بعد أيام قليلة سيكتمل العام الأول لبدء غارات التحالف العربي على اليمن، لاخراج الحوثي من صنعاء وغيرها من المدن اليمنية التي دخلها بقوة السلاح، واعادة الشرعية إلى قصر الستين في العاصمة صنعاء.
وقبل «عاصفة الحزم» وبعدها وخلال أكثر من عام كامل، ومنذ دخول الحوثيين صنعاء في أيلول/سبتمبر 2015، تعمل جماعة الحوثي على إحداث تغيير جذري في ثقافة اليمنيين وتوجهاتهم الدينية والفكرية.
ومن أهم ميادينها في هذا الشأن الميدان التعليمي بمستوياته المختلفة.
فمنذ وصولها للحكم وحتى اللحظة عمدت هذه الجماعة وبشكل حثيث على تطعيم وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بمن ينتسبون إليها دون مراعـــاة للمعايير المهنية والأكاديمية، وسعت إلى تغيير المناهج تحت ذرائع شتى منها انها لا تتضمن مقررات في التربية الوطنية والصراع العربي الإسرائيلي.
وفي سياق تجيير التعليم لأهداف الجماعة أعلنت وزارة التربية والتعليم انها بصدد إعداد حملة لمحو الأمية. ورغم التكلفة العالية والظروف غير المهيأة إلا ان المعنيين مصرون على تنفيذها في وقتها والهدف ليس ما يعلن ولكنه كما يراه كثير من الأكاديميين خطوة في طريق إعادة تشكيل وعي المجتمع اليمني بما يتماشى مع رؤى الحوثي وتوجهاته غير آبهين بمآلات الحرب ونتائجها.
وفي جانب التعليم العالي تمكنت الجماعة من السيطرة على مراكز القرار وجعلت للجانها الثورية اليد الطولى بحيث لا يتخذ رؤساء الجامعات وعمداء الكليات قراراً دون الرجوع إليها.
وتحت مسمى الثورة عمدت هذه الجماعة إلى استبدال المعارضين، وتعيين الموالين، ومعيارهم في ذلك الولاء قبل الكفاءة مما حدا بالكثيرين ممن يتولون مناصب قيادية في الجامعات إلى مسايرتهم وتنفيذ سياساتهم لابقائهم في مناصبهم وكان اولئك أكثر حرصا على تنفيذ سياسة الجماعة داخل الجامعات لاظهار الولاء. لا يبالغ المرء إن قال ان تدميرا ممنهجا لهذه المؤســسات وان تطهيرا غير مهني ولا أكاديمي يتم داخلها لصالح فئة الأنصار أو أنصار الأنصار نصرة لفكر الحوثي وفكرته، وليس بناء على أسس وطنية.
وتحدث مختصون في الشأن التربوي اليمني عن نية إقدام جماعة الحوثي على تغيير بعض المناهج الدراسية بما يتفق وتوجهاتها الطائفية والمذهبية، وبما يتواءم مع طروحاتها السياسية، ونظرتها الآيديولوجية.
وهناك في بعض المناهج تمجيد واضح لحسين الحوثي مؤسس الجماعة وشقيق زعيمها الحالي عبدالملك الحوثي.
كما حفلت المناهج الجديدة بمصطلحات تمجد الحرب، وتذكر أسماء الأسلحة المختلفة، الأمر الذي حدا ببعض المراقبين إلى تسمية المناهج الجديدة، بأنها تمثل دورات عسكرية للأطفال.
وفوق ذلك قامت جماعة الحوثي بتحويل الكثير من المدارس إلى ثكنات عسكرية، ومخازن أسلحة، وقامت بتجنيد آلاف الطلبة من منتسبي المدارس الابتدائية الذين لم تتجاوز أعمار الكثير منهم الثانية عشرة، حسب تقارير منظمات دولية ومحلية. ويؤكد سمير الحاج الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني في اليمن على أن الكثير من المدارس حولت إلى ثكنات عسكرية بعد أن تم إفراغها من الطلبة، الأمر الذي عرضها لقصف قوات التحالف العربي بعد أن أصبحت أماكن عسكرية غير مدنية.
ومعضلة أخرى تتمثل في قطع جماعة الحوثي للمستحقات المالية لعدد كبير من الطلبة اليمنيين الدارسين في الخارج، الأمر الذي جعلهم يعيشون ظروفاً صعبة أدت إلى حرمان الكثير منهم من مقاعدهم الدراسية في الجامعات المختلفة بسبب عدم إيفائهم بالتزاماتهم تجاه الرسوم الدراسية ومتطلبات المعيشة، فيما تتعلل جماعة الحوثي بأن المجهود الحربي يتطلب مثل تلك القطعيات التي جنت على الكثير من الطلبة الدارسين في الخارج.
وتجلت قمة الإساءة للعملية التعليمية في البلاد في اعتقال الجماعة لوزير التعليم المهني والفني عبدالرزاق الأشول، الذي استمر شهوراً طويلة قبل أن يتم الإفراج عنه بعد زيارة قام بها المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ إلى صنعاء قبل أسابيع.

عام من عسكرة التعليم في اليمن

(مندب برس- القدس العربي)