سبعه أشهر من المعاناة والحرمان للمواطن اليمني من حقوقه الضرورية، على من يتولى زمام السلطة، وذلك منذ انقلبت المليشيات الحوثية على السلطة، وتسلمت المهام بقوة السلاح، وقطعت الخدمات الأساسية عن المواطن في كل المدن والمحافظات، وفي مقدمتها الكهرباء ومياه الشرب.
وتتزايد معاناة اليمنيين بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتوقف الخدمات الأساسية للحياة، حيث توقف المؤسسة العامة للمياه عن ضخ المياه للأحياء السكنية بسبب عدم توفر مادة الديزل، وانقطاع الكهرباء، في الوقت الذي من الصعب الحصول على بدائل في ظل مثل هذا الوضع الصعب.
ومنذ قرابة 8 أشهر، تغرق العاصمة صنعاء و المدن اليمنية في الظلام بشكل كلي، ما يعني حرمان المواطنين كليا من كثير من الخدمات، وفي مقدمتها شحن وتشغيل الأجهزة، ورفع المياه.
وفي مواجهة هذه الأزمة الجاثمة على صدور اليمنيين، لجأ المواطنون إلى بدائل للحصول على الطاقة، أهمها على الإطلاق هي الطاقة االشمسية، التي اجتاحت الأسواق اليمنية بشكل غير مسبوق.
كما أن الكثير من اليمنيين بسبب غياب الكهرباء، تفاقمت معاناتهم، وفقدوا مصالحهم وتعطلت أعمالهم، فضلا عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالقطاع الصحي والصناعي، وغيرها.
محلات تجارية أوصدت أبوابها وتكبدت العديد من الخسائر وفقد الناس أعمالهم وخصوصاً تلك المحلات التي تعتمد كليا على الكهرباء في تسيير أعمالها كورش النجارة واللحام والألمنيوم ومحلات التصوير وغيرها، فلم يعد أي شيء جميل في وجود مليشيات الحوثي التي أعادت اليمن عدة عقود إلى الوراء .
المواطن اليمني يبحث في كل الأسواق عن البدائل التي قد توفر له الحد الأدنى من احتياجاته من الطاقة، فهذا "شوقي الحجوري " يسكن بحي الثلاثين يقول : " نحن لم نعد في نظر أحد من المسؤولين اليمنيين كبشر لنا حقوق ممن يملك زمام أمور الدولة، ويدير شؤونها، فما خلفه الحوثيون جعلنا نعيش حالة من اليأس والحرمان والمعاناة الشاقة فكل شيء نسألهم عنه إجابتهم علينا احمد والله عادكم عايشين فالعدوان المستمر هو السبب في معاناة شعبنا".
وأضاف شوقي لـ"مندب برس"، " ألا يعلم هؤلاء أنهم هم السبب الأول في انطفاء الكهرباء وقطع المياه"، مؤكدا أنه استطاع أن يوفر الإنارة لمنزله بالألواح الشمسية، والتي بلغت تكلفتها قرابة200000 ألف ريال يمني حد قوله.
وأوضح بأن الطاقة لا تفي بالغرض المطلوب، فضلا عن كونها مكلفة، مشيرا إلى أنه استطاع أن يوفر الإنارة لمنزله، بينما لا يملك ما يسد به رمق أطفاله بسبب الغلاء المعيشي وتعثر حركة الاقتصاد والأعمال.
أما "أكرم الوليدي " صاحب ورشة لتشكيل الحديد فيقول:" انقطاع الكهرباء وانعدام المشتقات أدى إلى توقف العمل داخل الورشة وخسارة العديد من الزبائن بسبب تأخر الأعمال"، مؤكدا أن المولد لم يفي بالغرض في العمل وان مشكلة الديزل تظل العقبة الكبرى ففقدنا الزبائن.
وأضاف لـ"مندب برس"، : "اضطررنا إلى الاستغناء عن معظم العاملين في الورشة والذين يعملون لدينا منذ سنوات طويلة لعدم القدرة على دفع أجورهم فالعمل توقف تماما والتيار الكهربائي لا يعود سوى ساعة واحدة في الأسبوع، وأحيانا في الأسبوعين، ولا نستطيع تشغيل المولدات الكهربائية بسبب انعدام الديزل".
المواطن "عبدالملك الروحاني "، التقيت به وهو واقفاً في أحد الطوابير الطويلة عند إحدى مضخات تعبئة وايتات المياه للحصول على لترات من الماء للاستهلاك اليومي، وهناك قال لي:" أنا مضطر إلى الوقوف في هذه الطوابير الطويلة تحت أشعة الشمس الحارقة يوميا لمدة 5 ساعات بسبب ارتفاع سعر وايتات الماء والتي وصل سعرها 10000 ريال.
ويحاول اليمنيون تعويض جزء مما فقدوه من انعدام الكهرباء الكلي عن طريق شحن هواتفهم باستخدام البطاريات الجافة التي ارتفع سعرها أكثر من الضعف، واستخدام خطوط الهاتف الثابت في الحصول على إضاءة بسيطة باستخدام لمبات اقتصادية فئة 7 وات.
وأنت تتجول في أسواق العاصمة صنعاء، يلفت نظرك الكثير من الباعة المتجولين وأصحاب البسطات الذين يبيعون أدوات الإضاءة والإنارة بالطاقة الشمسية بأنواع مختلفة، منها بطاريات شحن أدوات كهرباء، وغير ذلك من الأدوات والمعدات التي كثيرا ما ينخدع المستهلكين بألوانها وبريقها.
الحاج "محمد الشغدري" أحد الأشخاص الذي خدعه الباعة أصحاب البسطات في سوق التحرير بصنعاء ببطارية 70 وات وأدوات إنارة مع لوح شمسي 50وات، حيث أوضح بأنه ذهب إلى البيت لتركيبها يفاجئ أن البطارية تالفة تضوي له ساعة لمبات الإنارة وفجاه تنطفئ بدون أن تستطيع شحن هاتفة.
وأضاف الشغدري لـ"مندب برس"، " قمنا بشحنها في ورشة على المولد الكهربائي ولكنها ما تزال ثلاثة أيام، وعندما حاولت أعادتها لم أجد البائع الذي اشتريتها منه".
"ياسر الروحاني" يؤكد أنه حصل على الإضاءة من خلال استخدام خط الهاتف الثابت لمبات اقتصادية 7 وات، مشيرا إلى أنه يوجد لديه مولد كهربائي لكن صعوبة الحصول على المشتقات لم يعد المولد مكمل للعمل حد قولة .
وقال بأن استخدام ألواح الطاقة الشمسية، والحصول على الكهرباء أصبح حكرا على ذوي الدخل المرتفع فهم القادرون فقط على شراءها بعد، أن ارتفع سعرها بشكل خيالي.
يقول أحد المواطنين الذي قام بشراء ألواح تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية بأنها كلفته مبلغ 120000 ريال من أجل الحصول على طاقة كهربائية لا تتجاوز 300وات وتعمل لمدة خمس ساعات فقط.
أوضاع مأساوية تعيشها ربات الأسر
أوضاع مأساوية ومشقات صعبة ترغم النساء على القيام بمهمات إضافية في رعاية العائلة، بما في ذلك العمل على تلبية حاجياتها من خلال استخدام بدائل بدائية وشاقة ومرهقة، مثل الاحتطاب ونقل المياه من الآبار وإنارة المنازل بالشموع أو بالفوانيس التركية القديمة، ناهيك عن مشقة الأعمال المنزلية اليومية التي خلفها التيار الكهربائي في انقطاعه التام .
تأثرت الأسرة في" المدينة " أكثر من المرأة في الريف ، حيث أن المرأة في المدينة تستخدم الكهرباء بشكل كبير في الكثير من أعمالها ، مما أثرت على حياتها اليومية التي أصبحت تعتمد اعتمادا كبيرا على الكهرباء في الإنارة و تشغيل الأجهزة المنزلية المختلفة (التلفزيونات -الغسالات – الثلاجات – مضخات المياه المنزلية ) وغيرها.. وأيضا أعمال الناس المعتمدة على الكهرباء كالورش و المعامل و حتى المقرات الحكومية..
نادية العريقي مدرسة بمدرسة الرماح تؤكد أن الكهرباء أثرت على جدولها اليومي، مشيرة إلى أنها وأسرتها تعاني كثيرا من أجل الحصول على الماء.
وقالت لـ"مندب برس"، : "أنا اسكن بالدور الخامس، معاناتي تختلف كثيرا، الغسالة معطلة، والماء غير سهل وقت طويل في الحصول على الماء ورفعه في اسطوانات بلاستيكية من الخزان الأرضي حتى شقتي، ولك أن تتخيل كم نحتاج من الماء حتى نستطيع غسيل الملابس والأواني المنزلية وأشياء كثيرة تعانيها كثير من النساء وربات البيوت في العاصمة صنعاء، ما بين البحث عن الماء وضوء بسيط لسيطرة على الظلام فالليل يختلف كثيراً عن النهار في إعداد الطعام أو من الذين منازلهم ظلام وقت النهار الذين في البدرومات.
وأضافت: "هذه المعاناة تركها المتخلفون من اليمنيين، الذين لا يملكون إحساس في الضمير من ما تركوه من أثر في نفوس الأطفال وربات المنازل كيف لهؤلاء هل ماتت ضمائرهم".
ولا تقتصر معاناة النساء في الحرب اليمنية على ظروف النزوح ومشاعر الخوف والغلاء المعيشي ، بل تزداد قساوة في ظل انقطاع الكهرباء و الخدمات التي كانت سهلة للمرأة أبان وجود الكهرباء مما يدعوهن للقيام بمهمات شاقة.
"أم مالك" تؤكد أن الكهرباء كانت تخفف من معاناتها في مسألة الطبخ، وخصوصا عند انعدام الغاز المنزلي، مضيفة أن زوجها لا يستطيع توفير الغاز بسبب انعدامه في الأسواق أو لارتفاع ثمنه الذي يصل في السوق السوداء الى22 دولارا لـ20 لترا، وقد تكون مرغمة على استخدام “نشارة الخشب” أو “الكرتونة” لطهي الطعام.
تقضي أم مالك أوقاتا طويلة في البحث عن هذه السلع المرمية في الشوارع العامة. وقد تضطر أحياناً لشراء مخلفات الأخشاب والمواد الكرتونية من محلات تجارية تروج لمثل تلك السلع.
أما "أم خالد " بائعه اللحوح توضح من جهتها أنها تلجأ إلى استخدام الفحم في إعداد اللحوح الذي تبيعه في السوق كي تستطيع الحصول على الصرفة لأطفالها الذي توفي والدهم قبل أعوام.
وأكدت أنها كانت تملك ملحة كهربائية في إعداد اللحوح، ولكنها الآن استخدمت أدوات الريف البدائية ( المدر) الذي تصنع علية اللحوح، وتقوم بشراء الحطب مؤكدة أنها تعاني كثيرا، إذ أن ما كانت تدخره باتت تصرفه من أجل شراء الحطب، حد قولها، مشيرة إلى أن الغاز أصبح مكلفاً، ومن الصعب الحصول على الغاز المنزلي .
تلبية الاحتياج
المواطن وليد السنحاني يؤكد أنه استخدم لوح شمسي قدرة 150 وات وبطارية قدرة 80 أمبير وملحقاتها تفي بالغرض بشكل لا بأس به حيث يتم تشغيل الإنارة لبعض الغرف و التلفزيون حسب تجربته حد قولة.
المواطن يبحث عن البديل
منظومة الطاقة الشمسية التي غزت أسواق صنعاء بشكل كبير بشركات جعلت المواطن اليمني لا يفرق بين الرديء والأصلي فظل حائراً في شرائها فيتكلف جهدا كبيرا للبحث عن الإمكانيات للحصول على 100 وات وبطارية سبعون أمبير لغرض إنارة المنزل وشحن بطارية التلفون.
ورغم أنها كانت مكلفة بداية الأمر لكنها استطاعت تلبية الاحتياج وتوفير ميزانية الأسرة مقارنة بوسائل توليد الكهرباء الأخرى .
يشتكي عبدالسلام راجح، وهو مدرس تربوي من غلاء الألواح الشمسية، حيث يقول:" اضطررت لشرائها بالتقسيط رغم ارتفاع قيمتها كي أستطيع تلبية احتياج المنزل من الكهرباء في ظل انعدام التيار الكهربائي كلياً وانعدام الأمل من عودته على المدى القريب".
وأشار إلى أن أدواتها تحتاج لصيانة واهتمام من خلال مسح اللوح وتعريضه للشمس وقت الشروق، مؤكدا أن اللوح أبو 100 الذي لدية لا يستطيع تشغيل التلفاز، وأنه أصبح من الصعب يشاهد هو وأسرته التلفاز أو تشغيل الغسالة لغسل الملابس، مختتما كلامه : "معاناة كبرى نعيشها في ظل مليشيات استمرئت على التضليل".
منظومة متكاملة
عبدا لملك الروحاني أحد التجار المستوردين للمنظومة الشمسية يقول : "أنا أعمل في الخارج بين العسل والعطورات فخلال تواصل انقطاع الكهرباء بشكل كلي على العاصمة صنعاء حيث تسكن عائلتي ذهبت للبحث في محل إقامتي هنا خصصت مبلغا مالي لشرائها وتصديرها للسوق في اليمن 250 مع بطاريات الالكترونية فتم بيعها خلال عشرة أيام والآن أصبحت أورد لعدد من التجار في اليمن والحمد الله أصبح الإقبال شديد جداً على منظومة الطاقة الشمسية ، حيث أصبحت الأساس وتعد من مقومات الحياة للمواطن اليمني ، وبعد أن ظل بدون تيار كهربائي منذ فترة طويلة لذلك بحث عن بدائل تلبي احتياجاته ، فوجد بأن الطاقة الشمسية ساهمت وبشكل كبير في توفير الإنارة الكافية وفي استخدامها كمنظومات متكاملة للمنزل".
وأضاف: " هناك ما نسبته تقريباً 68% من الشعب اليمني لم يمتلك الطاقة الشمسية لأنها تفوق قدرته الشرائية ، ولكي تكون منظومة متكاملة بما يلبي 4000 وات تكون قيمتها تعادل 280 ألف ريال وما فوق".
مستوى دخل الفرد
على الصعيد نفسه يقول علي القراعي مسئول مبيعات بالمركز السوداني بشارع التحرير : أن مستوى دخل الفرد ضئيل ومحدود لا يمكنه من شراء مشتقات نفطية تصل قيمتها 12000 ريال أو تزيد بشكل يومي ، أي أن تكلفتها شهرياً تحتاج لميزانية باهظة.. فالطاقة الشمسية مكلفة بداية الأمر لكنها على الاستخدام الطويل مجانية فهي الأنسب للمواطن اليمني حتى وان تكلف في شرائها لكنه سيحد من الظلام الدامس وتعبئه بطارية تلفونه حيث أن المواطن اليمني أصبح كل همة التلفون وإنارة المنزل.
يشاركه عبدالملك الضياني بالقول:" نسبة الإقبال كبير جداً يصل إلى 90% بالمقارنة مع المولدات الكهربائية وحاجة تزويدها بالمشتقات النفطية ، كما أن غالبية المجتمع اليمني من ذوي الدخل المحدود ورغم ذلك يسعى للحصول على الطاقة البديلة حتى وإن كانت فوق قدرته الشرائية".
الحصار والسوق السوداء المستمرة
تعيش العاصمة اليمنية صنعاء أوضاع مأساوية وأزمة خانقة في التزويد بالمحروقات، حيث تقف طوابير السيارات أمام محطات الوقود والغاز، وهناك عند الكثير من سكان العاصمة صنعاء وامتعاض: “إلى متى سيظل هذا الوضع كذلك؟ لم نعد نتحمل هكذا يتحدث الكثير من سكان العاصمة صنعاء ساعات طويلة يقف صاحب المولد الكهربائي أمام محطة بترول كي يحصل على عشرون لتر من أجل يستطيع أن يرفع الماء من الخزان الأرضي إلى الطابق العلوي للمستأجرين هكذا أصحاب البيوت في صنعاء حالهم بحث وانتظار كما يحدثنا الحاج "عبدالله الغرباني" أحد سكان حي ذهبان أنه يعاني كثيراً في البحث عن البترول لرفع مياه للمستأجرين الذين في عمارته المكونة من أربعه ادوار".
خيبة أمل ومستقبل مجهول
وتتبادل الأطراف المتصارعة الاتهامات بشأن المسؤول عن انقطاع التيار الكهربائي والجهة التي تعرقل الفرق الفنية التابعة لوزارة الكهرباء من إصلاح خطوط نقل الطاقة الكهربائية، متجاهلين معاناة المواطنين الذين لم يجدوا من يلومونه على ذلك سوى من أوصلوهم إلى الوضع الراهن.
وبسبب تكلفتها العالية، ما تزال الطاقة الشمسية لا تجد لها سوقًا رسمياً محددة وواسعة بين المواطنين إلا أن سلطة الطاقة وتجارها يظلون محتكرين لها فالمواطن اليمني يظل يعاني كثيراً في الحصول على الضوء لإنارة منزلة أو شحن بطارية هاتفة
ونوه عدد من المواطنين في صنعاء أن استخدام الإنارة بالطاقة الشمسية ساهم بشكل كبير في تخفيف المعاناة من أزمة الطاقة الكهربائية والمعاناة التي خلفتها لهم مليشيات. ?