة حد وصفه.

 

وأتهم الرجل رئيس الوزراء الأسبق عبد القادر باجمال بالمشاركة في هذه الجريمة التي اعتاد على تسميتها، كعادته، والتي أفضت إلى التسبب بكارثة سمكية على المدى البعيد؛ واصفاً إياه بالشريك الرئيسي بمعية الصينيين.

 

ويعد باجمال، حسب مدير جمعية الصيادين، صاحب الامتياز الأكبر بعملية الصيد العشوائي التي كانت بموجبها الشركات الأجنبية تجرف الثروة السمكية من خليج عدن والبحر العربي بطريقة مخالفة لقوانين الاصطياد؛ إلا أن التحذيرات المتكررة لم تجد لها أذان صاغية كون الشركات تعمل بحماية ونفوذ كبيرين حسب الرجل.

 

ويروي صيادون لـ"مندب برس" عملية الاصطياد العشوائي للشركات الصينية قبل 12 عام من الآن وذلك من خلال عملية اصطياد جميع أنواع الأسماك وبكل الأحجام كـ (الديرك والسخلة والثمد والزينوب والشروخ والجمبري والعربي والجحش وغيره).

 

إلا أن هذه الشركات عادة ما تأخذ أنواع معينة من الأسماك وبأحجام منتقاة وتقوم برمي كميات كبيرة من الأسماك التي لا ترغب فيه مرة أخرى إلى البحر وتموت الأسماك مباشرة فور إخراجها من الماء وإعادتها إلى البحر تسببت في حدوث كارثة.

 

ويضيف الصيادون بقولهم: "كانت سنوات عجاف بالنسبة لنا كون الجرافات الكبيرة _حينها_ تأخذ كل الأسماك ومعها يستحيل على الصياد صاحب القارب الصغير أن ينجح في عمليات الصيد إلا شيء من الأسماك قليل والتي لا تغني ولا تسمن جوع".

 

مأساة لا تنتهي

 

وشاع بصيص أمل وبعد انقضاء أجل حكومة باجمال والتي استمرت زهاء الثلاثة أعوام _أي_ من فترة مابين (4إبريل 2001م حتى 16مايو 2003)،  وما شابها من مأساة التجريف للأسماك وتتميز هذه الفترة بالعمر الذهبي لعملية الصيد العشوائية في البواخر الأجنبية ؛ إلا أن بانتهاء هذا التاريخ عمل رئيس الحكومة على محمد مجور _خلفه_ على إيقاف عمل هذه الشركات لعدم قانونيتها حسب جمعية الصيادين لـ"مندب برس".

 

ورغم انتهاء الثلاثة أعوام ومراجعة اتفاقيات الصيد للشركات الصينية بدأت مرحلة جيدة بالنسبة للصيادين وللصيد أيضاً ؛ إلا أن مشاكل زيادة العمالة وتدهور أوضعها بعد عام (1990)م شكّل مصاعب إضافية من خلال عدم اهتمام الدولة بالإنتاج السمكي والذي تحول بعدها إلى صيد فردي حسب عبد الله النسي رئيس الهيئة العامة للمصائد السمكي بخليج عدن.

 

  ويعيد النسي هذا التراجع في عملية الإنتاج السمكي إلى توقف عمل الثلاجات والحافظات الخاصة بالأسماك والورش المركزية والأرصفة.

 

 

فيما تشكل توقف ثلاجة "دكُيار" لحفظ الأسماك والكائنة بمدينة المُعلى، بعدن، مشكلة كبيرة في نظر شركات التصدير الخارجية والتي طالما كانت الجوهرة الذهبية بالنسبة للحكومة اليمنية والتي تجنى من بعدها الحكومة الملايين؛ إلا أن التهميش الواضح أضحى جلياً من خلال إهمال تشغيلها ومتابعتها وصيانتها حسب عمال "دكُيار لـ"مندب برس".

 

ثلاجات لحفظ الأسماك .. مطلب الصيادين

 

وسبق لحكومة اليمنية الشعبية الديمقراطية أن قامت في إنشاء ثلاجات "دكُيار" لحفظ الأسماك المستخرج من خليج عدن والبحر العربي؛ إلا أن الوضع أزداد سوء وتراجعت عملية حفظ الأسماك في ثلاجة عمراها تجوز عشرات السنين دون أي اهتمام يذكر مع العلم بأن اهتمام الدولة في هذه الثلاجة سيدر لخزينة الدولة المليارات حسب مراقبين.

 

وتتكون "دكُيار" من مصنع للثلج الخاص بالأسماك بالإضافة إلى (4) مخازن و (3) مجمدات كبيرة تحت درجة برودة تزيد عن (16درجة مئوية) ؛ وتقوم المحطة بعملية تنظيف الأسماك قُبيل تخزينه وتعد هذه المحطة مملوكة للدولة تستخدمها شركات التصدير الأجنبية وفق مبالغ مالية كبيرة حسب مصدر عمالي لـ"مندب برس".

 

ويطالب عدد من الصيادين الحكومة ممثلة بوزارة الثروة السمكية بسرعة إنشاء محطة لتثليج الأسماك وذلك لحفظ الكميات الفائضة والتي تزيد عن الاحتياج اليومي ومن أجل فتح الباب أمام شركات التصدير المحلية والأجنبية للعودة بعد انتهاء الحرب واستتباب الوضع الأمني بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن.

 

 

 فيما تشدد جمعية الصيادين لـ"مندب برس" بسرعة إنشاء محطة حفظ الأسماك كون عدن بأمس الحاجة لعملية حفظ الأسماك والذي بعدمه تتلف كميات كبيرة تصل إلى أطنان من الأسماك بسبب زيادة المعروض.

 

وتطالب الجمعية أيضاً من الحكومة سرعة توفير معدات صيد وقوارب وشباك إضافة إلى توفير كميات كافية من الوقود؛ ويعمل القطاع السمكي على إعطاء الحكومة اليمنية ما مقداره (3%) من الإنتاج يومياً والذي يصل إلى ملايين.

 

هذا وتختلف مواسم الصيد حسب المواسم واتجاهات الرياح؛ وينقسم مواسم الصيد حسب الصيادين إلى موسمين اثنين الأول يسمى "شمال" والثاني يسمى "زريب" في الأول تكون طريقة الصيد من خلال "الجّلب" وفي الثاني من خلال "الشباك" إلا أن الأسماك تتكاثر وتزداد في موسم الشمال حسب الصيادين لـ"مندب برس".

 

ويمارس الصيادون في هذا الشهر _رمضان_ عملية الصيد بطريقة "الجّلب" والتي تستمر حسب موسم "شمال" بقوانيين الصيد ليحين ميعاد موسم "زريب" من خلال الصيد بالشباك من مرحلة ما بعد عيد الفطر.

 

 

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)