انفجارات ومفرقعات نارية وأصوات الرصاص المطلق بكثافة وأدخنة ناجمة عن الإطارات المحروقة وصرخات وزوامل، هذا ليس حرب أو جزء من احتجاجات سلمية، أنما هي طقوس شيعية احتفالية بعيدهم الأكبر الغدير الأغر كما يحب ان يسميه البعض .
في الليلة 18 من ذي الحجة من كل عام تعيش المدن اليمنية، كابوس الطائفية واستعراض للقوة المسلحة المفرطة الذي انتهجه الحوثيون منذ زمن ليس ببعيد وذلك إحياءً لعيدهم المزعوم وإعلان بيعتهم للأمام والخليفة علي بن أبي طالب.
و«الغدير» عيد يحييه الشيعة في كل أنحاء العالم بتقاليد وأساليب مختلفة وكان لشيعة اليمنيين طقوس مختلفة حيث يتعدى العيد صفت الاحتفال بمناسبة دينية لطائفة ما إلى وسيلة سياسية وعسكرية تظهر فيها جماعة مسلحة قوتها واستعدادها ومقدرتها على حشد أنصارها .
ويبقى السؤال ما الغدير ؟ومتى شرع ؟ وكيف أحياه اليمنيين في السابق ؟ واستخدامه لأغراض سياسية ؟ وما هدف الحوثيين في هذا العيد ؟ كل هذه الأسئلة وغيرها نحاول ان نجيب عليها في سياق هذا التقرير .
ما الغدير؟
يحتفل المسلمون الشيعة في مختلف أنحاء العالم بيوم 18من شهر ذي الحجة من كل عام والذي يصادف يومنا هذا الجمعة في ما يسمونه «عيد الغدير» أو «عيد الولاية» ؛ بناءً على روايات تتحدث عن تنصيب الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وصياً من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم.
و زيدية اليمن كغيرهم من أصحاب المذاهب المتشيعة يحيون هذا العيد بطرق ووسائل مختلفة رغم الاختلاف الكبير بين الطوائف في كون هذا الغدير مناسبة دينية واجب الاحتفال بها أو مستحب.
يقول الشيعة أن الرسول ( ص) خطب في الناس يوم 18 ذي الحجة في غدير خم -وهي منطقة بين مكة والمدينة – ونصب عليهم في هذا اليوم الإمام علي وصياً وإماماً مستشهدين بقوله عليه(ص) « من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه «اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه».
بين البدعة والشعيرة
لم يرد في كتب التاريخ الإسلامي الشيعية منها والسنية أي ذكر لاحتفالات المسلمين والجيل الأول منهم بعيد الغدير أو القيام بعبادات مختلفة تميزه عن سائر الأيام ، ولم يحيي هذا اليوم الإمام عليه رضي الله عنه بآي طقوس خاصة، إلا ان كتب الشيعة بعد ذلك تورد الكثير من الأحاديث على لسان الصحابة وأحفاد علي رضي الله عنه في فضل هذا اليوم كما هو الحال في اكتفاءهم بقول الرسول عليه(ص) في الإمام علي رضي الله عنه - حديث المولاة السابق - دون عرض لما سبق من أحداث، مستغلين بذلك التعتيم في تأليف وسرد قصص غير متوافقة مع الوقائع التاريخية أو متقاربة مع روايات الكتب السنية .
ويقال أن أول من أحدث بدعة عيد الغدير وأمر الناس بالاحتفال هو معز الدولة بن بويه ، وذلك في سنة 352هـ ببغداد، حيث قال ابن كثير في حوادث سنة 352هـ : ( وفي عشر ذي الحجة منها أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد ، وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد ، وأن تضرب الذبابات والبوقات ، وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء ، وعند الشرط ، فرحاً بعيد الغدير – غدير خم – فكان وقتاً عجيباً مشهوداً ، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة ).
وقال المقريزي : ( اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم ، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة على بن بويه ، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة فاتخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً)
ويعتبر عيد ((غدير خم )) من الأعياد والمواسم التي كان العبيديون – ناصري البدعة – يقيمونها ويرعونها ، ويحافظون عليها، وذلك لإثبات تشيعهم ومحبتهم لآل البيت ، الذي يدَّعُون الانتساب إليهم، ولم يحتف بالغدير في أي بلاد أخرى غير بغداد حتى عام 362هـ حيث أحيا القوم في القاهرة ما يشبه احتفالات العراق.
الغدير في العراق
الغدير في اليمن
يعود الغدير في اليمن إلى الموروثات القديمة التي حافظ عليها أتباع المذهب الزيدي ، ويذكر الكاتب عبدالفتاح البتول في كتابه (الشيعة في اليمن من التأسيس إلى الترسيخ): إلى أن الغدير موروث زيدي قديم ، يعود تاريخه إلى ما قبل أربع مئة عام وأول من أحياء الاحتفال به هو(والإمام المهدي احمد بن الحسن بن القاسم كان أول من احتفل بيوم الغدير في اليمن) .
وعاشت اليمن بعد ذلك قرونا من الزمان تحت حكم الأئمة أصحاب المذهب الزيدي - وهو أقرب المذاهب الشيعية إلى السنة حيث تقر كتب الزيدية بصحة خلافة الشيخين أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وفصلهم الكاتب البتول إلى ثلاثة أصناف فيما يخص قولهم في صحة خلافة الشيخين لا داعي للغور فيها- و علماء الزيدية منهم من قال ببدعة الغدير ومنهم من شارك في أحياءه، ولم تثر قضيته كخلاف مذهبي وعقائدي بين أبناء اليمن كما هو بين علماء وأعلام الزيدية والمذاهب السنية الأخرى، وكان من الخلافات الهامشية و الفرعية المنسية في ظل مجتمع قبلي محافظ يرفض الأفكار الدخيلة والمبتدعة .
ويقول القدماء من معاصري الإمامة أن الأئمة الزيديون من آل حميد الدين لم يحيوا احتفالات بعيد الغدير ولم يفرضوا ضرائب على الناس أو مبالغ من المال كضرائب خاصة بهذه المناسبة كما هو اليوم، وأشاروا ان بعض القبائل كانت تحتفل في مثل هذه الأيام بالغدير وتذبح فيه الذبائح كعادة سارت عليها القبائل منذ الأزمنة الغابرة .
الغدير في زمن الجمهورية
كانت الثورة اليمنية حركة سياسية وعسكرية لإسقاط نظام الحكم السياسي الرجعي، ولم تكن هناك أي أبعاد طائفية أو مذهبية للثورة، ما ساعد في استمرار بعض العادات والتقاليد السائدة في المجتمع وبعض الطقوس الدينية والمذهبية التي تقيمها بعض القبائل دون أخرى وهو الحال لدى بعض قبائل صعدة وحجة وذمار.
و بعد قيام الوحدة حاولة الحكومة ان تحد من الظاهرة، من منطلق أمني للحفاظ على أرواح الناس حيث حدث في بداية التسعينات بعض الأخطاء وسقط قتلى وجرحى في مناسبة الغدير -التي نظمتها لأول مرة أحزاب سياسية - تحمل أيدلوجية مذهبية - في بعض مناطق صعدة وذمار، ولم تفلح جهود الحكومة آن ذاك في منع الناس عن أحيا بعض طقوس الغدير في المناطق النائية والبعيدة .
ولا يقتصر الغدير على صنفاً خاص من الناس أو ما يعرف بالسادة آل البيت, ولا على أصحاب المذهب الزيدي حيث لعبة القبلية دوراً كبير في تقليص مثل هذه المسميات والتي كانت سائدة في ظل حكم الأئمة وكان تأثير القبيلة مستحوذ على مثل هذه المناسبات كما هو الحال في اغلب التقاليد الشائعة في مجتمعنا اليمني .
طقوس الغدير
للغدير طقوس محددة تختلف من بلاد إلى بلاد أخرى كما هو الاختلاف بين فرق الشيعة الكثيرة والتي يتميز من بينها او تختلف عنها طقوس الزيديين في اليمن ونوع الفعاليات التي يحيونها في يوم الغدير، والمتناسبة «طبعاً» مع التقاليد والعادات وطبيعة المجتمع اليمني المحافظ، حيث يستعد اليمنيون الزيود للاحتفال بالغدير مبكراً و لا يتوقف الأمر عند أعداد الأطعمة و بعض الذبائح إكراما للمشاركين في المناسبة من الأماكن المجاورة للمنطقة التي تقام فيها هذه المناسبة في العادة؛ إذ يجتهد الناس في شراء كمية كافية من الذخيرة .
وتبدا الطقوس الاحتفالية صباح يوم الغدير باكراُ حيث تدق الطبول أو ما تعرف «بالمرافع والطاساة» ويبكر الشباب في تعلم الرقص الشعبي المعروف ب«البرع» وبعد ساعات قلائل يصطحب الآباء أبناءهم ويذهبون على شكل جماعات يردد البعض منها زوامل شعبية واهازيج إلى أن يصلوا إلى مكان يجتمع فيه الناس ويطلقون الأعيرة النارية على علامات وأهداف أسندت في جبلاً أو مكان مقابل لهم بعيد عن تواجد المارة والمنازل السكنية .
ويعلم الآباء أبناءهم في مثل هذا اليوم استخدام السلاح وكيفية تسديد الطلقات النارية على الأهداف ويسمح البعض الأخر لأبنائهم حمل السلاح في طريق الذهاب والعودة إلى ذلك المكان المسمى «منصع» .
بعد ان يفرغ الناس من منصعهم يعودون بشكل جماعات وهم ينشدون الأشعار والزوامل في مدح النبي وآل بيته عليهم السلام ويتغنون بأمجاد القبيلة وشجاعة فتيانها ويذكرون بعض الأسماء المشهورة في أمثلتهم والمواقع التي شهدتها تلك المناطق ويحرس السكان القريبين من تلك المنطقة التي تسمى «منصع» على تضييف المشاركين من القرى البعيدة ويتوزعونهم بينهم حسب المعرفة والقرابة في أغلب المناطق يكون هكذا سالف أهلها إلا ان مناطق محددة يجمع سكانها الأطعمة إلى مكان واحدة ويتناولون وجبت الغداء معاً ثم يتفرق الجميع كل إلى جهته على أمل أن يلتقي الكثير منهم في المقايل لتداول حديث هذا اليوم الحافل بالإثارة .
الوضع الاقتصادي والغدير
من المعلوم ان الحالة الاقتصادية في مجتمعاً ما تؤثر على حياتهم وسلوكياتهم اليومية والتي تكون أبرزها المناسبات الدينية والاحتفالات السنوية، وقد ألقت الأوضاع الاقتصادية المتردية في نهائية التسعينات وبداية القرن الحالي ظلالها على عيد الغدير، حيث انحصرت ظاهرة الاحتفال بهذه المناسبة وتلاشت في اغلب المناطق، اللهم إلا في مناطق معينة في محافظة صعدة وحجة وذمار والتي كان الناس فيها لديهم مردود مالي جيد يكفي لشراء بعض الذخيرة والتي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني .
وتذكر المصادر العسكرية ان رموز وقيادات من النظام السابق حاولت ان تبقي تقليد الاحتفال بالغدير مستمر وكانت تقدم من أجل ذلك الغرض، ذخيرة من مخصصات المعسكرات والأسلحة التي تصرف للجنود، بطرق غير رسمية وتصرف لبعض الشخصيات القبلية والدينية مع مبالغ مالية كهدايا وإكراميات وهبات تمنح لهم في حين يُطلب بطرق غير مباشرة أحيا مثل تلك المناسبات.
ومثلما تلاعب النظام السابق بالأطراف السياسية واستخدمها كروت في حرب بعضها؛ استغل كذلك مناسبة الغدير للنيل من خصومة الإسلاميين، وهو ما تؤكده التقارير الغربية مؤخراً ، وأعترف رأس النظام آن ذك بدعمه لمجموعات معينة كنكاية سياسية وضرباً للخصوم الإسلاميين، بمنافس ايدلوجي من أجل توازن القوى الذي حاول ان يوجده .
الغدير والتمرد الحوثي
خاضت الحركة الحوثية مطلع منذ 2004 ستة حروب مع الجيش النظامي ، منع خلالها النظام إقامة مثل هذا المناسبة، وهو ما اعتبره الحوثيون قمع لحريتهم وإقامة معتقداتهم وشعائرهم الدينية، واستخدموا مثل هذا التصرف في كسب تعاطف الزيود وإظهار استهدافهم كاستهداف للمذهب الزيدي .
وبعد توقف الحروب وتوقيع الحوثيين مع النظام اتفاقية الصلح برعاية قطرية عام 2009 بدأت الحركة الحوثية في بسط نفوذها كوصي وراعي للمذهب الزيدي ومحيي للطقوس الدينية والشعائر التي منعت .
ورغم ان النظام منع أحياء الغدير في أغلب المناطق، إلا انه عجز عن منعها في منطقة رازح بمحافظة صعدة والتي تعتبر مركز التمرد الحوثي، مما ساهم في تسهيل محاولات الحوثيين في استقطاب القبائل للمشاركة في إحياء الغدير في صعدة ، واستمر الحال على ما هو عليه حتى جاءت الثورة الشبابية السلمية .
ثورتهم غير السلمية
انخرط الحوثيون في صفوف الثوار ورفعوا شعارات السلمية كغيرهم من الشباب، إلا أن اتفقت القوى السياسية على الآلية الخليجية لانتقال السلطة، فكانت قشة البعير التي أعادت الحوثيون لرفع شعاراتهم المتسلحة خلف المعدات والآليات العسكرية التي زودها بهم النظام السابق عبر تسليمهم محافظة صعدة ومعسكرات الحرس المتواجدة فيها .
وعادت ذكرى الغدير عام 2011م في ظل ثورة شبابية عارمة أنهكت النظام وعرته مما افقده السيطرة على اغلب المناطق أو تخلى عنها إن صح التعبير وهو الحال في محافظة صعدة التي فرض الحوثيون عليها حكم ذاتي .
ولأول مرة أحيا الحوثيون ثورتهم غير السلمية في محافظة صعدة دون أي رقيب او مشرف من النظام الحاكم وبكل استقلالية تام وفي مناطق عديدة ، وبجموع بشرية غفيرة صدح خلالها الحوثيون بشعاراتهم الخاصة وادخلوا على الغدير طقوس ومظاهر مختلفة غير معهودة في السابق .
إبادة المذهب الزيدي
كما هي محاولات الحوثيين التوسع في المحافظات المجاورة لصعدة ، حاولوا أن يوسعوا دائرة نفوذهم المذهبية والعقائدية حتى وإن كان على حساب المذهب الزيدي، فقد بعثت الحركة الحوثية بوفود وخطباء ليشاركوا في أحيا عيد الغدير في المحافظات المجاورة مثل حجة وعمران مستغلين التقارب بين عقائدهم والزيدية، ما أثار حفيظة أبناء تلك المناطق ورفضهم للوصاية التي يفرضها الحوثيون عليهم وكما قال مشاركون في محافظة حجة العام الماضي «أن الخلاف وصل إلى درجة أطلاق الرصاص ومنع الغدير نهائياً في بعض المديريات ».
وقال احد رجال الدين الزيود معلقاً على ما حدث في الغدير العام قبل الماضي « ان المذهب والتقاليد الزيدية أصبحت في خطر من الاختراق الحوثي الذي يلتهم الزيدية ويشوهها بمعتقدات إثناء عشرية شيعية متشددة قد تخرج المذهب من دائرة الوسطية التي جعلته وسط بين المذاهب السنية والشيعية» .
العادات الدخيلة
يقول الزيود أن «الصرخة التي يرفعها الحوثيون ويرددون فيها بالموت لأمريكا وإسرائيل ، والخطب المذهبية المتشددة التي يسب فيها الصحابة وتلعن فيها أمهات المؤمنين ، و المعدات العسكرية الثقيلة التي تستخدم في اطلاق النار بشكل عشوائي والألعاب النارية والذخيرة الحية التي تطلق عشية الغدير ،مع الكميات الكبيرة من الإطارات التي تحرق والنفايات » هي طقوس دخيلة على المجتمع اليمني ، ويضيف آخرون «ان طقوس أخرى يحييها الحوثيون في ما تبقى من ايام ذي الحجة يكتنفها الغموض كونها للمقربين من الأسرة الحوثية» .
الغدير في العاصمة صنعاء
أحتفل الحوثيون لأول مرة بعيد الغدير في العاصمة صنعاء التي اجتاحوها في 21سبتمبر العام الماضي، وحشدوا لذلك عشرات الالاف من مسلحيهم .
وأقام الحوثيون احتفالهم في معسكر الفرقة الأولى مدرع شمال العاصمة صنعاء.
وفي الاحتفال خطب زعيم الجماعة عبد الملك بدر الدين خطبته المشهورة التي أاعلن فيها أحقيتهم (ضمنياً) بالحكم ووراثة لعائلة النبوية .
واكتسبت احتفالات الحوثيين العام الماضي صفة رسمية كونهم مسيطرين على مقاليد لدولة والحكم بعد اجتياح صنعاء ووضع الرئيس وقيادات الدولة تحت الإقامة الجبرية.
نهاية الحوثية
جاء عيد الغدير هذا العام 2015 وجماعة الحوثي وحليفها الرئيس السابق في وضعاً لا يحسدون عليه، حيث تتعرض الجماعة ومليشياتها لحرب جوية وبرية يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية والجيش الوطني الموالي للرئيس هادي والحكومة الشرعية التي وصلت مؤخراً للعاصمة المؤقتة عدن بعد تحريرها من تحالف الانقلاب.
وأضطر الحوثيون لإلغاء الاحتفال بعيد الغدير خوفاً من غارات طائرات التحالف التي تستهدف تجمعاتهم ومنازل قياداتهم على مدار السعة في مختلف محافظات الجمهورية .
وكشفت مصادر لـ«مندب برس» ان جماعة الحوثي عممت يوم أمس الخميس توجيهاً لأتباعها في المحافظة طالبتهم فيه بالتزام منازلهم وعدم إحياء أي فعالية مسلحة بمناسبة «عيد الغدير الأغر» وذلك تحاشياً لغارات العدوان السعودي الذي قد يستهدف احتفالاتهم الدينية .
وأشارت المصادر إلى أن أتباع جماعة الحوثي في مديريات حجة، امتنعوا عن إحياء التظاهرة المسلحة بعيد الغدير، واكتفى الحوثيين بالذبح والتجمع في مقيل القات مصطحبين سلاحهم الشخصي .
ويأتي إلغاء الحوثيون لاحتفالهم بالغدير بعد تزايد غارات التحالف العربي على تجمعاتهم المسلحة واستهداف منازل قياداتهم ومواقعهم في مختلف محافظات الجمهورية .
حقيقة الوصاية لعلي في غدير خم «خلاصة»
لو طالعنا رواية الغدير من أولها وفق ما جاء في كتب التاريخ الإسلامي (كتب الشيعية والسنة ) وتتبعنا تسلسل الأحداث التي سبقت واقعة الغدير والأسباب التي جعلت الرسول عليه(ص) يقول « من كنت مولاه.... » (أي ما هي خلفياتها وعللها وعوامل وقوعها) لتبين لنا أنها جاءت على الشكل التالي وليس وفق الرواية الشيعية الكثيرة والمختلفة :
في السنة العاشرة للهجرة انطلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحو آخر سفر للحج، وذلك بعد أن أرسل برسائل إلى رؤساء القبائل العربية وبلاد المسلمين ودعاهم إلى الحضور لأداء مناسك الحج في مكة. ومن جملة ذلك أنه أرسل إلى عليٍّ (ع) – الذي كان في حينها في اليمن يقوم بمهمة جباية أموال الزكاة من أهلها – برسالة دعاه فيها إلى الحضور معه في حجته تلك.
و عندما استلم عليٌّ رضي الله عنه رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكّر في نفسه أنه لو أراد أن يحمل معه أموال بيت المال وينطلق بها إلى مكة فإنه لن يصل في الموعد المحدد. لذا عهد بأمر تلك الأموال إلى عدد من الأفراد الذين كانوا معه – مثل بريدة الأسلمي وخالد بن الوليد- وأمرهم بحملها تحت إشرافهم وإيصالها إلى مكة، وانطلق مسرعاً نحو مكة ليحضر مناسك الحج.
بعد إنهائه للمناسك عاد ليلتقي بالقافلة القادمة من اليمن فلما وصل إليها رأى أن خالد بن الوليد وبريدة الأسلمي وآخرين قد تصرفوا في بعض أموال بيت المال.
فغضب من ذلك ووبخهم على تصرفهم بتلك الأموال [إذْ هي أمانةٌ لا يجوز التصرف بها دون إذن] وواجههم بشدّة. فكبُر على أولئك المتخلفين ذلك التصـرف الذي كان في الحقيقة عين الصواب، فحملوا في قلوبهم على الإمام واستعدوا للانتقام لأنفسهم فأرسلوا أشخاصاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو جاؤوه بأنفسهم وشكوا إليه عنفَ عليٍّ وحِدَّته وتشدُّدَه معهم.
استمع إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهاهم عن معاداة عليٍّ (ع) وبين لهم بعض فضائله ليهدِّئَ من غضبهم. لكن خالداً وبريدة وآخرين، بعد لقائهم رسول الله، واصلوا إساءة الكلام بحق عليٍّ رضي الله عنه بقدر ما استطاعوا، وكان من شأن تلك الإساءة أن تؤثر في كثير من الناس الذين لم يكونوا يعرفون عليَّاً بشكل صحيح بعد، وتجعلهم يسيئون الظن بحقه وتنفر قلوبهم منه.
عندما شاهد رسول الله ذلك الوضع رأى لزاماً عليه –قبل أن يتفرّق الناس وقبل أن يصل صدى مثل هذه المشادّة إلى مكة أو المدينة ويشيع فيها ويؤثر في أهلها- أن يدافع عن شخصية عليٍّ رضي الله عنه ويعرّف الناس بفضائله ومناقبه ويضع بذلك حداً للقضية. لذا [في توقفه لصلاة الظهر والعصر قرب غدير يقال له غدير خم] ألقى خطبة عرّف فيها بالإمام عليٍّ وبيَّن وجوب محبته وموالاته على جميع المسلمين مبتدئاً بأخذ إقرار منهم بأنه «أولى بهم من أنفسهم» ثم قال: «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه» ثم دعا اللهَ قائلاً: «اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»
وخم: غدير يقع في وادي الأراك على عشرة فراسخ من المدينة وعلى أربعة أميال من الجحفة، ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عنده في حق علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه..