أثار الترحيب المصري الكبير بولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، جدلاً واسعاً حول عودة العلاقات المصرية السعودية إلى ما كانت عليه وتوافقهما حول تناول القضايا محل الخلاف.
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد حرص على تأكيد قوة العلاقات المصرية السعودية، وقال إن حضور ولي ولي العهد السعودى حفل تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية الجمعة، هو "رسالة".
ودشن نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وسم "مصر ترحب بالأمير سلمان" وهو ما كان مجالاً لمغردين عبروا عن تأييدهم لعودة العلاقة، وآخرين عبروا عن رفضهم.
- مجرد تضخيم
من جهته، اعتبر الناشط السياسي ومؤسس حركة "بداية"، عمرو بدر، أن الخلاف بين مصر والسعودية ناله شيء من التضخيم الإعلامي مؤخراً.
فكل ما هنالك أن الملك سلمان بن عبد العزيز تناول قضايا المنطقة بشكل مغاير لسلفه الملك عبد الله، وهو ما باعد ما بين البلدين، وفق بدر الذي أكد في حديثه لـ "الخليج أونلاين" أن الأمر لا يصل إلى حد القطيعة، لافتاً إلى أن البلدين سيحاولان التوصل لتفاهم بشأن ملف الإخوان المسلمين؛ فكلاهما يحتاج للآخر، لاسيما أن ثمة اضطرابات في التوازنات العالمية تواجه مصر والمملكة، وفق تصوره.
ويرى محللون أن ثمة ما يدعو العاهل السعودي الملك سلمان إلى مراجعة سياسة المملكة تجاه مصر، بل ربما عودتها لما كانت عليه في عهد سلفه الراحل الملك الراحل عبد الله.
- مراجعة
وفي هذا السياق، يرى الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور يُسري العزباوي، أن احتياج السعودية لمصر يرجع لأسباب أهمها الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني من جهة، وعدم قدرة المملكة العربية السعودية على إنهاء الأزمة اليمنية من جهة أخرى.
وتابع في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "الإرهاب الذي يعبث بالمنطقة متمثلاً في تنظيم "الدولة"، والأزمة السورية وحرص المملكة على حلها بشكل لا يصب في مصلحة إيران، يدفع السعودية إلى التقارب مع مصر".
وعزا العزباوي حاجة السعودية إلى تغيير سياستها إلى "ما تشعر به من خطر تجاه أمريكا التي غيرت من سياستها مؤخراً، بشكل يكشف عن اهتمامها بإيران وتركيا على حساب العلاقات التاريخية الوطيدة بدول الخليج؛ ما يجعل الأخيرة ترغب في علاقة قوية مع مصر حتى لا تجد نفسها وحيدة في وقت أجرت فيه أمريكا مواءامات مع إيران وتركيا، ولم يبق إلا مصر، وهو ما يعد تطويقاً للمملكة ودول الخليج".
وأوضح المحلل السياسي أن "القضايا محل الخلاف يمكن الاتفاق على حلها؛ فقد تواصل المملكة ما بدأته في اليمن في ظل دعم سياسي مصري، في مقابل أن تدعم السعودية الحل المصري تجاه ليبيا".
وأشار إلى "أن الساحة العربية لم تشهد ضعفاً مثل ما تمر به الآن، وهو ما يدفع المملكة إلى عدم تجاهل دولة بحجم مصر"، وفق قوله.
وفيما يتعلق بقضية الإخوان المسلمين يقول العزباوي: "إن السعودية التي تحتاج إليهم كورقة سياسية في معركتها ضد إيران قد تدفع النظام المصري إلى حل سياسي معهم، وهو ما يلزم الإخوان بتقديم تنازلات صريحة للشعب المصري لتبرير قبول النظام بهذا الحل".
- اللعب بالأوراق
الرأي نفسه ذهب إليه المحلل السياسي الدكتور هاني سليمان بقوله إن المملكة "باتت تعيد النظر في علاقتها بمصر، خاصة بعدما أدت مساندة المملكة للإخوان المسلمين إلى تمكن الحوثيين في اليمن، وهو أمر ليس في مصلحة السعودية".
واعتبر سليمان في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "محاولة المملكة اللعب بورقة الإخوان في صراعها مع إيران قد تلجئ النظام المصري إلى تحقيق تقدم وانفراجة في ملف المصالحة مع الإخوان".
وعزا ذلك إلى تقدير مصر لما تحدثه المملكة من توازن بالمنطقة، وكذلك حاجة المملكة إلى علاقة قوية مع مصر صاحبة الجيش القوي.
واختتم قائلاً: "إن الخلاف بين البلدين أبداً لا يصل إلى ممارسة الضغوط لحاجة كل من الطرفين للآخر".