الرئيسية > اخبار وتقارير > ما الثمن الذي طلبته واشنطن مقابل نقل وتعزيز القدرات الدفاعية للخليج؟

ما الثمن الذي طلبته واشنطن مقابل نقل وتعزيز القدرات الدفاعية للخليج؟

ما الثمن الذي طلبته واشنطن مقابل نقل وتعزيز القدرات الدفاعية للخليج؟

برغم مرور عام على انعقاد قمة كامب ديفيد الأمريكية الخليجية في منتصف مايو 2015 بالولايات المتحدة الأمريكية وتصاعد التهديدات الأمنية التي لحقت بدول مجلس التعاون الخليجي وتحول المخاوف من توقيع الاتفاق النووي مع طهران إلى حقائق تمثلت في تمدد المشروع الإيراني التوسعي، إلا أن واشنطن مصرة على أن تقدم للخليج فقط حلول جزئية مبتورة لا تقدم حلولا جذرية للتهديدات المتنامية لأمنها القومي وما تمخض عن الإدارة الأمريكية حتى الآن قبيل انعقاد القمة الخليجية بمشاركة أوباما فقط "نقل وتعزيز القدرات الدفاعية" وهي المقولة نفسها التي صدرتها واشنطن منذ عام، ولم تتضمن على اتفاقيات أو تعهدات مكتوبة للأمن أو الدفاع المشترك، أو إدانة واضحة للتدخلات الإيرانية، أو ضمانات بعدم تعرضها لأمن الخليج، ما تضمنته هو حزمة من صفقات السلاح، فهل يتكرر السيناريو نفسه؟.

السؤال المهم أيضا ما الثمن أو المقابل؟ الخطاب الأمريكي الخليجي يؤكد أن واشنطن تريد توسيع دور ومشاركة دول الخليج في الحرب الدولية ضد داعش والإرهاب، ولم يتضح بعد طبيعة هذا الاتفاق أو الدعم هل المقصود به التمويل أم المشاركة بقوات برية أم تحول التحالف الإسلامي العسكري لذراع برية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، والملفت للنظر أن زيارة أوباما للخليج تأتي بالتزامن مع إعلان واشنطن بدء ما أسمته بالمرحلة الثانية للحرب ضد داعش وسط مخاوف من أن تتحول إلى سيناريو استنزاف جديد لأموال الخليج وعسكرة دوله في ظل الفزاعة نفسها وحربها المفتوحة، بحسب مراقبين.

المثير للقلق أم نقل القدرات الدفاعية يأتي من منظور أمريكي للإرهاب المتمثل في تهديد داعش، ولا يشمل الإرهاب بالمفهوم الخليجي والذي يتضمن إرهاب إيران وشبكة الميلشيات الشيعية التابعة لها، وهذا خلل كبير وفجوة بين الرؤيتين.

اتفاق أمريكي خليجي يسهل نقل القدرات الدفاعية

أعلن البيت الأبيض الأمريكي التوصل إلى اتفاق أولي مع دول مجلس التعاون الخليجي بشأن التصدي لـ "الإرهاب"، وذلك قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما لمنطقة الخليج وحضور القمة الخليجية المقرر عقدها في 21 إبريل الجاري.

ووفقا لما أوردته وكالة "رويترز"؛ فإن الاتفاق الأمريكي الخليجي ينص على "تسهيل نقل القدرات الدفاعية إلى دول المجلس" وقال مسؤول بالبيت الأبيض الخميس الماضي إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيبحث مع قادة السعودية ودول خليجية أخرى اتفاقات تتعلق بمكافحة الإرهاب وتسهيل نقل القدرات الدفاعية إلى شركاء الولايات المتحدة في المنطقة.

كان قد أفاد بيان للبيت الأبيض أن أوباما سيعقد قمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، يستضيفها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، لبحث التعاون الأمني بين الولايات المتحدة ودول المجلس.

نفس الوعود الفضفاضة الجزئية

الوعود والعبارات الفضفاضة نفسها هيمنت على القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت بكامب ديفيد بالولايات المتحدة في منتصف مايو 2015 وسط مخاوف من أن تتكرر الوعود نفسها، ففي العام الماضي قدمت دول الخليج "موافقة مجانية دون ضمانات حقيقية" على الاتفاق النووي الإيراني، مقابل حزمة تطمينات شفهية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بل إن دول الخليج دفعت من جيوب مواطنيها مليارات الدولارات في صفقات أسلحة تصب في خزينة شركات السلاح الأمريكية، تحت عناوين "التعاون الاستراتيجي"، و"ضمان أمن حلفائنا"، و"دعم قدراتهم التسليحية"، وانتهت بـ"تسريع وتيرة بيع الأسلحة"، ولم توقع واشنطن معاهدة دفاع مشترك، أو اتفاق دفاع ملزم بالتدخل في حال دخول الخليج في حرب مع إيران.

تطوير قدرات الردع وتعاون استخباراتي

هي حقائق كشفتها مخرجات قمة كامب ديفيد في مايو الماضي، وخطاب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في 16 مايو 2015 ، في لقائه بوزراء خارجية دول الخليج في قطر، حيث أعلن حلفاء الولايات المتحدة الخليجيون دعمهم لاتفاق الدول الغربية مع إيران، حول برنامج طهران النووي، ويأتي هذا الدعم بعد وعد أمريكي بنقل أسلحة أسرع، ومشاركة المعلومات الاستخبارية بشكل أفضل.

وقال كيري : "اتفقنا على دعم القدرات الخاصة لحلفائنا"، مؤكدًا أن بلاده والدول الغربية ستعمل سويًا للتصدي للأعمال التي تزعزع الاستقرار في الخليج، وأضاف أن هذا الاتفاق يشمل تبادل المعلومات المخابراتية وتدريب قوات خاصة، اتفقنا على تسريع وتيرة مبيعات الأسلحة التي تتطلبها هذه الدول، والقيام بتدريبات مشتركة لتحديث القدرات العسكرية، وتدريب القوات الخاصة لتصبح أكثر فاعلية في التعامل مع التحديات المتوقعة، وتقاسم المعلومات الاستخباراتية، خصوصًا فيما يتعلق بتدفق الأشخاص للقيام بأعمال عنف"، اتفقنا كذلك على العمل على دمج أنظمة الدفاع الباليستية (الصاروخية) بين دول الخليج العربية، لتطوير قدرات الردع التي تقوم بها، وكذلك "تطوير قدرة الاعتراض البحري لتصبح أكثر فاعلية".

مساهمة أكبر في الحرب على داعش؟

لا توجد إجابة واضحة بشأن الثمن الذي ستطلبه إدارة أوباما مقابل نقل وتعزيز قدراتها الدفاعية للخليج بالفترة المقبلة إلا أنه من الواضح أنها ستكون متعلقة بدورهم في محاربة داعش، تمويلها برغم أزمة أسعار النفط، فقد قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست، في 11 إبريل الجاري "إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينوي حث دول مجلس التعاون الخليجي على المساهمة بشكل أكبر في محاربة داعش، أثناء زيارة له للسعودية يبدأها الأسبوع القادم."

وأضاف إيرنست في الموجز الصحفي اليومي من واشنطن، "ستكون هنالك سلسلة من المباحثات حول ماهية الخطوات الإضافية التي ينبغي على تحالفنا اتخاذها للضغط على داعش في العراق وسوريا، أنا متيقن أنه سيكون هناك محادثات عن المزيد من الالتزامات من قبل شركائنا في مجلس التعاون الخليجي، حول ما يستطيعون عمله في هذا المجال بالذات."

توسيع الحرب على داعش =استنزاف دول الخليج

المثير للقلق أن الاتفاق الأمريكي الخليجي بنقل وتعزيز قدراتها الدفاعية لمحاربة الإرهاب جاء بالتزامن مع إعلان التحالف الدولي بدء المرحلة الثانية من الحرب ضد "تنظيم الدولة" "داعش" في 13 أبريل 2016 ، حيث أعلن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" عن بدء المرحلة الثانية من الحملة الدولية لمحاربة التنظيم في العراق وسورية، دون تحديد اليوم الذي بدأت فيه تلك المرحلة.

وقال المتحدث باسم قوات التحالف، العقيد "ستيف وارين"، عبر دائرة تلفزيونية من بغداد: "نحن الآن في المرحلة الثانية، (دون تحديد متى بدأت)، وهي لتفكيك هذا العدو، فالمرحلة الأولى كانت لإضعافه، وقد ركّزنا على إيقاف تقدم تنظيم الدولة وإضعاف قدراته العسكرية في كلٍ من العراق وسورية".

وأشار "وارين"، إلى أن "المرحلة الثانية من الحرب على التنظيم، ستمكّن شركاءنا من تفكيك العدو، وتشتيت قواته وعزل مراكز جذبه وتحرير الأراضي التي يسيطر عليها"، مبيناً أن عمليات التمكين هذه قد بدأت في "منطقة دجلة، وبمحاذاة سنجار، حيث نسعى لعزل وتحرير الموصل من بعدها".

ابتداء تمكين الشركاء من تفكيك العدو يؤشر على دور للقوات البرية بالمرحلة الثانية من الحرب ضد داعش.

صفقات السلاح هل هي الهدف النهائي

يحذر مراقبون من أن تكون صفقات السلاح لصالح الخزينة الأمريكية وإنعاش الاقتصاد الأمريكي هو الهدف من خلق فزاعات وحروب خارجية منها الحرب ضد داعش، وتضخيم الخطر الإيراني، القضية أثارتها مبكرا مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية في تعليقها على نتائج القمة الأمريكية الخليجية في 16 مايو 2015 بالقول "هذه ليست دبلوماسية، بل معرض للأسلحة، إن أوباما سعى لطمأنة قادة الخليج إزاء الاتفاق النووى الإيرانى عن طريق بيع الأسلحة المتقدمة، فالأسلحة أصبحت طريقته للتعامل مع كل شىء، من مكافحة الإرهاب لمساعدة الاقتصاد الامريكى الراكد، برغم أن نتائج ذلك ستكون دائما دموية."

وأشارت المجلة إلى أن أوباما قدم فى السنوات الخمس الأولى من حكمه أسلحة وخدمات دفاعية لدول مجلس التعاون الخليجى بما يعادل 64 مليار دولار، موضحة أنه قدم عروضا أخرى للسعودية فقط فى عامى 2014 و2015 بما يعادل 15 مليار دولار، وأوضحت المجلة أن "الأسلحة المعروضة على دول الخليج تشمل، مقاتلات جوية، طائرات هليوكوبتر، طائرات مراقبة، طائرات التزويد بالوقود، صواريخ جوــ جو، مدرعات، مدفعية، أسلحة صغيرة، ذخيرة، قنابل عنقودية، وأنظمة دفاع صاروخى، لافته إلى أن «مبيعات الأسلحة للخليج أصبحت الجزء الأهم فى مستوى المبيعات القياسى للأسلحة فى فترة حكم أوباما».

 

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)