الرئيسية > اخبار وتقارير > الوضع الصحي في تعز يحتضر (تقرير)

الوضع الصحي في تعز يحتضر (تقرير)

الوضع الصحي في تعز يحتضر (تقرير)

تعيش مدينة تعز حالة من التدهور في الوضع الصحي  في ظل غياب للخدمات الصحية بعد إغلاق عدد من المستشفيات واستمرار الحرب للشهر الخامس على التوالي وازدياد حالات الإصابة بحمى الضنك مما فاقم الحالة الإنسانية في المدينة التي تشهد حصارا خانقا من قبل مليشيا الحوثي وصالح.

 

يقول أمين عام نقابة الأطباء بتعز صادق الشجاع أن الوضع الصحي متدهور بسبب إغلاق المستشفيات بمدينة تعز جراء انعدام المشتقات النفطية، والانقطاع التام للكهرباء منذ ما يقارب 5 أشهر، بالإضافة إلى وقوع بعض المستشفيات في أماكن المواجهة، الأمر الذي أدى أيضاً بمليشيا الحوثي وصلاح إلى اقتحام بعضها، واعتلاء القناصة لأسطحها، كمستشفى اليمن الدولي و مركز الأورام السرطانية.

 

وأضاف الدكتور الشجاع  في حديث لـ "مندب برس" أن " سيارات الإسعاف تعرضت للاستهداف وقُتل بعض طاقمها في كلٍ من (سيارات الهلال الأحمر – سيارات المستشفى الميداني الصليب الأحمر – سيارات هيئة مستشفى الثورة)، مؤكداً بأن أكثر من 20 مستشفى ومستوصف ومركز صحي في المحافظة تعرضوا للإغلاق".

 

انهيار المنظومة الصحية

 

في تقرير حقوقي متخصص نشرته مؤسسة التوعية و الإعلام الصحي حول انتهاكات حقوق الإنسان في المجال الصحي بمحافظة تعز خلال الفترة من (20 إبريل – 2 يوليو 2015م) أشارت إلى أن 90% من المرافق الصحية بالمحافظة متوقفة كلياً.

 

ورصدت المؤسسة في تقريرها 212 حالة انتهاك بحق العاملين والمنشئات والمرافق الصحية بالمحافظة، و (174189) انتهاكاً بحق المدنيين والمرضى، كما تناول توضيحاً حول تشغيل المرافق الصحية خلال المواجهات المسلحة، حيث رصدت المؤسسة (382) مرفقاً صحياً متوقف عن العمل، و (27) مرفق يعمل جزئياً، بينما وصلت عدد المرافق التي لا زالت تعمل كلياً إلى (17) مرفق، يتزايد عدد التي تتعرض للإغلاق والتوقف أو توقف بعض خدماتها يوماً بعد آخر.

 

وبحسب تقرير الانتهاكات الذي رصدته المؤسسة فقد بلغ عدد العاملين في المجال الصحي منذ بدء المواجهات المسلحة وحتى شهر يوليو الماضي (228) طبيب وممرض من إجمالي (932).

 

في حين وصلت عدد الصيدليات المغلقة بسبب الحرب إلى (231) صيدلية، بالإضافة إلى (53) صيدلية أخرى تضررت جراء القصف، كما تم رصد (78) صيدلية لا زالت تعمل.

 

كما بلغت عدد مخازن الأدوية المغلقة في تعز بسبب منع الاستيراد (547) مخزناً، في حين لا تزال أبواب (31) مخزن آخر مفتوحة.

 

ومما يزيد من فداحة الوضع الصحي السيئ في محافظة تعز أنها تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في الجمهورية اليمنية، إذ يشكل سكانها ما نسبته (12.2%) من سكان الجمهورية، بحسب إحصائيات آخر تعداد سكاني.

 

تفاصيل المعاناة

 

تعاني الكثير من المستشفيات عدد من المشاكل أثناء بحثها عن الأدوية بسبب ارتفاع أسعار بعض الأصناف المعدومة إلى ثلاثة أضعاف تقريباً، بالإضافة إلى توسع دائرة الاشتباكات مما يشكل عائق أمام نقل الجريح الذي قد يتطلب ساعات حتى يصل إلى أحد مستشفيات المدينة، وأوضح الدكتور بأنه يوجد العديد من المستشفيات الميدانية وهي بحاجة ماسة إلى الأدوية والمستلزمات الطبية لإنقاذ مئات الجرحى.

 

يقول الدكتور صادق الشجاع "أن الأصناف الدوائية التي تنقص المستشفيات والمنعدمة في السوق الدوائية هي المحاليل الوريدية، و المختبرية، بالإضافة إلى قرب نقل الدم، وقرب ثلاثية لنقل الصفائح الدموية، والخيوط الجراحية، ومستلزمات العمليات والتخدير، وبعض أنواع المضادات الحيوية، بينما تعرض مخزون كبير من الأدوية التابعة لمنظمة اليونيسيف الخاص بالأمومة والطفولة في منطقة الحصب إلى إحراق متعمد".

 

وأشار  الشجاع  إلى أن مراكز الكلى الصناعية على قلتها تعاني نقص في الأدوية وقلة المياه والمشتقات النفطية لاستمرار عملها، حيث تناقصت فترة الغسيل للمريض الواحد إلى ساعتين بدلاً من 6 ساعات، بالإضافة إلى توقف مركز الرعاية الصحية الأولية عن العمل وما تمثله من رعاية كبيرة للمواطنين.

 

 

جهود المنظمات

 

أفاد ناشطون حقوقيون لـ "مندب برس" بأن الجهود التي يبذلها الهلال الأحمر القطري تمثلت بتوزيع الأدوية على المستشفيات التي تستقبل ضحايا الحرب بعد إعلانها نفاذ الأدوية لديها، وإعلان الهلال الأحمر القطري دعمه لقسم الغسيل الكلوي بمستشفى الجمهوري والثورة، حيث سيكون الدعم بصرف حوافز للموظفين  الفنيين بالقسم، والمشاركة في توفير المحروقات، وتوفير وصيانة الأجهزة وتوفير مياه وخزانات مياه، بالإضافة إلى توفير أدوية لما قبل وبعد الغسيل.

 

وفي تصريح صحفي أكد منسق الهلال الأحمر القطري في تعز "نبيل الحكيمي"، أن الهلال مول كلاً من مستشفيات الثورة العام، الروضة، الصفوة، الجمهوري، الحكمة، التعاون، النشمة، مستشفى خليفة بالتربة، المستشفى الميداني بالضباب، والمستشفى الميداني في حزم العدين بمحافظة إب.

 

مضيفاً بأن قيمة الأدوية التي تم توزيعها على المستشفيات في الحملة الأخيرة قُدرت بمبلغ أكثر من 58 ألف دولار أمريكي.

 

ويبذل الهلال القطري جهداً كبيراً في دعمه لمستشفيات تعز منذ بدء المواجهات المسلحة، بالإضافة إلى تشغيله عدد من المستشفيات المتوقفة ودعمها بالمواد اللازمة، وعملت هذه المستشفيات على استقبال مئات الحالات من الجرحى والمصابين.

 

كما أعلن ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز في مؤتمره الصحفي الأخير في 3 سبتمبر عن الاحتياجات الإنسانية الطارئة، والتي تشمل مجال الصحة والبيئية التي قال بأن احتياجات هذا المجال تتمثل في المصاريف التشغيلية وعلاج الجرحى والتطعيم وتوفير علاجات الأمراض المزمنة والقوافل الطبية وحملات البيئة والنظافة.

 

وفي المؤتمر الصحفي أعلن الائتلاف أن عدد الشهداء الذين سقطوا في محافظة تعز منذ بدء المواجهات يزيد على (869) شخص بالإضافة إلى إصابة (8143) آخرين.

 

ورغم الحصار فقد قام الائتلاف بتوصيل كميات من الأدوية والمواد الطبية والصحية للمستشفيات العاملة، وإزالة (19) ألف طن من النفايات المتكدسة في الشوارع، بالإضافة إلى مساهمته في مكافحة حمى الضنك من خلال الرش الدوري للبؤر الموبوءة، وتوزيع (20) ألف ناموسية على الأسر المتضررة.

 

لكن في المقابل يتحدث حقوقيون وأطباء عن تقزم للدور الذي يلعبه الصليب الأحمر الدولي الذين قالوا بأنه لا يقوم إلى بجزء بسيط من واجباته الإنسانية التي تتمثل في نقل جثث القتلى وتقديم أدوية ومشتقات نفطية محدودة، عوضاً عن عجزه في لعب دور الوسيط لإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية التي تشتريها المستشفيات، وعجزه عن إدخالها بسبب منع الحوثيين في الحوبان - المدخل الشرقي لمدينة تعز- كما حصل قبل أيام بمصادرة مواد مختبرات مستشفى الروضة وقيمتها ألف و 500 دولار.

 

و من الملاحظ بأن الوقت الذي ينشغل فيه الكثير بأمور الحسم العسكري وتأخيره، لا تجد سوى القليل من يهتم بالوضع الإنساني والصحي والبيئي الخطير الذي تعانيه محافظة تعز.

 

 

المدينة المنكوبة

 

لم تكلف الحكومة اليمنية نفسها ولا حتى القائم بأعمال وزير الصحة تقديم المساعدات الإنسانية والصحية لتعز منذ إعلانها كمدينة منكوبة، ولا حتى عناء الاتصال بالقائمين على الوضع الصحي.

 

كما يؤكد أمين عام نقابة الأطباء بتعز أن تعز مدينة منكوبة بكل المقاييس، سواءً على مستوى ضحايا القصف العشوائي للمليشيا على الأحياء السكنية، أو على مستوى الحصار المفروض على المدينة ومنع دخول الأدوية ومواد الإغاثة الصحية من قبل المليشيا التي لا تزال تسيطر على مداخل المدينة.

 

وفي الوقت الذي وصلت فيه مديونية مستشفى الروضة بتعز الذي يُعتبر الأول من حيث الطاقة الاستيعابية في علاج جرحى المدنيين جراء القصف العشوائي بالإضافة إلى جرحى المقاومة والحالات المرضية بالمجان إلى 400 مليون ريال.

 

بينما يقول وكيل المحافظة رشاد الأكحلي أن الحكومة خصصت 90 مليون ريال فقط لقطاع الصحة، رغم ما يعانيه القطاع من انهيار شامل وإغلاق معظم المستشفيات والانتشار الواسع لجائحة حمى الضنك الذي وصل عدد الوفيات بسببه إلى 117 مواطن بينما وصل عدد المصابين إلى 21 ألف وفق تقرير ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز مطلع الشهر الجاري.

 

وقامت هيئة مستشفى الثورة العام بتدشين العمل مجدداً في المستشفى الخميس الماضي بحضور وكيل المحافظة وعدد من الشخصيات، حيث تعرض المستشفى للاستهداف المباشر والشبه يومي، وتساقط القذائف على قسم العمليات وقسم العناية المركزة والطوارئ بالإضافة إلى مركز الكلية الصناعية، كما تم افتتاح مركز خاص بمرضى الضنك الذي وصل فيه عدد المصابين في يوم الافتتاح إلى 100 شخص.

 

وضع حرج

 

تكمن الخطورة بأن المستشفيات والمرافق الصحية واقعة ضمن دائرة الاستهداف المتعمد من قبل مليشيا الحوثي وصالح في خرق واضح لكل الاتفاقيات والمواثيق والقوانين الإنسانية والدولية التي تُجرم الاعتداء على هذه المنشئات الخدمية والإضرار بها.

 

ويتضح من خلال الانتهاكات السابقة أنها تسببت في ضعف الطاقة الاستيعابية، وانتشار الأوبئة والمخاطر الصحية بالإضافة إلى تسببها بتعطيل منظومة الرعاية الصحية المتكاملة للأمومة والطفولة وتأثر برامج الوقاية ومكافحة الأمراض بسبب انعدام التمويل، وتزايد الاعتداءات والانتهاكات السافرة المتكررة، في حين يشكل الوضع الذي بات حرجا تهديداً لحياة الكثير من الأرواح.

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
شريط الأخبار