قال أحمد فوزي، المتحدث باسم الأمم المتحدة، أمس (الثلاثاء)، إن محادثات السلام بشأن اليمن التي كانت مقررة يوم غد الخميس 14 يناير (كانون الثاني) الحالي، لن تعقد في هذا الموعد، «ولكني أعتقد أن هذا لم يعد مطروحا». وأضاف: «أعتقد أن يوم 14 لم يعد واقعيا الآن. مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن يفكر في موعد بعد 20 يناير».
ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي يجري فيه ولد الشيخ أحمد مشاورات مع الأطراف اليمنية، حيث يزور حاليًا العاصمة صنعاء للتشاور مع الانقلابيين، ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في وقت كان قد التقى فيه الأطراف الحكومية والسياسية الموالية للشرعية في الرياض سابقًا.
وكان «جنيف2» أخفق في التوصل إلى حل نهائي بين طرفي الحكومة الشرعية والميليشيات ممثلة بوفد الحوثي والرئيس المخلوع. وعللت مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الإخفاق بسبب تعنت وفد الحوثي وصالح حيال ما اتفق عليه مسبقًا، إذ إنها لم تقم بإطلاق سراح الأسرى بينهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي شقيق الرئيس هادي، والعميد فيصل رجب قائد «اللواء 119 مشاة»، وكذا بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان مدينة تعز جنوب غربي اليمن، باعتباره تعبيرا عن حسن نية للدخول في مفاوضات جادة ومباشرة تنهي حرب محتدمة منذ الانقلاب على الحكومة والرئاسة.
وقال رئيس مركز جهود للدراسات وناشط سياسي، عبد الستار الشميري، لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن المسار السياسي والذهاب إلى (جنيف3) لن يضيف شيئا واقعيا في اتجاه حل الأزمة.. ولعل تأخر معركة صنعاء وتعز قد عقد الأزمة، وأعطى للحوثيين وصالح فرصة للمراوغة واللعب على عامل الوقت». وأضاف أن السلطة الشرعية والمقاومة والتحالف ليسوا في وضع صعب جدا، ويبدو أن الحل السياسي أصبح باردا، وما لم تنجز قوات الشرعية نصرا ما باتجاه صنعاء أو تعز على الأقل، فلن تتقدم ميليشيات الحوثي خطوة في اتجاه حل على طاولة الحوار.
ولفت إلى أن الأزمة اليمنية تدخل اليوم مرحلة التعقيد، وتحتاج إلى إنعاش سريع على الأرض لصالح السلطة الشرعية سيكون هو الدافع الذي سيقرب حلا سياسيا ناجزا استنادا إلى القرار الأممي «2216»، وعلى هذا الأساس فإن الجولة المقبلة من المحادثات قد لا تتم في موعدها، وإن تمت وموازين القوى في ذات المكان فستكون رحلة سياحية أكثر منها مشاورات مفضية إلى حلول، وكل ما سيتم الاتفاق عليه عقد جولة رابعة.
من جانبه، قال الباحث والسياسي، الدكتور فضل علي حسين، وكيل محافظة الضالع رئيس المؤتمر الشعبي العام الأسبق في المحافظة، لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أننا إزاء جنيف3 و4 و5، لافتا إلى أن جنيف المقبل ستتبعه (جنيفات)، فالمرحلة معقدة وساخنة، بدءا من بيروت وبغداد ودمشق وليس آخرها في صنعاء».
وقال الناشط الحقوقي، المحامي خالد الشعيبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(جنيف3) ستكون مثل سابقتها الأولى والثانية، لكن الواضح للعيان من خطاب الرئيس المخلوع ومحاولة قواته الموالية له مؤخرا للسيطرة على بعض الأماكن مثل الجوف شمال صنعاء، وكرش شمال لحج جنوب البلاد، وفشلهم في ذلك، فضلا عن محاولات فاشلة لإطلاق صواريخ»، لافتا إلى أن كل هذه الأعمال العسكرية غرضها فرض واقع سياسي يظهرهم في نوع من القوة.
وأضاف الشعيبي أن الواقع يؤكد أن الميليشيات المسلحة وقادتها أعجز من أن يقدموا واقعا سياسيا يؤهلهم لفرض شروط لهم، مبينا أن الرئيس المخلوع يعيش وهما متجسدا في محاولاته إرباك المشهد السياسي بمعارك عسكرية، رغم أن هذا الواقع يشير إلى أن هذه القوات تعيش وضعا حرجا، وهي تكاد تكون في رمقها الأخير.
وكشف عن احتمالية أن يقبلوا بأقل الشروط خاصة مع تقهقر وضعف قوة الميليشيات، ففي هذه الحالة يحتمل نجاح المسار السياسي وقبولهم بأقل المكاسب السياسية، منوها بأن المشكلة في أن المجتمع الدولي صاحب القرار غير الجاد حقيقة على إنهاء الصراعات والتعامل مع صالح والميليشيات بتنفيذ القرارات الدولية.
وتوقع الناشط الحقوقي أن يكون الحل عسكريا، وإن كان مكلفا علي اليمنيين وعلى التحالف المساند للسلطة الشرعية، مشيرا إلى أن الحل السياسي ستبقي ميليشيات صالح والحوثي في المستقبل محتفظة ببعض قواها، وهذا يعني إعادة دورات الصراع كرات أخرى.
الناطق باسم المجلس العسكري للمنطقة الوسطى بمحافظة أبين شرق عدن، والقيادي الأسبق في اللجان الشعبية، منصور سالم العلهي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «جنيف3» ستكون نتائجه مثل سابقيه، موضحا أنه لن يتوقع إحراز أي تقدم في مسار المفاوضات المقبلة.
وأضاف أن المشكلة ليست في تعنت الميليشيات الانقلابية فحسب، وإنما لوقوف بعض الدول إلى جانب الانقلابيين التي تدفع لتأجيج الأوضاع في اليمن، مثل روسيا وإيران وغيرهما، لافتا إلى أن المعوقات والعراقيل التي تعترض مسار المفاوضات تكمن في حسابات الدول الكبرى ومنها روسيا التي تحالفت مع إيران.
وأوضح أن اليمن تمت تهيئته من جهة الميليشيات الانقلابية، ليكون ملعبا تلعب فيه روسيا وإيران لعبة تصفية حساباتها مع السعودية وبعض دول الخليج، منوها بأن الحسابات ما دامت لم يتم تصفيتها، فلن تجد أي لقاءات أو مفاوضات ما بقيت المشكلة قائمة دون حسم أو حل، مبينا أن الحل سيكون سياسيا مع الإبقاء على استمرارية الحل العسكري، ليشكل ضغطا على الميليشيات الانقلابية، كي تذعن في نهاية المطاف للحل السياسي.
وأشار إلى أهمية أن توجه السعودية تحديدا برسائل غير مباشرة إلى روسيا تحذرها من أنها وبمواصلتها دعم المخلوع وقادة الميليشيات الانقلابية ستفقد مصالحها في دول الخليج عامة، وكذا اليمن، في حال استمرت في عرقلة المساعي السياسية لإنهاء الأزمة اليمنية الناتجة في الأساس عن انقلاب وتمرد على السلطة الشرعية في البلاد.
وكانت الممثلة العليا نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، فيدريكا موغريني، ومفوض المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات كريستوس ستيليانديس، أصدرا بيانا مشتركا أول من أمس (الاثنين)، أكدا فيه «أن الحل لهذا النزاع يجب أن يكون سياسيا».
وقال البيان: «ستواصل المفوضية الأوروبية، التي تواجه وضعا إنسانيا بحجم لم يسبق له مثيل، تقديم الدعم الإنساني في 2016 للسكان المتضررين في أنحاء اليمن الذين يعانون جراء النزاع ومن انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».