مع تفاقم الوضع المعيشي والانساني في اليمن تفاقمت حياة موظفي مؤسسة الكهرباء والطاقة فأصبح موظفيها يعتبرون أنفسهم الفئة المهمشة من بين موظفي المؤسسات والمصالح الحكومية الأخرى ، فحتى اللحظة مـر عـام كامل من العناء والحرمان عام كامل من التقشف والديون.
منذ إبريل من العام الماضي توقفت جميع مستحقاتهم المالية فتوقفت بذلك كل معالم الحياة الطبيعية واضطربت حياتهم وتأثرت معيشتهم تأثراً بالغاً فأصبحوا غير قادرين على الإيفاء بالتزاماتهم المالية تجاه أسرهم هذه المستحقات المالية التي يتقاضاها الموظفين كانت الداعم الوحيد الى جانب راتبهم البسيط الذي لا يتجاوز 160$ للموظف الذي يحمل شهادة البكالوريوس خاصة مع تدهور العملة أمام الدولار .
أصبح موظف الكهرباء يتيماً بلا دولة تتكفل بحقوقه وتراعي متطلباته وتهتم لأمره ، موظفو الكهرباء يشكون الحالة التي وصلوا إليها بكثير من الخيبة والألم خاصة بعد توقف الرعاية الصحية وتأخر دفع رواتبهم لعدة أشهر ولا تسلم من الخصميات والأقساط بمسميات مختلفة فتارة للمجهود الحربي وتارة أخرى معونات .
معاناتهم لازالت مستمرة وتزداد سوءاً مع بعضهم كونهم في بيوت الإيجار وما يتم صرفه لهم من الراتب الأساسي يتم إنفاقه كإيجار للسكن وأما بقية صرفياتهم وضروريات حياتهم المعيشية فتبقى بدون مورد يغطي لهم هذه النفقات وهم يعانون الأمرين من هذا الوضع الكارثي .
أحد موظفي مؤسسة الكهرباء والذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الوضع. قال لـ"مندب برس"، " لم نستلم راتب شهر أربعة حتى اليوم فاضطررت الى أخذ عائلتي للقرية بعد عدم مقدرتي على دفع إيجار البيت وتوفير المصاريف للعائلة "
ويقول آخر في حديثه لـ"مندب برس"" قاربت ديوني على المليون الريال بعد توقف مستحقاتنا المالية وتأخر صرف رواتبنا الأساسية فاضطررت للديون لدفع إيجار البيت وتوفير متطلبات الحياة الضرورية ، أصبحت حياتنا بائسة " مضيفاً " يزداد الوضع سوءاً يوما بعد يوم بعد أن بدى العجز الكبير والفشل الذريع في قيادة الوزارة والمؤسسة وما تسمى باللجنة الثورية ، ويزداد الوضع قتامة في ظل غياب المسئولية واللامبالاة من سلطات الدولة العليا " .
هذه الكارثة المعيشية التي لحقت بما يزيد عن 20 ألف موظف تعتبر كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فهؤلاء الموظفين أصبحوا بحاجة البحث عن 20 ألف فرصة عمل أخرى لتوفير احتياجاتهم الضرورية .
أسباب عدم تشغيل محطات الكهرباء
وفقاً لبعض مسئولي وزارة الكهرباء فإن وزارة النفط رفضت تزويد المؤسسة العامة باحتياجات المحطات من الوقود واعتباره دين يتم سداده بالتقسيط وطلب قيمتها نقداً من مؤسسة الكهرباء برغم معرفتها بتوقف إيرادات المؤسسة العامة للكهرباء ، كما رفضت وزارة المالية كل مطالبات المؤسسة لها بتزويد المحطات وشراء الوقود بحجة عدم توفر السيولة الكافية .
وكذا فإن قيادة الوزارة والمؤسسة غير بعيدة عن هذا الفشل الكبير والذي بدا واضحاً في عدم التصرف بحكمة ودراية كما أفاد بذلك بعض مهندسي المؤسسة في أن قيادة الوزارة والمؤسسة قامت بنقل ميزانية مشروع جعار لودر بالإضافة إلى ما يقارب الخمسة مليار ريال من حساب المحطة الغازية الخاص بصيانتها وشراء قطع الغيار الى بند الرواتب فقط وتم صرفه لعدة أشهر كرواتب للموظفين ، وكان قد ابدا بعض المهندسين استياءهم من هذا التصرف غير الحكيم من قيادة الوزارة والمؤسسة حيث تم طرح مقترح لتوفير احتياجات المحطات من الوقود في حينها يقتضي بنقل جزء فقط من المبلغ الخاص بالمحطة الغازية كرواتب للموظفين وسيكون كافياً لسداد راتب ثلاثة أشهر على أن يتم شراء الوقود وصيانة الشبكة ببقية المبلغ والذي قد يتجاوز ملياري ريال وسيكون كفيلا بتشغيل المحطات الكهربائية لفترة تكون كفيلة بإعادة الحياة لمؤسسة الكهرباء مرة أخرى .
فيما عزى البعض الى أن السبب الرئيسي لعدم تشغيل محطات الكهرباء يعود لإرادة سياسية عليا مقصودة وذلك بسبب رفض السلطات العليا أو ما تسمى اللجنة الثورية العليا أن يتم العمل بالمقترح السابق الذي قضى بتخصيص جزء من المبلغ لشراء الوقود وقد تم الاشتراط على قيادة الوزارة وإقران الموافقة على نقل المبلغ من حساب المحطة الغازية على أن يتم نقله الى بند الرواتب فقط وعدم نقله أو جزء منه الى حساب أو بند آخر كشراء وقود أو زيوت أو غيرها وهو ما جعل قيادة الوزارة والمؤسسة غير قادرة على شراء الوقود لتشغيل المحطات الكهربائية .
وبرغم كل ذلك فالقرارات والتعيينات هي الأخرى قصة عجيبة في هذه الوزارة فقد تم تغيير بعض قيادات الوزارة ومعظم قيادات المؤسسة في أقل من عام برغم الإطفاء الشامل للمنظومة الوطنية وهي قرارات ما بين تعيين وتكليف وتشكيل لجان وغيرها تجاوزت مئات القرارات وشملت وكلاء ومدراء عموم إدارات عامة ومناطق وفروع ونوابهم ومدراء إدارات وما دنى ، وبدون الأخذ بأي معايير علمية أو مهنية أو خبرة .
استياء الموظفين غير بعيد من نقابتهم حيث وصفها أحد الموظفين بالمنبطحة و"البياعين" حيث قال لـ"مندب برس" أنهم كانوا في السابق يخرجون بمظاهرات ويهتفون ضد قيادة الوزارة السابقة لأبسط الأسباب مطالبين برحيلهم برغم عدم توقف أي مستحقات مالية أو تأخر الرواتب ، ويقول آخر" من يوم سيطر الحوثيين على الدولة لم نسمع للنقابة أي صوت أو تحرك أو نشاط أو هتاف يطالب بحقوقنا ويعبر عن مطالبنا فقد أصبحوا مرتهنين لقيادة المؤسسة واللجنة الثورية ".
حياة موظفي الكهرباء ومستقبلهم الوظيفي أصبح في خطر في ظل اللامبالاة وعدم الشعور بالمسئولية تجاههم من قبل قيادة الوزارة والدولة متمثلة بما تسمى " اللجنة الثورية " فقد ضربت بحياتهم عرض الحائط فأصبحوا في بؤس وشقاء كبيرين ومـازالـوا .