الرئيسية > اقتصاد > معاناة الناس في صنعاء.. الرغيف والطاقة والماء (تقرير)

معاناة الناس في صنعاء.. الرغيف والطاقة والماء (تقرير)

معاناة الناس في صنعاء.. الرغيف والطاقة والماء (تقرير)

لم يكن صعباً على المارة في أحد شوارع مدينة صنعاء، أن يدرك سبب غضب أحد المسنين، الذي كان يصيح محتجاً، وهو يخرج من وسط جمهرة من الناس تقف أمام أحد الأفران، فقد ظل يلوح بما يفترض أن يكون رغيف خبز، ليرى الجميع الحجم الذي وصل إليه «رغيف العيش».

كثيرة هي المؤشرات التي تعكس الحالة المعيشية المتعبة التي يمر بها اليمنيون أثناء الأزمة والحرب التي أشعلتها جماعة الحوثي وصالح، فقرص (الروتي) و(الرغيف) تضاءل حجمه كثيراً، بينما بقيّ سعره كما هو، والمشتقات النفطية باتت تعرض للبيع في الشوارع في قوارير المياه، صغيرة الحجم، سعة 70 ملليلتراً، وبسعر السوق السوداء.

يقول د. سلطان الأكحلي، الأستاذ المساعد لعلم الاجتماع السياسي والتنمية ل«الخليج»: «مع كل حرب تزداد حدة المعاناة الإنسانية والمعيشية للمواطنين، لذلك لم تزد الحرب الدائرة سكان المدن والقرى اليمنية، إلّا مزيداً من المعاناة الاقتصادية والمعيشية، فقد توقفت إلى حد بعيد، الأعمال في كثير من حقول النفط والغاز، نتج ذلك عن انقطاع الكهرباء تماماً، بعد سنوات من المكابدة المستمرة للاختلالات في إمداداتها، وإثر ذلك توقفت مضخات آبار المياه وخزاناتها في المنازل عن العمل».

ومع انقطاع الكهرباء لجأ الكثيرون إلى وسائل بديلة للحصول على الطاقة، فالمقتدرون اقتنوا الألواح الشمسية، كلاً وفق قدرته، بينما آخرون لجأوا إلى الكشافات الصغيرة لتنير لهم الطريق أثناء الليل، وداخل المنازل أيضاً. ومنذ شهور صار من المعتاد مصاحبة الضجيج ليوميات الناس، بفعل تشغيل مولدات الكهرباء في المحال التجارية وبعض المنازل.

ويقول محمد يعقوب، يسكن في شقة بإحدى عمارات شارع الرباط بصنعاء: أصبحنا نجلب مع بقية ساكني العمارة، الماء من خزان العمارة، ونرفعه بالدلاء ثم ننقله بالأواني والأوعية إلى الشقق، في عمل يومي شاق، وزد على ذلك أدفع مقابل المياه المُشتراة 10 آلاف ريال شهرياً. ويعلق د. الأكحلي: انقطاع الكهرباء تسبب في توقف كثير من الأعمال المنزلية المتصلة بالاستحمام اليومي والنظافة والتبريد والتثليج وغسل الملابس وكيها. ترافق ذلك الانقطاع، بالارتفاع الجنوني لأسعار صهاريج سيارات نقل المياه ليبلغ سعر صهريج الماء إلى 8 آلاف ريال، ومعظم هذه المياه غير صالحة للشرب.

ويلفت إلى معاناة السكان في مدينة تعز، فهم يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على المياه، حيث اتجه الانقلابيون في الآونة الأخيرة لمنع إدخال سيارات نقل المياه، بل إن أسعار مياه الشرب بلغت 10 آلاف ريال، بما يساوي 50 دولاراً.

ونتيجة لأزمة الغاز المنزلي وارتفاع سعره في السوق السوداء، حضر «الحطب» وازدهرت تجارته، حتى في العاصمة صنعاء، لدى العديد من الأسر، خاصة تلك التي تعيش في بيوت مستقلة، ومشتريات الناس صارت للاستهلاك اليومي الآني، فلا تستطيع الأسر الاحتفاظ بالخضراوات الطازجة أو الأسماك أو اللحوم لليوم التالي، بسبب انقطاع الكهرباء، بعد أن ركنت البرادات (الثلاجات) في الزوايا المهملة بالشقق، والأسر صارت تشتري قطع الثلج من الأسواق للحصول على الماء البارد. ويرى د. الأكحلي «أن ذلك جانب آخر من فصول محنة المعاناة المعيشية للأسر اليمنية، وانحصار الأعمال الأخرى الأساسية في المنزل في أعمال الطبخ الضرورية. فقد أدى توقف أجهزة الثلاجات والمجمدات، إلى الاكتفاء باستخدام أقل قدر ممكن من الأواني والأطباق، وبالضرورة أقل ما يمكن من مكونات غذائية للوجبات اليومية، كتناول الأغذية المحفوظة، أو تناول كبسات الأرز بالبطاطا، أو العصيدة أو طبيخ البامية والسبانخ أو ما توفر في الأسواق، لذلك استعانة المطابخ بالاحتطاب في كثير من الوقت، كان سبيلاً لآلاف ربات البيوت».

وفي صنعاء وغيرها من المدن اليمنية، لم يعد مستغرباً أن يجد المتسوقين رفوف المحال التجارية فارغة، في أغلب الأيام، واختفاء سلع معينة بين مدة وأخرى، في ظل ظروف الأزمة والحرب التي تمر بها البلاد، لكن ما يصدم المتسوقين الارتفاع المتتالي للأسعار. تقول أم أحمد وهي متسوقة دائمة في أحد السوبر ماركات المعروفة بصنعاء: ما صار يفاجئني ويزعجني أن أجد سعر السلع يرتفع بين أسبوع وآخر، وبعض السلع ارتفع سعرها فقط ثلاث مرات خلال شهر واحد، ليتضاعف ويصل سعرها إلى 100%.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)