رغم أن المشهد اليمني معقد ومتداخل بين أطراف نزاع داخلية وإقليمية ودولية، بدرجة تجعل حل الأزمة– سواء سياسياً أو عسكرياً- بعيد المنال في الوقت الحالي، إلا أن مراقبين يرون أن هناك سيناريوهات محدودة يمكن أن ترسم مستقبل حل للأزمة المستعصية، وتضع حداً للحرب الدائرة منذ نحو 10 أشهر، وأشاروا إلى أنه ربما يكون أحد هذه السيناريوهات مفاجئاً بدرجة تجعل الحلول الصعبة متاحة، فقد يرسم الخلاف بين ميليشيات الحوثي "الشيعة المسلحة" وقوات المخلوع صالح، إمكانية وجود مخرج من خلال تخلي أحد الطرفين عن الطرف الآخر، فيما يشير التقدم الكبير لقوات المقاومة الشعبية المدعومة من التحالف العربي، إلى وجود سيناريو الحسم العسكري، كما تكشف الأنباء المتفرقة وجود مفاوضات غير معلنة بين أطراف الأزمة، ما قد يدفع باتجاه مبادرة للحل على غرار المبادرة الخليجية.
مفاوضات سرية
يعد الحل السياسي من السيناريوهات المتوقعة للأزمة اليمنية، رغم إعلان إسماعيل ولد الشيخ أحمد، توقف المفاوضات لأجل غير مسمى، وتشير الدلائل إلى وجود مفاوضات غير معلنة بين أطراف الأزمة، ويعد الإفراج عن خمسة من أبرز المعتقلين لدى الحوثيين من هذه الدلالات على تلك المفاوضات، حيث أفرج الحوثيون، الخميس الماضي، عن وزير التعليم الفني والتدريب المهني، عبد الرزاق الأشول، وأربعة آخرين من قيادات "الإصلاح"، هم: محمد العديل وعبدالله السماوي وحميد القعادي وعلي الحدمة، وذلك في إطار ما أسماه المبعوث الأممي إجراءات بناء الثقة.
يضاف إلى ما سبق زيارة "ولد الشيخ" المفاجئة للرياض، عقب إنهائه جولة من المباحثات مع الحوثيين وصالح بصنعاء، حيث كان من المفترض أن يتوجه المبعوث الأممي من صنعاء إلى عدن للقاء الرئيس اليمني عبدربه هادي.
كما جاء إفراج الحوثيين عن معتقلين سعوديين، هما: سالم الغامدي وعبد المرضي الشراري، كانا معتقلين في سجون الحوثيين، وأفرجوا عنهما بعد لقاءات وتفاهمات أُحيطت بتكتم شديد، مما يثير التساؤل عن ماهية هذه التفاهمات، وهل كونها تحمل صفقة أو حلًا ما بالتواصل المباشر مع الدولة التي تقود التحالف العربي ضد تمرد الحوثيين.
وفي الوقت الذي يستكمل فيه ولد الشيخ محادثاته بالرياض، من أجل جمع الطرفين، وفقًا لما أعلنه المسؤول الأممي، فإن مصادر تابعة للحوثيين أكدت أن جزءًا من فريق ولد الشيخ لا يزال في صنعاء حتى الآن.
وعلى الرغم من وجود إشارات لاستمرار التفاوض، إلا أن عدم التوصل لاتفاق حتى الآن، أو أي إجراءات خاصة برفع الحصار الحوثي عن تعز، تظل أبرز العوائق التي تهدد أي اتفاق مقبل بين الشرعية في اليمن وميليشيات الحوثي وصالح.
الحسم العسكري
يعد الحسم العسكري أحد أبرز الحلول المرشحة لإنهاء الأزمة اليمنية وفقًا لمحللين سياسيين، نظرًا لتمكن قوات المقاومة الشعبية مدعومة بقوات التحالف العربي بقيادة السعودية، من السيطرة على أكثر من 75% من اليمن، واقترابها من الوصول لداخل العاصمة اليمنية صنعاء، والتي وصلت المعارك إليها منذ ما يقارب الشهرين.
ويرى مراقبون أنه في الوقت الذي يعمل فيه الحوثيون والقوات الموالية للرئيس المخلوع صالح، على إفشال كل الحلول السياسية، جاءت تصريحات رئيس أركان الجيش اليمني اللواء ركن محمد المقداشي، والتي أكد فيها أن الحرب في اليمن ستنتهي خلال 6 أشهر، لتشير إلى إمكانية الحسم العسكري في ظل التقدم الكبير للتحالف والجيش اليمني على الأرض.
انقسام جبهة "الحوثي – صالح"
في ظل تصاعد الخلاف بين الحوثيين وصالح، والذي عاد للعلن عقب خطاب صالح الأخير، والذي غازل فيه الإمارات، وأكد أنه لن يقبل بالحوار إلا مع السعودية، يبدو أن سيناريو تخلي صالح عن الحوثيين، ودخوله في اتفاق شبيه بالمبادرة الخليجية من السيناريوهات المطروحة، خاصة مع وجود محاولة خروج آمن سابقة لصالح للتخلي عن الحوثيين، قوبلت بالرفض من المملكة.
وكان مصدر مقرب من المخلوع قد كشف في يوليو الماضي، نجاح الإمارات في اقتناع صالح بالتخلي عن جماعة الحوثي، وتخلي الجيش و قوات الحرس الموالية له عن القتال إلى جانب الحوثي، مضيفًا أنه تم الاتفاق مع صالح على تلك البنود، في مقابل إعطائه ضمانات إماراتية بعدم ملاحقته أو أفراد عائلته، وإخراج أسمائهم من عقوبات الأمم المتحدة. وكشف المصدر أن الاتفاق قوبل بالرفض من قبل السعودية.
في المقابل أيضًا يواجه صالح نفس السيناريو الذي يهدد به الحوثيين، حيث تشير الخلافات إلى إمكانية تخلي الحوثيين عن صالح، وقبولهم بحل سياسي يستثنيه من الحل، خاصة مع إعلانه رفضه للتفاوض مع الشرعية اليمنية، وإصراره على التفاوض المباشر مع السعودية.
وتشير الخلافات المعلنة بين صالح والحوثيين، بالإضافة للأنباء عن تعرض قيادات حوثية للاغتيال من قبل الحوثيون أنفسهم، إلى احتمالية انقسام الجبهة، وإمكانية تخلي الحوثيين عن أبرز حلفائهم.
ونشر موقع العربية أنباء تؤكد هوة الخلاف بين الحوثيين وصالح، وتبرز التحركات الحوثية ضد صالح والموالين له، حيث أكدت مصادر أمنية أن المتمردين الحوثيين فرضوا منذ يومين، رقابة مسلحة على 16 مسؤولاً من المنتمين إلى حزب "المؤتمر الشعبي" العام الموالين للمخلوع صالح، كما يراقبون تحركاتهم ومنازلهم، وأوضحت أن من المسؤولين الذين أخضعوا للمراقبة وزراء ووكلاء وزارات وسياسيون، وأعضاء في وفد المخلوع إلى محادثات سويسرا.
وأكدت المصادر أن قيادة التمرد الحوثي أصدرت توجيهات صارمة بعدم نشر، أو بث أي تصريحات أو أحاديث لصالح في وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرتهم، ولم يسمح ببث خطابه الأخير، كما أغلقت وزارة الاتصالات خدمة الرسائل الإخبارية التابعة لصحيفة "الميثاق"، لسان حزب "المؤتمر الشعبي"، وهي إجراءات فسرت بأنها خطوة على طريق عزل المخلوع عن المشهد السياسي.