تواصل الأطراف اليمنية مباحثات السلام في الكويت التي بدأت الخميس برعاية الأمم المتحدة، وسط قلق كبير ومخاوف عميقة في الشارع اليمني، خشية فشلها، لأن ذلك في اعتقادهم سيشكل انتكاسة للحلول المستقبلية وارتكاسة للوضع على الأرض.
ورغم العديد من المعوقات التي صاحبت انطلاقة مباحثات السلام الخميس الماضي بين الحكومة اليمنية والانقلابيين الذين يمثلهم الحوثيون وحزب الرئيس السابق علي صالح، إلا أن عجلة المباحثات تدحرجت وتسير حتى الآن بشكل جيد رغم القلق من الخلافات المحتدمة بين أطراف المباحثات والنقاش الحاد الذي شهدته جلسات المباحثات الأولى.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر قريبة من المباحثات اليمنية في الكويت أن «الجلسات الأولى شهدت بعض المرونة والتفهم لخطورة الوضع الراهن على جميع الأطراف في هذه المباحثات والمآلات الخطيرة على الوضع اليمني في حال فشلت هذه الجولة من المباحثات، التي قد لا تتكرر». وعبر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد عن جلسات المباحثات بقوله «ان التوصل لحل عملي يتطلب تنازلات من مختلف الأطراف وسوف يعكس مدى التزامهم باتفاق تفاهمي شامل.. الجلسات كانت بناءة والأجواء تعد بتقدم مهم».
ووصف وزير الخارجية اليمنية، رئيس الوفد الحكومي الجلسة الأولى بقوله «ما زلنا في البداية، هي جلسة أولى، ولا نريد أن نرفع سقف التوقعات ولا نريد أن نثبط من الآمال».
ويعقد الكثير من اليمنيين الآمال على مباحثات الكويت ويتمنون أن تكون النهاية لحالة الاحتراب التي حوّلت حياة اليمنيين إلى جحيم، سواء من ويلات الحرب المباشرة أو من حالات التشرد الداخلي والخارجي أو من حالات الاختطافات والاعتقالات أو من الحالة الإنسانية التي ضربت أطنابها في أعماق اليمنيين.
لا يعتقد العديد من المراقبين ان الجولة الثالثة من مباحثات السلام اليمنية في الكويت ستكون نسخة مكررة من سابقاتها الفاشلة، بقدر ما ينظرون إليها على أن (المخلّص) للوضع في اليمن، خاصة مع الترتيبات والاستعدادات الكبيرة التي سبقتها على الصعيد المحلي والاقليمي والسيناريوها المتعددة التي رسمت للوضع اليمني لمناقشتها خلال المباحثات أو بعدها أو المآلات في حال فشلت هذه المباحثات.
وعلى الصعيد الميداني شهدت جبهات القتال في العديد من المحافظات اليمنية هدوءا نسبيا مع تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار مع انطلاق مباحثات السلام في الكويت، رغم الخروقات الطفيفة هنا وهناك.
ورغم التزام الأطراف بوقف إطلاق النار، يواجه الانقلابيون الحوثيون وقوات صالح اتهامات باستغلال الهدنة، خاصة مع وقف الغارات الجوية عليهم من قبل قوات التحالف، لإعادة التموضع العسكري وإرسال تعزيزات عسكرية إلى المناطق التي تشعر أن تواجدهم العسكري فيها أصبح ضعيفا أو يريدون تقويتها استعدادا لأي معارك مستقبلية متوقعة في حال فشلت المباحثات اليمنية في الكويت.
وقالت مصادر محلية لـ«القدس العربي» أن المتمردين الحوثيين وقوات صالح قاموا بإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة نحو محافظات تعز وإب والبيضاء والضالع وحجة وأطراف محافظة مأرب، واعتبروا هذه التعزيزات العسكرية نوعا من الاستعدادات المبكرة للمعارك المقبلة وترتيب الوضع العسكري لما بعد المباحثات في الكويت.
وأعربت مصادر في المقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي عن مخاوفها من أن «تتحول فترة الهدنة المتزامنة مع مباحثات السلام إلى فترة (إنقاذ) للوضع العسكري للانقلابيين الذين كانت قواتهم قاربت على الانهيار في العديد من جبهات القتال مع التقدم العسكري المتواصل لقوات السلطة الشرعية وتحقيق العديد من المكاسب العسكرية الميدانية في محافظات تعز ومأرب وحجة والضالع وغيرها».
وعلى الرغم من هذه المخاوف الكبيرة تظل أنظار اليمنيين تحدّق نحو بصيص من الأمل وتتطلع ببعض من الثقة في أن تكون مباحثات الكويت البوابة الأخيرة للحرب وأن ترسم معالم جديدة لمستقبل اليمن بعيدا عن الحرب والاقتتال رغم المخاوف الكبيرة من انهيار هذه المباحثات التي قد تسبب انهيارها انهيارا للوضع بشكل أكبر من ذي قبل، حيث سيلجأ كل طرف إلى الحسم العسكري في ظل إيمانهم بعدم جدوى أي مباحثات سلام مستقبلية أو أي حلول سياسية للوضع في اليمن.
مخاوف من العودة إلى السلاح لحسم الصراع في حال فشلت مباحثات السلام في الكويت
(مندب برس- القدس العربي)