استحوذت قضية اعتبار حزب الله منظمة إرهابية على جل الاهتمام العربي الرسمي والشعبي، إذ جاء القرار فجائيًا وصادمًا في ذات الوقت، خاصة وأن تداعيات اعتباره منظمة إرهابية ليست بالجديدة، فدور الحزب في سوريا، ومشاركته لجماعة الحوثي في قتالها ضد التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتصريحاته المعادية لدول الخليج العربي ومواقفها، سواء تجاه الشيعة خاصة في البحرين والسعودية، ليست خافية على أحد ولا وليدة اليوم، الأمر الذي يعكس حدوث تطورات ومخاوف لم يعد من المحتمل السكوت عليها، باعتبار أنها تمس وجود النظام الخليجي أن لم يكن العربي، من وجهة نظر البعض، خاصة وأن المسألة ليست متعلقة بحزب الله في ذاته، بقدر ما هي متعلقة بالدور الإيراني المتعاظم في المنطقة، والذي يعتبر حزب الله الذراع العسكرية له في المنطقة، مما يتطلب حسب بعض الخبراء والمتابعين من الدول الخليجية، اتخاذ ذلك القرار دون مراعاة لتداعياته التي قد تكون خطيرة، ليس فقط على الحزب الذي يبدو أنه فقد بوصلة التوجيه، وإنما على لبنان وبقية الدول العربية والخليجية، التي قد يصبح أمنها واستقرارها في خطر شديد، ما لم يتم التعامل مع القرار بذكاء بحيث يستفاد من إيجابياته، ونتجنب سلبياته على الوطن العربي وقضاياه وأزماته المشتعلة والمتشعبة.
أهداف القرار وتداعيات على المنطقة
بالرغم من الدور السلبي المرفوض الذي يقوم به حزب الله في المنطقة عقب ثورات الربيع العربي، والذي أثر بل أضاع هيبته ومكانته في أوساط الرأي العام العربي، لما لذلك الدور المفجع في التعاون مع الأنظمة الاستبدادية والحركات المذهبية، في مواجهة الشعوب الثائرة والحكومات الشرعية، من تأثيرات مؤسفة على أمن واستقرار المجتمعات العربية، خاصة في سوريا واليمن، واللتين لا تزالان تعانيان من تداعيات دعم حزب الله للنظام السوري وجماعة الحوثي في اليمن، إلا أن توقيت القرار السعودي والعربي إنما يثير العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام، كونه جاء متأخرًا كثيرًا ودون مقدمات مقنعة للشعوب العربية، التي اتخذت موقفًا صارمًا من الحزب من بدايات تدخله في الصراع السوري، رافعة عنه غطاء المقاومة والممانعة، الذي لطالما رفعه للحصول على الشرعية الداخلية في لبنان، والخارجية في أوساط الجماهير العربية، الأمر الذي يعني أنه لولا اقتراب خطر الحزب ومواقفه السلبية من النظام السعودي، وتأثيرات ذلك السلبية على النظام والأنظمة الخليجية، لما اتخذ ذلك القرار.
ففي الواقع أن هناك العديد من الأهداف التي تكمن خلف اعتبار حزب الله منظمة إرهابية، اهمها:
اولاً: زيادة الضغوط الداخلية على الحزب لتقليص أدواره الخارجية، خاصة في سوريا واليمن وغيرها من الدول العربية التي يتواجد فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، تنفيذًا لأجندات إيرانية مشبوهة، خاصة بعد القرار السعودي بقطع المعونة المقدمة للجيش والشرطة اللبنانية بمبلغ 3 مليارات دولار، وبحيث تزداد حدة الضغوط الشعبية والرسمية على الحزب، للدرجة التي تشغله بقضاياه وشرعيته أكثر، وتحول بينه وبين الاستمرار في تقديم الدعم العسكري لشركاء إيران في المنطقة.
ثانياً: توجيه ضربة قاصمة للدور الإيراني، الذي يعتمد على حزب الله الذراع العسكرية لنظام الملالي في المنطقة، وذلك بالتزامن مع الانتخابات الإيرانية، ونجاح الإصلاحيين في الحصول على نسبة جيدة من مقاعد البرلمان، قد تدفعهم لإعادة النظر في دورهم المشبوه في المنطقة، وتدفعهم لإعادة التفكير في دعم الأنظمة والحركات الموالية لهم في المنطقة.
ثالثًا: تسهيل عملية القضاء على التمرد الحوثي المدعوم إيرانيًا ومن قبل حزب الله في اليمن، وذلك على اعتبار أن هؤلاء من أكبر داعمي الجماعة، وسبب بقائها طوال الفترة الماضية صامدة في مواجهة الضربات الموجعة، التي يوجهها لها التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
رابعاً: تخفيف حدة دعم الحزب للنظام السوري، الذي يخشى عودته بقوة عقب انتهاء الهدنة الحالية، حيث يعتمد النظام السوري بشكل كبير على قوات الحزب المتواجدة بكثرة في سوريا، ومن شأن اعتبار الحزب منظمة إرهابية أن يدفعه ولو على المدى الطويل، إلى سحب قواته من سوريا، ومحاولة تصحيح العلاقة مع دول الخليج، خاصة وأن تطبيق القرار الخليجي من شأنه أن يجعل جميع أعضائه عرضه للاعتقال، وهو ما سوف يؤثر على أوضاع الحزب في الداخل اللبناني بشكل كبير.
خامساً: توجيه رسائل شديدة اللهجة لكافة الحركات الشيعية الداعمة لإيران في منطقة الخليج، ومنع إيران من التواصل معها لتهديد أمن واستقرار المنطقة، في هذا التوقيت الحساس الذي تتعرض فيه المنطقة لمخاطر التقسيم، التي ترعاها الولايات المتحدة والعدو الصهيوني بدعم من إيران وروسيا.
وفي الواقع وحسب العديد من الخبراء والمحللين، فإن تداعيات ذلك القرار قد تتعدى في تأثيراتها حزب الله اللبناني، إذ من شأنها أن تشجع الكيان الصهيوني على تأليب الدول والشعوب العربية على الحزب، ودفعهم للمطالبة بالقضاء عليه، ليس حبًا في العرب ولا دفاعًا عن قضاياهم المشروعة، وإنما للرغبة في التخلص من ترسانة الحزب العسكرية، والتي تتفوق في قوتها وقدراتها وتأثيراتها على أمن الكيان الصهيوني ما تملكه العديد من الدول العربية، خاصة وأن الكيان قد تخلص في الغالب من الترسانة العسكرية العراقية، بعد أن حول العراق إلى دولة داجنة تتخاطفها الصراعات والنزاعات الطائفية، ولم تعد قادرة حتى على الدفاع عن نفسها في حال تعرضها لأي هجمات خارجية، إذ يعلم العالم أن العراق باتت تعتمد على إيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، لتوفير الأمن لمواطنيها وحماية حدودها من الهجمات الخارجية، بل والداخلية المتمثلة في هجمات تنظيم الدولة الإسلامية، التي تسعى لاقتناص الفرص للاستيلاء على المزيد من الأراضي العراقية.
ولا يختلف الأمر في سوريا عن نظيره العراقي، إذ تحولت سوريا إحدى أكبر الدول المقاومة في المنطقة للكيان الصهيوني، إلى دولة اشباح، ومسرحًا لعمليات القوى الإقليمية والدولية العظمي في العالم، وما تفعله روسيا وإيران وأمريكا ليس بخاف عن الجميع، في محاولة منهم لتقسيم الدولة السورية، وتحويلها إلى كانتونات صغيره تدين بالولاء لتلك القوى بشكل أو بآخر، وبحيث يتم الحفاظ على مصالح الجميع في المنطقة وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني.
وفي ظل تلك التطورات لم يبق إلا حزب الله الذي ورط نفسه في النزاع السوري، وانتهك ليس فقط السيادة السورية وحق الشعب السوري في الحصول على الحرية والديموقراطية، وإنما كذلك الدولة اللبنانية التي باتت وكأنها دولتين وجيشين في أن واحد، أحدهما تابع للدولة الأم، والآخر يملكه حزب الله، الذي وظف تلك القوة ليس للدفاع عن الدولة اللبنانية وحماية حدودها في مواجهة العدو الصهيوني المتربص بالجميع، وإنما لحماية نظام بشار الأسد من السقوط، الأمر الذي كلفه ويكلفه وسيكلفه الكثير عربيًا ودولياً.
فتداعيات اعتبار الحزب منظمة إرهابية لن تقتصر على الداخل اللبناني، وإنما ستتعداه إلى الخارج، حيث سيصبح كل عنصر تابع للحزب مستهدفًا من قبل الأنظمة العربية، بل وسيتحول ملف الحزب إن عاجلًا أم آجلًا إلى مجلس الأمن ليبت فيه قراره، وهو ما قد يفضي في النهاية إلى سحب سلاح الحزب تمامًا، مثلما تم التعامل مع سلاح الجيش العراقي قبل الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، ولن يكون بمقدور الحزب الدفاع عن ذاته، خاصة بعد أن فقد الحاضنتين الشعبية والرسمية الداعمة له، سواء داخل لبنان أو خارجه، وهي أمور من شأنها أن تسهل على الكيان الصهيوني مهمة انتزاع سلاح الحزب، حتى بدون أن تدخل معه في أي معارك، مثلما فعلت مع النظام السوري، الذي سلم أسلحته الكيميائية طواعية حفاظًا على وجوده وبقائه.
صدمة حزب الله من القرار
لم يكن حزب الله يتوقع، على ما يبدو، صدور قرار اعتباره منظمة إرهابية، إذ اعتمد الحزب على رصيده في مقاومة العدو الصهيوني ليفعل ما يفعله في الأراضي السورية، وذلك على الرغم من الرفض العربي لذلك الدور، واعتباره داعمًا ليس للشعوب ،وإنما للأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، لذلك جاء رد فعل قيادات الحزب مستفزًا وغير مدروس، ويعكس عمق الأزمة التي بات يعيشها الحزب في الآونة الأخيرة، إذ بدلًا من احتواء الأزمة ومعالجة تداعياتها الخطيرة على مستقبل الحزب، سارع الأمين العام للحزب "حسن نصرالله"، بإدانة السعودية واتهامها بالفشل في سوريا واليمن والبحرين، مشيرًا إلى أنهم يخوضون معركة خاسرة، وذلك خلال تكريمه للقيادي العسكري الذي لقي مصرعه في سوريا "علي فياض".
وبدا نصرالله في سياق حديثه وكأنه مفصول عن الواقع، بل وعن التاريخ، إذ بدلًا من إعادة تقييم دور الحزب في المشهد العربي والسوري، اعتبر أن سبب الموقف الخليجي فشل حساباتهم الخاصة بأن النظام السوري سيسقط خلال شهرين، وهو الذي ظل يقاوم لمدة تصل لخمس سنوات، متناسيًا أنه لولا دعم الحزب وإيران لما واصل النظام السوري بقاءه في سوريا حتى اليوم، ذلك الدعم الذي فشل بدوره في الحفاظ على النظام، مما استدعى الجميع لأن يستنجدوا بالعدو الروسي، الذي حل محل الجميع للحفاظ على النظام من الانهيار، غير عبائين بالتكلفة البشرية الكبيرة التي يتحملها الشعب السوري، والذي فقد ما يزيد على ربع مليون شهيد بسبب مواقفهم غير المسؤولة.
ولا يزال الأمين العام لحزب الله يغرد خارج السرب، مقتنعًا أنه هو من سينتصر وأن الجميع سيخسر، بما في ذلك الشعوب، سواء في اليمن أو في سوريا، وذلك على الرغم من أن التاريخ يؤكد أن معارك الشعوب دائمًا ما تنتهي بانتصار الشعب وليس النظام، مهما كان حجم الدعم الذي يحصل عليه.
وفي هذا السياق يستمر نصرالله في خلط الأوراق وتشويه الحقائق، لإقناع الرأي العام اللبناني بصواب مواقفه، إذ يزعم أن من يواجه السعودية في سوريا هو المدافع الحقيقي عن المصالح الوطنية اللبنانية، وأن المملكة وحلفاءها سيخسرون معركتهم في النهاية، وهو حديث لم يعد يقنع أنصار الحزب، ناهيك عن خصومه، سواء في الداخل أو الخارج.
وفي الواقع إن خطابات نصرالله الأخيرة تعكس حالة الأزمة التي يعيشها، إذ لايزال يعيش في ذكريات الماضي، محاولًا الربط بين ما يقوم به في سوريا وبين ما سبق وقام به في عام 2006 أثناء الحرب مع العدو الصهيوني، بالرغم من الاختلاف الظروف والأزمات بشكل كبير.
ولم يكتف حزب الله بتصريحات زعيمه المعادية للمملكة ودول الخليج، بل وقام قياداته كذلك بالهجوم على المملكة العربية السعودية، متهمين إياها تارة بعلاقتها مع إسرائيل، وتارة أخرى برعاية تنظيم الدولة، وثالثة بالمصطلح الأكبر وهو الإرهاب.
إذ صرح رئيس المجلس التنفيذي في الحزب، هاشم صفي الدين، بأن المملكة دائمًا كانت مع أنظمة وأحزاب تاريخها عداوة مع المقاومة، وتاريخها التلاقي الدائم مع العدو الصهيوني.
وأضاف خلال احتفال تكريمي أقامه الحزب في حسينية بالنبطية، أن منطق المجاهرة بالعدوان على المقاومة، ستتحمل عواقبه السعودية ودول الخليج.
وفي الواقع، إنه وبالرغم من أن القرار يعكس عمق الأزمة التي يعيشها النظام السعودي على الصعد كافة، خاصة اليمنية والسورية، والتي يتسبب فيها بالدرجة الأولى العدو الإيراني وحلفاؤه في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله، ما دفع المملكة إلى ضرب تلك الأذرع في مقتل، وبحيث لا تقدر على مواصلة دورها الداعم، سواء لجماعة الحوثي في اليمن أو للنظام السوري، إلا إنه سيلعب دورًا في تخفيف الضغوط والحد من المقاومة لقوات المملكة ولحلفها، الذي يشن ضربات موجعة لجماعة الحوثي في اليمن، فذلك القرار من شأنه أن يشغل الحزب لفترة طويلة، ويزيد من حدة الضغوط المفروضة عليه داخليًا وخارجيًا، بالشكل الذي يجعله غير قادر على مواصلة دوره المناصر لحلفاء إيران في المنطقة، بل وقد يلجأ إلى سحب قواته من سوريا واليمن، إرضاءً للدول الخليجية، وحفاظًا على بقائه كقوة ممانعة في المنطقة، خاصة وأن حساباته في التدخل في سوريا واليمن كانت حسابات خاطئة، إلا أن ذلك قد يستغرق بعض الوقت، لأن القرار لا يملكه الحزب بمفرده، بل تشاركه فيه إيران أحد أكبر الداعمين للحزب في المنطقة.
وقد يزيد القرار من قدرة الدول الخليجية في حصار الحزب، الذي تم تحميله مسؤولية قطع السعودية لمعونة بقيمة 3 مليارات دولار كانت مخصصة لدعم الجيش والشرطة اللبنانية، بل وتحميله مسؤولية الأزمات التي تعيشها لبنان الفترة الأخيرة، بسبب دوره الخارجي المرفوض، مما يحتم على الحزب إعادة تقييم مواقفه، وتصحيح أوضاعه داخل وخارج لبنان.
تأثيرات وانعكاسات القرار على الأمن والاستقرار
لا يمكن إنكار أن قرار مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، ستكون له تداعيات على عموم ملفات المنطقة بمجموعها، وخصوصاً على ملفات الداخل اللبناني، وفي المحصلة، يمكن القول إن المرحلة صعبة ومعقدة، وخصوصًا في ظل حالة التخبط التي تعيشها السياسة العربية ، ولهذا يصعب تأكيد ما قد سيجري من عمليات قيصرية في المنطقة في المرحلة المقبلة، فاليوم حالة التخبط بالسياسة العربية وخاصة الخليجية بالمنطقة، تشتت ذهن أي قارئ يحاول تحليل وقراءة مستقبل ما قد سيجري بالمنطقة ،خاصة وأن الإعلام العبري يواصل الشحن والتعبئة هذه الأيام ضد حزب الله، في الأغلب بإيعاز من سلطات الاحتلال في تل أبيب، مروجًا لخطورة ترسانته العسكرية وخطورتها على العمق الإسرائيلي.
فحسب العديد من الخبراء، يملك حزب الله قوة ضاربة لا تملكها ?? % من دول العالم، وقد نجح في أن يكتسب خبرة قتالية جيدة في سوريا، كما أصبح بمقدوره أن يحصل في تلك الحرب على أسلحة متطورة ومتقدمة، وهو ما يمثل خطورة كبيرة على دول المنطقة، خاصة إذ ما عمد الحزب إلى توظيفها لتهديد أمن واستقرار المنطقة، حفاظًا على كيانه وعلى وجوده في مواجهة اتهامات الدول العربية له بالإرهاب، بل قد يزيد ذلك من حدة الخلافات بينه وبين دول الخليج، والتي قد تدفعه إلى مواصلة دعم النظام السوري وجماعة الحوثي في اليمن بكل ما يملك من قوة، باعتبار أن دول الخليج وضعته أمام خيار واحد، وهو مواصلة دوره الداعم للنظام السوري ولجماعة الحوثي، لكسر القوة الخليجية ومنعها من ممارسة المزيد من الضغط عليه بالشكل الذي قد يفقده الكثير من أوراق اللعب، التي كان يملكها في السابق، ومن شأن ذلك أن يزيد من حدة النزاعات التي تشهدها المنطقة، بل وقد يزيد من حدة العمليات الإرهابية، التي بتنا نراها كل يوم في العديد من دول الخليج العربي.
لذلك فإنه على الرغم من رفض ما يقوم به الحزب من أعمال اجرامية خارج لبنان، خاصة فيما يتعلق بدعم النظام السوري، فإن وصفه بالإرهاب إنما يمثل خدمة للكيان الصهيوني، أكثر من إسهامه في حل المشاكل العربية والخليجية على وجه الخصوص، لأن أغلب تلك الأزمات إنما هي نتائج سياسات تلك الأنظمة، التي لا تجد من وسيلة لعقاب مخالفيها سوى وصمهم بالإرهاب، وهذا من شأنه أن يعقد المسائل، ويدخل البلاد والمجتمعات العربية في نفق مظلم، لأنه يضعف الخاصرة الوطنية، ويدخل الدول العربية في آتون حروب وصراعات داخلية لا طائل ولا مستفيد من وراءها سوى الكيان الصهيوني، الذي يدعم التحركات الرعبية التي تصم الأحزاب والجماعات الإسلامية بالإرهاب، باعتبار أنه يمثل العدو الأول لتلك الأحزاب والجماعات.
لذلك ليس من المستبعد اعتبار حركات المقاومة الفلسطينية جماعات إرهابية، لأنها تخالف نهج السلطة الفلسطينية وتعتبر المقاومة هي السلاح الوحيد في مواجهة العدو الصهيوني، الذي يتربص بالمنطقة ويسعى لتفكيكها وتفتيتها، بحيث يصبح هو القوة الأكبر والأكثر نفوذًا وهيمنة فيها، ومن ثم فإن سياسة الاحتواء والتفاهم في ضوء التحديات التي تواجهها المنطقة، هي أفضل وسيلة للتعامل مع تلك الأزمات، وتفويت الفرصة على الأعداء المتربصين، الذين يستغلون الخلافات المذهبية والطائفية لتأليب الشعوب والأنظمة العربية على بعضها البعض.