أثبت الجهاديون في اليمن أنهم منقسمون: عداوات شخصية، وخصومات قبلية، وخلافات داخلية؛ حالت دون توحُّدهم في جبهةٍ واحدة، وقيَّدت قدراتهم، حتى تشكّل تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب مطلع عام 2009. حيث جمعت القاعدة تحت لوائها عدة فصائل جهادية من اليمن والمملكة العربية السعودية، وكوَّنت تنظيمًا متماسكًا قويًا.
في ضوء هذا التاريخ المتنافر، لم يكن غريبًا أن تعلن مجموعة من الجهاديين في اليمن الولاء لزعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي في نوفمبر 2014.
وسرعان ما ميّزوا أنفسهم عن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب: حيث ضربت وحدات تنظيم الدولة في اليمن عددًا من الأهداف التي تتجاوز خارطة مستهدفات تنظيم القاعدة، بما في ذلك مساجد صنعاء.
ومنذ أوائل عام 2015، أعلنت فروع تنظيم الدولة المختلفة، المعروفة بـ"الولايات"، مسئوليتها عن عدة هجمات، وكانت أكثر نشاطا في صنعاء وعدن وحضرموت.
ومنذ إنشائها، نفذت ولاية صنعاء التابعة لتنظيم الدولة عدة هجمات في اليمن. وبينما وقعت الهجمات التي استهدفت العاصمة بشكل متكرر ما بين مارس وسبتمبر 2015، فإنها خفتت منذ ذلك الحين.
وحتى الوقت الحالي، لم تشهد العاصمة صنعاء أي تفجيرات لتنظيم الدولة. بدلا من ذلك، تحوَّل مركز أنشطة تنظيم الدولة في اليمن إلى عدن. وهو التحوَّل الجغرافي الذي رافقه تغيير تكتيكيّ.
ففي 6 أكتوبر هاجم مسلحو التنظيم فندق ومنتجع القصر في محافظة عدن- الذي كان مقرًا مؤقتًا للحكومة اليمنية، وسكنًا لكبار الضباط العسكريين من السعودية والإمارات- ليمثل الحادث نقطة تحول بالنسبة لتنظيم الدولة في اليمن.
فخلافًا للهجمات السابقة، كان هذا الهجوم معقدًا، واستهدف هدفًا صعبًا، وشمل هجوما مسلحًا، إلى جانب العديد من السيارات المفخخة الكبيرة. وقد أثبت تنظيم الدولة بذلك الهجوم قدرات إرهابية متطورة تنافس نظيرتها لدى تنظيم الدولة.
ولا يوجد مؤشر يُذكَر على أن الحكومة، أو قوات التحالف التي تقودها السعودية، أو حتى الجهاديين الآخرين سوف يكون بإمكانهم القضاء على تنظيم الدولة في اليمن.
لكن في حين أن التنظيم سوف يتمتع بالقدرة على شن هجمات إرهابية داخل اليمن، فمن المرجح ألا يكون قادرا على القيام بأي عمليات تمرُّد واسعة النطاق، أو الاستيلاء والسيطرة على مناطقة واسعة من البلاد، مثلما فعل تنظيم القاعدة.
وهكذا سيبقى تنظيم الدولة يمثل تهديدًا محدودًا، لكنه مستمر، في اليمن.