"لا تقبروناش" (وبالتعزي لا تِقبرُنَّاش) لخصت هذه الجملة القصيرة كل ما يجول بخاطر كل يمني يعشق الحياة لوطنه والبقاء لأهله. خرجت هذه الكلمة "وحياً " من السماء أجراها الله على لسان طفل صغير قتلته قذائف مليشيات الحوثي في محافظة تعز التي تتعرض للقصف اليومي الكثيف بالأسلحة الثقيلة منذ أكثر من 6 أشهر.

فريد شوقي الذماري صاحب هذه الصرخة المدوية التي هزت وجدان كل يمني وكل إنسان بلغت هذه العبارة إلى أذنه لن تموت وتقبر كقائلها فكلمات الأنبياء والصالحين تبقى بعد رحيلهم نورا يضيء طريق أتباعهم.

لقد بعث الله من بيننا ، نحن اليمانيون ، هذا الطفل الصغير ليبلغ رسالتنا إلى العالم وإلى قادة الحرب قبل غيرهم برسالة واحدة مختصرة، لم نعجز عن قولها فقد بحت لها حناجرنا، لكننا لم نكن لنعرف كيف نختصر هذه الرسالة حتى تكون أكثر بلاغة وتأثيرا. هي فعلا "صرخة موجعة مزقت كل ضمير مازالت فيه بقايا حياة" كما يحب أن يعبر عن ذلك ربيع السامعي.

قالها فريد برائة للذمة "لا تقتلوا كل اليمنيين" ثم غادر، قالها كما قالها من قبل حبيب النجار لبني إسرائيل "يقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" ثم غادر إلى ديار "الْمُكْرَمِينَ" ، هذا هو دأب كل الرجال الصالحين وأولياء الله في الأرض ، نقل الرسالة بكل أمانة وجرأة ثم المغادرة إلى ديار المكرمين.

كلمة رجلنا الصالح ورسولنا "فريد" دفعت المئات بل الآلاف إلى الكتابة وفجرت الكلمات نوحا ورثاءا ، شعرا ونثرا ، فصحى وعامية . الكل يبكي الوطن قبل البكاء على الملاك الراحل، فيقول المفكر والكاتب اليمني محمد عزان مخاطبا الرجل الصالح ""بـ ?#‏لاتقبروناش? قَبَرْتَنَا وقبرتَ حُكام البلاد وأمراء الحرب يا "فريد" !! يا صرخة أطفال اليمن ووجع الضمير ودمعة الأمهات في طول البلاد وعرضها".

وبمثل تلك الكلمات تأن القاصة والكاتبة اليمنية فكرية شحرة بالقول "‏لاتقبروناش?" كلمة لو خالطت الأموات لبعثتهم من قبورهم، إنما كيف لوحوش الحروب أن يفيقوا، قبروا اليمن بأحقادهم وأطماعهم، لعنة الله على الظالمين.
وتضيف شحرة بالقول "إننا نقبر في قبر جماعي أسمه الوطن ..فليكن شعارنا "لا تقبروناش"".

أما الكاتب الصحفي همدان العليي فقد قارن بين دعوة الرجل الصالح "فريد" وبين دعوات مسوخ الموت والدمار حيث قال "وحده فريد من أطلق ?#‏صرخة_الحياة? أمام صرخات الموت التي تصدح بها حناجر الحوثيين. فريد يقول: أريد أن أعيش.. والحوثيون يصرخون: حيا بداعي الموت". لقد أختط رجلنا الصالح بكلمتين خطاً فارقا بين جيلين سيتوجب على المؤرخ لهذه الحقبة من تاريخ اليمن أن يقول : كان هناك جيلين في اليمن :جيل ?#‏مانبالي? وجيل أخر ?#‏لاتقبروناش? يحب الحياة ، كما يحب أن يعبر عن ذلك الناشط بلال مغرم.

وعن مصير الرجل الصالح يتفق الجميع بأن "فريد لم يمت ليقبر، فريد صعد إلى جنان الخلد وتركنا في هذه الأرض مقبورين وحولنا كلاب الأرض من كل جهة تهدد حياة اليمنيين" ، كما يقول مروان الترب. وحول ذلك يتفق يحيى ابو الرجال حيث يقول الطفل الذي قال ?#‏لاتقبروناش? ، يجب ان لا يقبر ، يجب ان يبقى جسده خالدا بيننا ، يجب ان يكون شاهد على القتله والمجرمين للاجيال القادمة.

ولعل ابلغ ما نشعر به بعد رحيل رجلنا الصالح هو ما قاله الناشط والصحفي طارق البنا "لم نقبرك يا فريد، يا طفل تعز الجميل، بل قبرتنا أنت في "أجداث" الألم ، و"مقابر" الوجع ، و"لحود" الحزن المرير ! قبرت طمأنينتنا ، ودفنت بقية رغبتنا في الحياة ، وتسللت من خلفنا بهدوء ، ورحلت ! خنقتنا بدموعك، وألهبت صدورنا بأنينك، وجلدت ظهورنا بسياط حروفك ، وأنت تنادي : "لا تقبروناش" ! أنت تخاف القبر، هذا طبيعي لأنك إنسان ، وطفل بريء لكن من قتلوك لا يخافون شيئاً ، حتى الله".

رسالة فريد

وحول رسالة فريد وتفصيلاتها وتفسيرها فقد أبدع في ذلك الناشط والكاتب محمود الحافظي حيث يقول:

لا تقبروناش!
صغير أنا عن أصغر حفرة!
نظيف أنا عن أنظف قماش أبيض!
طموح أنا أكثر من ظمأ تعز للماء! ومحب أنا، أكثر من كل هذه الحروب والأفكار والضوضاء والرماد والحلول!
رمموا من جسدي ما استطعتم! أوقفوا في الثقب الرابع الدماء! اسحبوا الشظية الثالثة! واسقوني كأس الماء الثانية! وحققوا مطلبي الوحيد:
لا تقبروناش!!
أحس بروحي تريد التعالي عن دنياكم المثخنة! لكنني أحب أن أعيش أكثر حتى أرى ابتسامة حقيقة على وجه أمي! وأرى الإرهاق يتسلل على جبين أبي بعد العمل! وأسمع أختى الصغرى تهذي بالليل عن ألعاب النهار! ويمر اليوم الثالث والعاشر والمائة ولا اسمع سوى صخب الشوارع، وأصوات الباعة المتجولين، وزفة في القاعة المجاورة، وديمة بشار على طيور الجنة! لو عشت حتى كل ذلك سأعلن انسحابي، ولكم أن تقبروني حينها! أما اللحظة فلا..
وأنا مزروع بالجراح! وأنا خلية آلام لا تكف! وأنا خوف يتلوه خوف! فلا..
لا تقبروناش.
مزيدا من الماء! ظامئ أنا! قليل من الإبر والمشارط، ممزق أنا! شيء من الهدوء، مرعوب أنا! وأبعدوا عن عيني البياض، كل بياض، شيء من سواد ثياب أمي يعيد في الحياة! خففوا عني لمسات أيديكم اللدنة، قليل من رائحة الديتول والبارود، وفقط:
لا تقبروناش!
أنا في الخلاصة مستقبلكم بتفاصيله، وحياتكم بأوضح خرائطها، جروحي لا تستقرئ المستقبل المكذوب على فم محلل! ولساني لا يستسيغ نثر مصطلحات المثقف التي تقول كل شيء عدا ما سيكون! وألمي يحكي أدق من الروائي! وأنا لست ما سيقولون في البوستات والتغريدات: أنا يمني من تعز، في هذه اللحظة من الزمان. وهذا كل ما في الأمر! لو حصل وقبرتموني فاقرؤوا الفاتحة على رأس الوطن! أنا الفاتحة التي لم تصل بعد لآمين، وأنتم من بعدي ما قبل آمين: حيث لا تنفع الكلمات، وليس إلا القيامة.. لأجلكم:
لا تقبروناش..
ولي أنا:
لا تقبروناش.."

مرثيات شعرية

إلى ذلك تداول الناشطون عبر وسائل التواصل الإجتماعي العديد من المقطوعات الشعرية التي ترثي رحيل الرجل الصالح "فريد" كما ترثي حال الأمة اليمنية وما أصابها من ظلم وجور بوجود مليشيات الحوثي وقوات صالح التي نشرت الدمار والخراب في كل أرجاء الوطن.

(1) ?ممدوح عطران?

لا تقبروا جسدي المضرج بالدما
إني أخاف' بأن أبيت وحيدا
* * * * * * * لم يدرك الطفل' البريء' بأنه'
سيكون طيرا في الجنان مجيدا
و بأن مولاه' الرحيم اختاره'
ليبيت في كنف الخليل حميدا
و بأنه' نجاه' من دار البلا
ليحل في دار النعيم سعيدا
نم يا فريد' و لا تخف من وحشة
في القبر إنك قد رقيت شهيدا
يا رب فامنح والديه و أهله'
صبرا و شفع في ذويه فريدا

(2) ?عامر السعيدي

" لا تقبروناش "
إني أعشق اللّعبا
وأشتهي وطناً لا يقتل الطربا
?#‏لاتقبروناش?
حتى لا ترى صوري
أمّاً تنوح على بروازها و أبا
لا تقبروناش
قال الطفل وانكسرتْ
روح السماء ومات الورد منتحبا
يا لعنة الله
لا تبقي على أحدٍ
خان البلاد وأذكى حولها اللهبا

(3) ?ابو المجد الوصابي

صغيرٌ قــــد أصابتهُ الشظــــايا
وأُدِخِلَ فجأةً في قسم الانعاش
يَشدُّ يَدَ الطبيب بِـكل خــــوفٍ
يقول بحُـــرقةٍ ?#‏لاتقبروناش?
انا الطفـــــل البريئ اتدفنـــــوني
ولم احمل على الاكتاف رشاش.
وأُمُّ الطفــــل تمســــح مُـــقلتيها
وتلعن كـــل سفـــــاحٍ وغشاش
.
لسان الحـــال يوصينا جميعـــاً
سواءً مات هــذا الطفل او عاش
اذا ما القــــــبرُ أصبح مُستــحقٌ
فإن القـــــــــبر للحوثي وعفـاش ..

(4) يحيى الحمادي

? ?َ???ُ??ِ? ..
? ?َ???ِ??ُ ???َ??َ ?َ??ِ?
? ?ُ?ِ??ُ ???َّ??َ ?َ??َ ??َ??ِ
?ِ?َّ ???َّ??َ ?َ??َ ??َ??ِ
?َ??َ?ُ ?ِ? ?َ?َ??ِ?ِ ?َ??ِ??
??َ?َ?ُّ ?ِ? ?َ?َ?ِ ???ُّ?ُ??ِ
?َ?َّ??ُ?ُ? ????ّ?ِ
???ِ???ِ
???????ِ
????َّ??ِ ???َ?ُ??ِ
???ُ?ِّ ?? ?ُ??َ? ??ُ??َ?ُ ????ِ?ِ
? ?ُ??ِ?ُ??ِ? ????ُّ???ِ ??َ??َ?ُ?? ..
?َ?َ? ?َ? ?َ?َ?ْ طِفلاً ..
?َ?ِ? ?? ??ْ?َ?َّ ?َ??ُ
?? ?َ?َ?ْ ?ُ??ً? ????ِ?
فَعَلامَ ?َ??َ?ِ?ُ??َ ?ِ????ِ? ؟!
??ُ??َ?َ ?َ?ْ?َ?ِ? ؟!
?َ? ?َ??َ?ُ?? - ?ِ? ?ِ??ُ - ?ُ??ِ? !
? ?َ??ِ?ُ??ِ? ..
?ُ?ِّ? ?َ?ُ??ِ?ُ?ِ? ?َ?ً?
?َ?ِ?َ??َ?ُ ?????ِ ???َ?ِ??ِ ?????ٌ
??َ?? ?َ?َ??ُ ?ُ??ِّ?ً?
?ِ?َ?ُ??َ ?َ?َّ?َ ?َ? ?ُ?َ?ِّ?ُ ????َّ?ِ??ِ ??َ??ُ?ُ
???? ???َ?َ?ْ
?ِ? ?َ??َ?ٌ ?? ???َ??ِ
?َ?ْ?ُ?ُ ?َ??َ?ِ?
??َ?ِ???ٌ ?َ??َ ???ِ?َ??َ?ِ
?َ??َ?ُ ?????ِ ???َ?ِ??ِ ???
?َ?ِ?ُّ ?ِ?َ? ???َ?ِ??ِ ???
?َ?ً? ?َ?ُ?ِ??ُ?ُ
??ُ?ِ??ُ ?ُ??َ?َ ???ِ??
??َ?َ??َ?ِ? ?ُ?َّ??َ?ً ?ِ??َّ??ِ
?َ???ُ ?َ??ِ?ِ? ?َ?َ?ً? ??َ????اً ???
??َ?َ??ِلاً ?َ??ُ??َ?ً ????َ??ِ ???َ??َ??ِ
?َ??ِ?َ?ً ?ِ? ???َ??ُ??ِ ???َ???ِ
????َ??ِ ???ُ?ُ??ِ?
? ?َ???ُ??ِ? ..
?َ? ?َ??َ ?ُ??ِ?ُ ?َ??َ?ِ? ?? ???َ??ِ
?َ?ِّ? ?ُ?ُّ ؟!
?َ? ?َ?ُ?ِ??ُ ?ُ??َ?َ ???ِ?? ؟!
??ُ?َ?ِّ?ُ ???ُ?ُ?َ ???َ?ِ??َ?ْ ؟!
?َ? ?َ??َ ?َ???ُ ?َ??ِ?ِ? ?َ??ِ?
?ِ?? ?? ?ِ??ُ
?َ? ???ِ?
??َ? ?ِ??ِ?
??ُ??ِ? ؟!!
? ?َ??ِ?ُ??ِ? ..
? ?َ??ُ?ُ?? ?َ?َّ?َّ ?َ? ?ُ?ِّ?
?? ?َ?َ?ُ?? ???ُّ?َ??َ ?َ?َ?َّ
?ِ?ْ ?َ?ُ?َ? ?ُ?ُ??ِ?
?ُ?ِّ? ?َ?ُ??ِ?ُ?ِ? ?ِ?ُ?ْ?َ?ِ??
??َ??ِ?ُ ?ُ?َّ ??? ???َ??ِ ?َ? ?َ?َ?ِ?
?ِ?َ?ْ?ِ ?َ?َ??ِ?ِ
??ُ?ِ??ُ ?َ????ِ? ?ِ?? ?? ??ْ?َ?َّ ?َ??ِ?
????َ?َ?َّ ?َ?ِ? ??ُ??ُ?َ?ِ?
??َ?ْ?ِ ?َ?َ??ِ?ِ?
??َ?َ??ِ?ِ?
??َ?ُ??ُ ?ِ?َ?َّ??ِ : ?ُ??ِ?
?َ?ُ?ِ??ُ ???ِ?َ?ً ?ُ?ُ??ِ?
? ?َ??ِ?ُ??ِ? ..
? ?ُ??ِ?ُ??ِ? ?ِ? ?َ?َ??ِ?
?َ??َ ?ِ??َ??ِ? ?ِ???? ?ُ?ُّ !
?َ? ???? ?َ?َ??ُ ??ُ? !!
??َ??ِ?ُ ???ِ?ِ? !
??َ?ُ??ُ ?َ?ًّ? ?ِ? ?ُ?ُ??ِ? !
? ?َ??ِ?ُ??ِ? ..!

(5) ?ضياء دماج