تتميز السياسة الخارجية في سلطنة عمان بالحيادية على المستوى الدولي، ممّا وفر لها المناخ الملائم للبناء والتطوير على المستوى الداخلي وقد نجحت بذلك بالفعل، إذ غالباً ما يكون موقفها من الأحداث الخارجية رافضاً للانحياز لأي طرف في الصراعات.
فقد ابتعدت السلطنة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد عن المهاترات السياسية والصراعات والتكتلات الخارجية، فضلاً عن عدم مشاركتها عسكرياً في عاصفة الحزم ضد انقلاب الحوثيين في اليمن.
تحتفظ سلطنة عُمان بعلاقات صداقة مع كثير من دول العالم؛ ما مكنها من القيام بأدوار وساطة في العديد من القضايا الشائكة في المنطقة، لا سيما قضية إيران النووية.
ويرى مراقبون أن عُمان في الوقت الحالي تتعامل مع متغيرات المنطقة وفقاً لاستراتيجيات ثلاث؛ هي الاستفادة من مكانتها طرفاً محايداً لتصبح الجسر الرئيس بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز التعاون الاقتصادي مع طهران، إلى جانب تكثيف التعاون الأمني مع الغرب.
كما تتحرك السلطنة في الأيام الأخيرة لإنهاء أزمة طائفية صامتة في الجزائر عنوانها مدينة "غرداية"، التي تقع في قلب الصحراء الجزائرية الجنوبية، والتي تطورت فيها الصدامات مؤخراً ضد الطائفة الإباضية التي يقال إنهم يشكلون أغلبية فيها.
-ساحة لـ"العدو اللدود"
وترتبط عمان بعلاقة قوية مع إيران أهلتها لأن تصبح حاضنة لعدة جولات من المفاوضات النووية، وعملت على تقريب وجهات النظر بين طهران والدول الغربية، في الوقت الذي ترفض فيه السعودية وحلفاؤها أي تعامل مع إيران، باعتبارها "العدو اللدود".
حتى إنها وقعت في عام 2013 اتفاقيات تعاون عسكري مع إيران، شملت حصول طهران على تسهيلات لأسطولها البحري في الموانئ العمانية الواقعة على مضيق هرمز، ومذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي بين الجانبين، وهي اتفاقية عسكرية فريدة من نوعها للتعاون الدفاعي بين دولة خليجية وإيران.
كما أن ما يؤهلها لذلك أكثر هو رفضها المشاركة العسكرية في "عاصفة الحزم"، في خطوة فسرها محللون أنها تتعلق برغبة مجلس التعاون أن يُبقي عُمان بوابة تفتح على أطراف الصراع في اليمن، كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية، والغزو العراقي للكويت، وغزو التحالف الدولي للعراق بعد ذلك.
وهذا يعني أن تكون عُمان معبراً لأي مفاوضات متوقعة، فلا يمكن أن يطلب أي طرف من عمان التوسط لإنهاء الصراع، إذا كانت ضمن التحالف العربي.
- يد تفاوضية طولى
ذراع عمان التفاوضية أيضاً امتدت نحو الجزائر أقصى غرب العالم العربي؛ وذلك لإنهاء أزمة طائفية صامتة في مدينة "غرداية" الجزائرية التي تقع في قلب الصحراء الجزائرية الجنوبية، التي تطورت فيها الصدامات مؤخراً ضد الطائفة الإباضية التي يقال إنهم يشكلون أغلبية فيها.
وتربط الشعبين العماني والجزائري علاقات متجذرة، يعزز أواصرها الترابط الموجود بين الطائفة (الإباضية) في كلا البلدين، كما يتركز التعاون بخاصة في مجال تلقي العلوم الشرعية، إذ يفد العمانيون إلى معاهد بمنطقة (الفرارة) الجزائرية، حيث يدرس المذهب الإباضي منذ سنوات.
والإباضية أحد المذاهب الإسلامية المنفصلة عن السنة والشيعة، وتنتشر الإباضية في سلطنة عُمان حيث يمثلون بحسب بعض الإحصائيات ما يقارب 70% من العُمانيين، وينتشر أيضاً في جبل نفوسة وفي زوارة في ليبيا ووادي مزاب في الجزائر وجربة في تونس وبعض المناطق في شمال أفريقيا وزنجبار.
وتضم عمان في تركيبتها المذهبية مزيجاً متفرداً في العالم العربي؛ إذ يسكنها 70% من المسلمين الإباضيين، ويتعايشون مع بقية المذاهب السنية المنتشرة، إلى جانب المذهب الشيعي المنتشر أيضاً.