مع تزايد مخاطر تنظيم "الدولة" وتوسع عملياته حتى وصلت لعواصم غربية، إضافة للنشاط الإيراني المستمر في المنطقة، تستمر بلدان الخليج العربي في احتياطاتها الأمنية المستمرة منذ عقود، التي تمثلت باتفاقيات أمنية وخطط توجت اليوم الأربعاء، بالتوقيع على تدشين مقر الشرطة الخليجية الموحدة، خلال الاجتماع الـ 34 لوزراء داخلية مجلس التعاون الخليجي، في الدوحة، لتشكل خطوة متقدمة لبدء نشاطات الشرطة الخليجية مطلع العام المقبل.
الاجتماع تم خلاله التشاور في الأوضاع والمستجدات الأمنية التي تشهدها المنطقة، وكيفية تعزيز التنسيق ضمن منظومة العمل الموحد وآليات التنفيذ ودراسة الإجراءات الأمنية المتبعة لمواجهة أية إحداثيات طارئة.
- تنامي الإرهاب يفرض تدابير خليجية
وقال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد اللطيف الزياني، في افتتاح الاجتماع، إن تطورات الأحداث المتسارعة في المنطقة فرضت على دول المجلس تحديات أمنية واجتماعية أبرزها "تنامي الحركات الإرهابية والمتطرفة وانتشار الفكر الطائفي".
وأكد أن توسيع دائرة الاهتمام بالقضايا الأمنية المعاصرة وبالأخص الجريمة المنظمة العابرة للحدود "من شأنه أن يرفع من مستوى المعرفة والإدراك لدى عناصر الأجهزة الأمنية، ويعزز قدراتهم ويأهلهم للتعامل بكفاءة مع خفايا الجرائم".
وقد تصدت دول خليجية في الآونة الأخيرة للكثير من نشاطات تهريب الأسلحة وإنشاء الخلايا الإرهابية، أنقذت فيها بلدانها مما قد تقوم به جماعات لها ارتباطات خارجية أبرزها إيران.
وفي مشاركته في اجتماع الدوحة، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الكويتي محمد خالد الصباح، أن الإرهاب وتهريب الأسلحة والذخائر والمفرقعات إضافة للمخدرات "آفات تستهدف أمننا واستقرارنا وشبابنا".
ووصف اجتماع اليوم، بأنه يأتي لتدارس الأوضاع الأمنية والتحديات التي تواجه دول المجلس؛ خاصة "وأننا نعيش وسط محيط إقليمي تستعر فيه نيران الحروب الأهلية والصراعات الطائفية والعرقية، وهي بيئة تنشط فيها الجماعات الإرهابية لنشر الخراب والدمار، وقد شهدنا حوادث إرهابية غريبة على مجتمعاتنا من قلة ضالة لم يراعوا لبيوت الله حرمة".
جهاز الشرطة الخليجي الجديد، الذي انضم إلى المنظومة الأمنية، قال إنه سيسهم في تسهيل التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات "حتى نكون قادرين على الضرب على أيدي العابثين وتحقيق نعمة الأمن والأمان لشعوبنا".
- التنسيق الخليجي.. تطور زمني متلاحق
ومنذ عقد الاجتماع الأمني الأول بين دول المجلس في العاصمة السعودية الرياض في فبراير/ شباط 1982، تشكلت لجان أمنية متخصصة للتنسيق والتعاون نتج عن عملها منطلقات ومبادئ وأهداف التعاون الأمني بين دول المجلس.
وخلال العقود الماضية من عُمر المجلس، ظهر المحور الأمني كأقوى أوجه التعاون بعد المحور الدفاعي، متجاوزاً التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، حيث تحققت إنجازات وخطوات عدة في مجال التعاون الأمني؛ منها: "الاستراتيجية الأمنية الشاملة" التي أقرت في 15 فبراير/ شباط 1987 في مسقط كإطار عام للتعاون الأمني.
وكان لها أهداف لها وسائل تنفيذ محددة، وقد تمت مراجعتها وتحديثها، واعتمدها المجلس الأعلى في ديسمبر/ كانون الأول 2008، مع إقرار لجنة للتخطيط الاستراتيجي لرصد الإنجازات الأمنية، أبرزها مكافحة الإرهاب، وفق دراسة نشرها مركز الجزيرة للدراسات.
كما أقر وزراء داخلية مجلس التعاون عام 2012 الاتفاقية الأمنية بين دول الخليج العربي، "بهدف تحقيق التكامل الفعلي للأجهزة الأمنية والتعاون الميداني فيما يتعلق بتسليم المتهمين والمحكومين ومحاربة الجريمة والمخدرات"، ما من شأنه ضمان الأمن الداخلي في الخليج.
وفي العام نفسه أقرّت "اتفاقية مكافحة الإرهاب" بنسختها المعدلة عن نسخة 2004.
وتكفلت اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك الموقعة في المنامة في ديسمبر/ كانون الأول 2000 بردع التحديات الخارجية، عبر التحول من مرحلة التعاون العسكري إلى مرحلة الدفاع الخليجي المشترك، وعبر قوة "درع الجزيرة" التي أنشئت عام 1982، التي استخدمت لأول مرة لوقف أعمال شغب واحتجاجات واسعة شهدتها البحرين عام 2011.
- إنتربول الخليج.. التطور الأبرز
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، أقر وزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم التشاوري الـ15، الذي استضافته الكويت، إنشاء "جهاز الشرطة الخليجية"، على أن يكون مقره في أبوظبي.
وجدد المجلس في البيان الختامي لقمة الدوحة الخليجية الـ35، أواخر العام الماضي، الدعوة لمواجهة الإرهاب والتطرف، وتأكيد نبذهما مهما كانت دوافعهما وأياً كان مصدرهما، كما رحب بتوصيات مؤتمر المنامة لمكافحة الإرهاب، وبقرار مجلس الأمن فرض عقوبات على داعمي الإرهاب.
وتتلخص أهداف "الشرطة الخليجية" بـ"تبادل المعلومات الخليجية داخلياً وخارجياً، حول الأنشطة الإجرامية الدولية المنظمة".
وأوضح خبير أمني سعودي، تحدّث لـ"الخليج أونلاين" في وقت سابق، أن من مهام "الإنتربول" المرتقب، التركيز على أهداف جمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها وتبادلها على نطاقين؛ أولهما بين دول الخليج، وثانيهما بين مركز العمليات في دولة الإمارات من جهة، وبين استخبارات الدول الحليفة والصديقة للإمارات والخليج من جهة ثانية.
وأضاف أن القيادة العسكرية الموحَّدة ستعمد إلى رفد عمل الشرطة، من خلال التدخل في تنفيذ عمليات عسكرية وأمنية، إذا ما اقتضت الضرورة الاستخبارية بذلك، بناء على ما بين يدي "الإنتربول" الخليجي من معلومات ومعطيات.
وتنتظر دول مجلس التعاون، البداية الفعلية لعمل جهاز الشرطة الخليجية مع انطلاق عام 2016، وسط تكرر أحداث بدول خليجية اكتشف بأن من منفذيها أشخاصاً من جارة خليجية أخرى، لذا ينتظر أن يضع الجهاز حداً لمثل هذه النشاطات، إضافة لاحتمالية قيامه بواجبات التحقيق وتتبع الخلايا بأي دولة خليجية.
*الخليج اونلاين