يحاول مجموعة من الشبان والشابات في عدن، جنوبي اليمن، تجديد الحياة السينمائية التي عرفتها مدينتهم مطلع القرن الماضي، من خلال تأسيس ناد سينمائي يعيد الروح إلى دُور السينما التي اندثرت بعد تخلي السلطات الحكومية عنها وإهمالها، وصرف عدد من دُورها لذوي النفوذ، فيما أعيد جزء منها إلى ملاكها الأصليين.
وشهدت مدينة عدن أول العروض السينمائية في العام 1910 للأفلام الصامتة، لتكون من أوائل مدن الجزيرة العربية التي عرفت السينما حينها، لتصل بعدها دُور السينما في اليمن عموماً إلى قرابة 50 داراً سينمائية، قبل أن يتقلص عددها قبل فترة التسعينيات وتشهد تلاشياً مستمراً في عدن وعموم المحافظات اليمنية مع مرور عجلة الزمان.
مؤخراً، أنشأ مجموعة من المثقفين الشبان في عدن ما أسموه بـ"نادي يلا عدن سينما" في محاولة منهم لإعادة الروح إلى دُور السينما المهجورة وتجديد دورها الثقافي الترفيهي الذي تقدمه من خلال إقامة عروض أسبوعية لأفلام سينمائية عبر الأسطوانات المدمجة.
وتقول الشابة زينة الغلابي، وهي من مؤسسي هذا النادي السينمائي، إن الواقع حرم سكان عدن من أن يحظوا بمكان ترفيهي مختلف بعيد عن كل ما هو معتاد، "من هذا المنطلق حاولنا مع مجموعة من الزملاء لإقامة أول عرض سينمائي يقام بعد سنوات من الضياع الثقافي في عدن، والأمر كان حقيقة أشبه برهان مع الواقع والمجتمع، وكانت لدينا بواعث قلق من أن تتعرض فكرتنا للهجوم قبل الإقبال الجماهيري، لكننا فوجئنا لاحقا بحضور جمهور متلهف قبل موعد العرض، وهذا يدلّ على أن هنالك حاجة للسينما وتعزيز دورها الثقافي".
وأضافت الغلابي في حديثها لـ"إرم" أن "نادي يلا عدن سينما" يقدم عرضاً كل أسبوع بسينما هريكن بمدينة كريتر العتيقة، بشكل مبدئي، ويتم اختيار الأفلام المعروضة بعد التصويت عليها من قبل أعضاء صفحة النادي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، مشيرة إلى أن سعر تذكرة الدخول رمزي وضئيل ويذهب لصالح دار السينما التي تستقبلهم بشكل أسبوعي.
وأشارت إلى أن كل ما يقوم به "نادي يلا عدن سينما" هو طوعي، ولم تسهم الجهات الحكومية فيه، معلقة على ذلك بحدّة "لا يوجد أي اهتمام من وزارة الثقافة لكل ما يمت للثقافة بصلة".
وفيما يخصّ جزئية العروض المختلطة من الجنسين في ظل انتشار الجماعات الدينية المتشددة واضطراب الوضع الأمني في اليمن عموما، قالت زينة الغلابي: "سينبغي على المجتمع أن يخشى أيضا من الحافلات والأسواق والحدائق التي تشهد أيضا اختلاطا، والخوف لا يبنى مجتمع، بل يعزله عن العالم، وثمة قلة احتمال بوجود من يشذ عن الرقيّ، مع عدم انصدامنا به خلال العروض الأولى".
وعلى الرغم من انتشار القنوات التلفزيونية والأقراص المدمجة وتوفر الانترنت، إلا أن هنالك خصوصية تمتاز بها السينما ولها جمهورها الذي يحبذ طقوسها، ويتمنى أن تستعيد دُورها مكانتها الثقافية في المجتمع.
وترى إسراء السقاف، المتحدث الرسمي للبيت الثقافي العدني (غير حكومي)، أن المجتمع بحاجة بالغة للسينما التي تعدّ حلقة وصل بين الشعوب، وتلعب دوراً مهماً في توجيه سلوك الفرد وتعديل قيمه الاجتماعية والأخلاقية، ولها أثر في تشكيل الثقافة العامة للأفراد، كما تعتبر وسيلة لتسليط الضوء على قضايا مجتمعية ومعالجتها، ولها أثر كبير في إحداث تغيير اجتماعي ملموس ناهيك عن اعتبارها وسيلة ترفيهية هامة، إلى جانب دورها في صناعة أفلام محلية ناجحة.
ولعلّ هذه المبادرة الشبابية تدفع بالجهات المسؤولة إلى إعادة النظر مجدداً في دورها المتراجع في رعاية وتنشيط دُور السينما في عدن واليمن عموما، حيث أعلن مدير عام مديرية المعلا بعدن يزن سلطان ناجي عن افتتاح مسرح وسينما مفتوحة على الشريط الساحلي بالمدينة.
وقال ناجي في حديث لـ"إرم" إن التحضيرات جارية لإطلاق المسرح والسينما المفتوحة لاستضافة كافة الفعاليات الثقافية في عدن، ويمكن الاستفادة من الشاشة العملاقة الموجودة فيه للعروض السينمائية، وذلك إسهاما من المجلس المحلي بالمعلا في تشجيع العجلة الثقافية والفنية للانطلاق مجدداً.