زادت عمليات التفجير بالسيارات المفخخة بمدينة عدن خلال الأربعة الأشهر الماضية والتي تتعدد أهدافها بين مقاومة ورجال أمن وسلطة محلية وأهدافاً حكومية وعسكرية والتي كان أخرها انفجار سيارة مفخخة قبل خمسة ايام من الأن _أي_ بواقع تسع عمليات انتحارية خلال الخمسة الأشهر الماضية ؛ والتي حصدت من خلالها ما يزيد عن مئة ما بين قتيلٍ وجريح حسب إحصائيات غير رسمية ؛ تبنى تنظيم ما يسمى بـ"داعش" ست عمليات منفصلة منها ؛ فيما سُجل أول نجاح للخطة الأمنية ورجال الأمن أمس الاثنين 1/فبراير من الشهر الجاري بضبط وتفكيك سيارة مفخخة بمدينة المعلى كانت مليئة بالمتفجرات.
من الذي يفجر سيارات عدن المفخخة؟
على قاعدة لا تسأل من الفاعل بل_ اسأل عن المستفيد حيث تحوم سبابة الاتهام لأذرع صالح والذي هدد باستحالة عودة هادي إلى عدن بأخر لقائته التلفزيونية على شاشة فضائية الميادين بتاريخ 12/أكتوبر من العام الماضي _أي_ بعد حادث استهداف الحكومة بستة ايام فقط.
عن المستفيد الأول من هذه الأعمال يقول الصحفي والمحلل السياسي ورئيس مركز مسارات للدراسات والبحوث بحوث باسم الشعبي لـ"مندب برس": ؛ أن المستفيد هو التحالف الانقلابي وكل من لا يريد لعدن الخير والسلام وكل من لا يريد للحرب أن تنتهي وللأوضاع وأن الفاعل هي جماعات ارهابية مُمّولة من قبل مراكز قوى ونفوذ وهي طرف في الصراع الدائر".
ويردف الشعبي قائلاً: ؛ "هي ظاهرة خطير جدا تحتاج قبضة امنية وتدابير سريعة للتصدي لها تحتاج اجهزة جديدة وامكانيات كبيرة وخطط امنية وعقول امنية مهنية تنفذها وللأسف هناك خلط من قبل القيادة في عدن بين دور الجيش ودور الامن ..ما يحدث يحتاج عمل امني مهني ودقيق وليس عمل عسكري".
السيارات المفخخة من بغداد إلى عدن
إعتاد كثير من التنظيمات الإرهابية _حديثاً_ على استخدام السيارات المفخخة للقيام بتنفيذ هجمات انتحارية ضد حكومات وطوائف وجماعات لتحقيق أكبر قدر من النصر من خلال حصد أكبر عدد من القتلى.
برزت التنظيمات الإرهابية الشيعية والممولة من إيران عقب احتلال العراق بــ(2003م) وذلك باستهداف تجمعات للشيعة ومزارات ومقدسات وحسينيات لخلط الأوراق وإلقاء التهم جزافاً على طرفاً أخر _الند الفكري_ والمتمثل بالطائفة السنية حسب خطة إيرانية معدة سلفاً من أجل البدء بمسلسل حرب طائفية طويلة الأمد حسب مراقبين.
لم يكن الأمر مقصوراً على الإرهاب الشيعي _بل_ وطفى على السطح خلال العشر السنوات الماضية ظهور جماعات سُنية تحكمها أيدولوجيات متشددة لا تؤمن إلا بالقتل والذبح والتفجير.. كما هو الحال بما بات يعرف اليوم بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
وخلال فترة ثلاث سنوات فقط سجلت إحصائيات عراقية رسمية عن تفجير (578) سيارة مفخخة مستهدفة بذلك مدارس ومساجد وأسواق شعبية ومزارات طائفية موقعة ألاف القتلى والجرحى أي من الفترة 2003م حتى 2006م.
وظهرت عمليات التفجير الانتحاري بالسيارات المفخخة في كثير من البلدان التي تشهد صراعاً كالصومال وسوريا والعراق وأفغانستان واليمن والتي راح ضحيتها بالألاف _كما هو الحال اليوم.
تاريخ ظهور السيارات المفخخة
بدأت قصة ظهور السيارة المفخخة أو السيارة الملغمة _سيارة بها جهاز مخصص للانفجار وقد تكون السيارة تحتوي على انتحاري أو يتم تفجيرها عن بُعد _كما هو الحال بعملية استهداف الشهيد جعفر محمد سعد.
سجل العام (1905م) أول عملية اغتيال بحق السلطان العثماني عبدالحميد الثاني على يد الأرمن لكنها لم تكتب لها النجاح عبر تفخيخ عربته السلطانية ليتلوها بعدها العديد من عمليات الاستهداف المفخخ.
وتعد السيارات المفخخة هي السلاح الفتاك والتي إعتاد الإرهابيون الاعتماد عليها في كثير من عملياتهم المتعاقبة إما بزرع القنابل بعجلة السيارات للأشخاص المستهدفين أو بتفجير سيارات بحشد من المسؤولين أو تدمير مباني حيوية تحقق مآربهم الخاصة.
إن أبرز عمليات تفجير السيارات حول العالم والذي دون بسجلات ضحايا الألاف من القتلى ومنها ما قامت به مافيا صقلية خلال عقد ستينيات القرن الماضي ومنظمة الجيش السري الفرنسي وجماعة ألفيت كونغ (VC) خلال حرب فيتنام وعمليات "الجيش الجمهوري الايرلندي الانفصالي" عن بريطانيا وانفصاليو "نمور التاميل" في سريلانكا.
واستخذت السيارات المفخخة بالوطن العربي بعقد سبعينيات القرن الماضي ايضاً أثناء الحرب الأهلية اللبنانية والحرب الأفغانية السوفيتية إلا أنها أستخدمها تنظيم القاعدة في العديد من مواقع كثيرة حول العالم.
الإرهاب وتجارة الموت
"تحاول القوى المعادية للشرعية اليمنية ان تشوش على الانتصارات المتتالية في مختلف جبهات ومحافظات اليمن، وأن هذه القوى ترتبط بشكل او بآخر بأطراف الانقلاب الحوثي،
وتتقاطع المصالح بينها على اساس استهداف المناطق المحررة، حتى يقدم الحوثي وصالح انفسهم باعتبارهم القوة التي تواجه القاعدة وداعش" ؛ هكذا يقول الصحفي والمحلل السياسي فؤاد مسعد.
ويضيف مسعد لــ "مندب برس: ؛ "لا تزال جُهود السلطة المحلية في مرحلة البداية وتحتاج المزيد من الوقت والامكانات لكي تواجه هذه التحديات الأمنية وتحد من حوادث الاغتيالات والتفجيرات أيا كان مُرتكبوها".
ويذهب المُحلل السياسي المعروف نبيل البكيري بأن: ؛ " الجانب الأمني اصبح اكثر تعقيدا والتباسا كلما تأخرت عملية الحسم العسكري لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وبالتالي كل هذا يؤثر في تحديد الأطراف الحقيقية الفاعلة في هذا الجانب ولكن كما هو خال جماعات العنف في اليمن فمعظمها يتم توظيفها في الصراعات السياسية والعسكرية الراهنة".
ويقول البكيري لـ"مندب برس": ؛ بأنه لا يمكن حسم مقولة ان القاعدة أو داعش هي التي تنفذ كل هذه العمليات وإنما هناك من يقوم بها ربما تحت مسمى داعش او القاعدة ليسوق بذلك لمخاوف المجتمع الدولي ".
عدد السيارات المفخخة بعدن منذ تحريرالمدينة
تفشت بالآونة الأخيرة بمدينة عدن ظاهرة استهداف بالسيارات المفخخة حيث سجلت الفترة ما بين 6/10/2015م 2/2/2016م وقوع تسعة تفجيرات انتحارية استهدفت جميعها مسؤولين كبار بالدولة _باستثناء واحدة_ والذي كان أوله حادثة استهداف فندق القصر مقر إقامة الحكومة.
6 أكتوبر من العام الماضي شهد ثلاث عمليات انتحارية بسيارتين ومدرعتين مفخخة استهدفت مقر الحكومة ومقري القوات المشتركة والإماراتية بمدينة البريقة موقعة أكثر (18)قتيل من بينهم جنود إماراتيين وسعوديين ؛ تبنته "داعش".
6 ديسمبر من العام الماضي سجل حادثة تفجير موكب محافظ عدن السابق الشهيد جعفر محمد سعد مما أدى إلى مقتله وسبعة من افراد حراسته بسيارة نوع "باص" ؛ تبناه "داعش".
29ديسمبر من العام الماضي انفجرت سيارة صالون مصفحة بيضاء اللون أمام مقر حزب الإصلاح بمدينة كريتر ولم تسفر عن وقوع أي إصابات مستهدفة _كما قالت بعض المصادر الإعلامية_ النائب البرلماني ورئيس إصلاح عدن إنصاف علي مايو والذ لم يصيب بالعملية والتي أكدت فيما بعد من قبل بيان الإصلاح بأنها كانت تنوي استهداف البنك المركزي القريب من المقر ؛ لم يتبناه أحد.
5 يناير من العام الجاري انفجرت سيارة نوع كورولا مستهدفة موكب عدداً من كبار المسؤولين بمحافظة عدن ولحج من بينهم العميد "عيدروس الزُبيدي" محافظ محافظة عدن والدكتور "ناصر الخبجي" محافظ محافظة لحج وبالإضافة إلى مدير أمن عدن العميد "شلال علي شائع" بمدينة البريقة اثناء عودتهم من مقر القوات المشتركة للتحالف مما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة سبعة أخرين من حراسة المحافظ ؛ لم يتبناه أحد.
17يناير من العام الجاري فجر انتحاري نفسه ببوابة منزل مدير أمن عدن العميد شلال علي شائع بحي جولد مور بمدينة التواهي مما أسفر عن سقوط أكثر من (15) بين قتيلٍ وجريح عن طريق تفجير سيارة نوع "هيلوكس" ببوابة المبنى ؛ لم يتبناه أحد.
28/يناير من العام الجاري أقدم انتحاري يستقل سيارة نوع كورولا باستهداف حاجز أمني للحرس الرئاسي ببوابة المعاشيق ؛ مقر إقامة رئيس الجمهورية _أي_ على بعد 1500متر من القصر فيما تبنى تنظيم داعش للهجوم والذي أودى بحياة 8 جنود وجرح عشرين أخرين بينهم مدنيون ؛ تبناه "داعش".
29/يناير من العام الجاري _أي بعد أقل من 48 ساعة من التفجير الخميس بقصر المعاشيق دوى انفجار ضخم بسيارة مفخخة نقطة تفتيش تابعة لقوات الأمن بعقبة كريتر _أحد مداخل كريتر مقر إقامة الرئيس هادي_ مما أسفر عن سقوط 11 قتيل و10 جرحى طبية ليتبنى بعدها تنظيم داعش بتنفيذ العملية عن طريقة انتحاري ؛ تبناه "داعش".
وبذلك تكون الإحصائية النهائية لعمليات تفجير السيارات المفخخة بعدن منذ تحريرها من جماعة الحوثي بمنتصف يوليو/تموز الماضي بلغ ثمان سيارات ومدرعتين مفخخة موزعة على تسعة أماكن مختلفة تبنت "داعش" مسؤوليتها عن تفجير سبع شاحنات منها بتاريخ 6 أكتوبر و6 ديسمبر من العام الماضي قتلت خلالهما ما يزيد عن (25) شخص بمدينتي التواهي والبريقة لتصبح ثلاث سيارات مجهولة لم تتبناها أيّ جهة حتى الأن.
صالح هو من يفجر
إلا أن تأكيدات رسمية لمسؤولين كبار بالدولة نقلتها في وقتٍ سابق_البي بي سي البريطانية_ كما جاء على لسان كلاً من وزير حقوق الإنسان اليمني عز الدين الأصبحي ووزير الداخلية حسين عرب واللواء عبدربه الطاهري والذين أتهموا الحوثيين وعلي عبدالله صالح بالوقوف ورى تلك التفجيرات وذلك من أجل إرباك المشهد.