في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة، منعت السلطات التركية، أحد أبرز رجال السلطة الفلسطينية، وحركة "فتح"، من دخول أراضيها عبر مطار "إسطنبول" الدولي، واحتجزته لعدة ساعات داخل المطار، قبل أن تعيده من حيث أتى، وتبلغه بقرار المنع رسمياً من دخول الأراضي التركية.
اللواء توفيق الطيراوي، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الفلسطينية، وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، احتجزه الأمن التركي، في مطار "إسطنبول" لأكثر من 5 ساعات متواصلة، وأبلغه أنه "يشكل خطراً على الأمن التركي"، وعليه المغادرة فوراً من حيث أتى.
هذا الموقف الجديد من قبل تركيا شكل "صدمة" كبيرة لحركة "فتح" والسلطة الفلسطينية، وفتح باب التكهنات والتساؤلات واسعاً، حول الهدف من تلك الخطوة، وهل ستشهد العلاقات التركية مع السلطة تطوراً جديداً، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة التي جرت في تركيا وأسفرت عن فوز حزب "العدالة والتنمية"؟
واللواء توفيق الطيراوي، هو رئيس لجنة التحقيق في وفاة الرئيس عرفات، وقد زار تركيا من قبل دون أي عقبات أو منع.
-تفاصيل الحادثة
اللواء توفيق الطيراوي عبر عن غضبه واستيائه الشديدين من القرار الذي صدر بحقه من قبل السلطات التركية العليا، بمنع دخوله إلى أراضيها؛ بحجة أنه "يشكل خطراً على الأمن التركي".
وقال الطيراوي، لمراسل" الخليج أونلاين"، إنه: "كان متوجهاً إلى تركيا لتلبية دعوة رسمية وصلت له من السفارة الفلسطينية وحركة فتح في تركيا؛ للمشاركة في فعاليات إحياء الذكرى الـ11 لرحيل الزعيم ياسر عرفات".
وأضاف: "فور وصولي لمطار إسطنبول قادماً من العاصمة الأردنية عمان، تم حجزي داخل المطار لأكثر من 5 ساعات متواصلة، دون إبداء أي أسباب للحجز ومنع دخولي للأراضي التركية"، مشيراً إلى أن "السفارة الفلسطينية حاولت التدخل في الأمر لإنهاء الأزمة".
وأوضح اللواء الطيراوي أنه "بعد أكثر من 5 ساعات على الاحتجاز داخل مطار إسطنبول، تم إبلاغي رسمياً من قبل الجهات المختصة في تركيا، بضرورة مغادرة المطار بشكل فوري، وعلى أول طيارة تتجه نحو الأردن، وأن أسباب منعي من السفر هي أمنية بحتة".
وأشار إلى أن "منعه من دخول تركيا بسبب دواعٍ أمنية، غير مقنع"، مؤكداً أن "سبب المنع الرئيسي من دخول تركيا هو لموقفه المتشدد من جماعة الإخوان المسلمين، وانتقاده الدائم لهم ولكل من يساندهم عبر وسائل الإعلام المختلفة".
واعتبر اللواء الطيراوي أن القرار التركي بحقه يمس بمكانة السلطة الفلسطينية وقادة "فتح"، موضحاً أن كل مواقفه السياسية "واضحة ولن تتغير"، مطالباً السلطات التركية بإعادة النظر في قرار منعه؛ لكون زيارته كانت تقتصر على المشاركة في فعاليات إحياء ذكرى رحيل "أبو عمار".
-استهجان
من جانبه، أكد فيصل أبو شهلا، القيادي في حركة "فتح" والنائب في المجلس التشريعي، عن رفض حركته القاطع للقرار التركي الذي صدر بحق اللواء توفيق الطيراوي، ومنعه من دخول الأراضي التركية.
وقال أبو شهلا لمراسل "الخليج أونلاين": "ما جرى التعامل به مع اللواء الطيراوي، داخل مطار إسطنبول، واحتجازه لأكثر من 5 ساعات متواصلة، لا يليق التعامل بتلك الطريقة مع دبلوماسي فلسطيني بحجم الطيراوي".
وأوضح "أن السلطات التركية مطالبة بتوضيح عاجل للحادثة كلها، وتوضيح كل الأسباب التي دفعتها إلى منع اللواء الطيراوي من دخول الأراضي التركية، وترحيله مباشرة إلى العاصمة الأردنية عمان"، مشيراً إلى أن "السلطة الفلسطينية والسفارة في تركيا بدأتا بالتحرك فعلياً بهذا الجانب".
وبسؤال "الخليج أونلاين"، حول إن كان منع الطيراوي سيقود إلى مرحلة جديدة في العلاقة بين رجال السلطة وفتح وبين السلطات التركية، أوضح النائب أبو شهلا بالقول: "منع الطيراوي من دخول الأراضي التركية أمر مستغرب ومستهجن بشكل كبير، ومثل تلك الأحداث يجب تقديم إيضاحات عاجلة لها، قبل أن تتطور بشكل سلبي".
وأضاف: "العلاقة مع تركيا جيدة، وحركة فتح تسعى جاهدةً لأن تبقى كذلك"، لافتاً إلى "أن التحركات والاتصالات لا تزال مستمرة، وسيتم خلال ساعات قليلة فقط معرفة الأسباب ومحاولة معالجة الأمر بشكل يضمن ترابط العلاقات، ولا يسمح بإحداث أي عقبات بين تركيا وفلسطين".
-توتر العلاقات
بدوره، رأى المحلل السياسي حسن عبده، أن "قرار منع الطيراوي من دخول الأراضي التركية، في حال استمر ودون إبداء أي أسباب واضحة للمنع، قد يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين رجال السلطة وحركة "فتح" وبين السلطات التركية".
وقال عبده لمراسل"الخليج أونلاين": "قرار المنع خطير، ولا يمكن الاستهانة به، والسلطة الفلسطينية تحاول عبر تحركاتها واتصالاتها استيضاح الأمر، أو على الأقل معرفة الأسباب التي دعت تركيا لحظر دخول الطيراوي لأراضيها".
وأشار إلى أن "إنجاز هذا الملف وإغلاقه بصورة سريعة ضرورة ملحة وهامة قبل توتر العلاقات التركية-الفلسطينية، ودخولها في منطقة غير واضحة المعالم، حتى اللحظة، خاصة بعد الانتخابات التركية الأخيرة، وفوز حزب العدالة والتنمية فيها".
وأضاف: "العلاقات بين فلسطين وتركيا لا تزال قوية ومتينة، وفي حال نشبت أي نقطة خلاف يجب الإسراع في وضع حلول عملية وعاجلة لها، قبل أن تتطور، وتوثر سلباً في العلاقات الثنائية".
وعزا المحلل السياسي قرار منع الطيراوي من دخول الأراضي التركية، إلى وجود خلافات مع السلطات التركية، قد تتعلق بشخص الطيراوي، أو حركة "فتح" بشكل عام تجاه المواقف التركية السياسية، ولكن هذا الأمر يحتاج لمعالجة وتوضيح بشكل فوري.