أنا مواطن سعودي أزعم بأنني أقف في زاوية تسمح لي بأن أرى المشهد اليمني بشكل واضح ودقيق. أقول وبكل أمانة وصدق: أوقفوا هذه الهدن العبثية، أوقفوا مشاريع السلام البائسة مع عصابة الحوثي الإرهابية التي استطاعت أن تكسب من خلال هذه المفاوضات بعضا من الاعتراف الدولي في محاولة منها لأن تضعف موقف الحكومة الشرعية.
السؤال الذي أطرحه اليوم بين هلالين (ألم نتعلم؟).
ألم نتعلم من اتفاقية الطائف اللبنانية حينما وقعت وتعهدت كل الفصائل اللبنانية بتسليم السلاح إلى الدولة اللبنانية، وحينما عاد الجميع إلى لبنان اخترعت الميليشيات الشيعية أكذوبة المقاومة بإيعاز من الخميني، من أجل الاحتفاظ بالسلاح، والحصول على المزيد من الدعم والسلاح الإيراني، وبحراسة ومباركة الأسد الأب الذي كان يسيطر على لبنان آنذاك، ليس لمحاربة إسرائيل كما يدعون، ولكن للسيطرة على لبنان، وها هم اليوم يسيطرون على لبنان تحت قوة السلاح، ويشاركون نظام الأسد في قتل وتهجير الشعب السوري، وأصبح اليوم الجيش اللبناني هو الميليشيا، وميليشيا حزب الله هي الجيش، ألم يحذر الملك حسين - رحمه الله - من الهلال الشيعي بعد استهداف نظام صدام حسين، ألم يكتمل ذلك الهلال اليوم من إيران مرورا بالعراق وسورية وصولا للبنان؟.
ألم نتعلم من مشاريع هيئة الأمم المتحدة الفاشلة في كل مناطق الصراع؟ ألم يقوموا بتشكيل حكومة مصالحة وطنية في ليبيا برئاسة السراج الذي تم اختياره، وصاحب ذلك الاختيار والتوقيع احتفال كبير، ولكن عندما عاد السراج لممارسة مهامه وضعت أمامه العراقيل ولم يستطع حتى السيطرة على القصر الذي يسكنه، وتم طرده وحراسه، وعادت ليبيا إلى الانقسام وبقى الكل متمترسا خلف ميليشياته.
أعود إلى محور حديثنا عاصفة الحزم، عندما أعلنت الحرب ضد الحوثيين وقف كل الشعب السعودي مؤيدا ومباركا لهذا القرار الشجاع، ليس لأن الشعب السعودي من دعاة الحروب، ولكن لعلمه بأن المشروع الفارسي الذي شاهده في العراق وسورية ولبنان لن يتوقف عند اليمن، وأن اختيار اليمن ليس عشوائيا، ولكن لعلم الفرس بأن اليمن منطقة رخوة بسبب الأمية والفقر وعدم توفر العدالة الاجتماعية، والناتجة عن فساد حكومة صالح، ولموقع اليمن في خاصرة السعودية ودول الخليج العربي، وأن الهلال الصفوي قد اكتمل في الشام والعراق وحان الوقت ليصبح المشروع دائرة مكتملة.
لقد وقف الشعب السعودي كله مع ولاة الأمر وأيد قرارهم باقتلاع هذه العصابة الصفوية من جذورها، وأن يعود اليمن عربيا سيدا، لا عبدا لدى الفرس، كما تريده هذه الميليشيات الطائفية وأسيادها في طهران، وكلنا أصبح على دراية ببنية هذه الميليشيات الأيديولوجية، وكيف استهدفت الأطفال والبسطاء وزرعت فيهم الولاء المطلق لما يسمون بالقناديل أو السادة، حيث رأينا كيف يطلبون من أتباعهم أو ما يسمى بالزنابيل وهم الأتباع من غير السادة أن يقبلوا أقدامهم، وكلنا أيضا شاهد المقاطع التي تردنا من الهلال الشيعي الصفوي، وكيف أصبح الشعب العراقي في ظل حكم طهران لبغداد وسيطرة حشدها الشعبي على مفاصل القرار السياسي، وكيف أصبح الشعب العراقي العربي العظيم عبدا فاقدا لكرامته.
لقد رأينا كيف أوعزت طهران لعميلها المالكي بأن يسحب الجيش العراقي من المناطق السنية، لتمكين قطعان داعش البربرية من السيطرة على تلك المناطق حتى يعيثوا فيها بطشا وقتلا وتشريدا ثم يأتي بعد ذلك الجيش العراقي الطائفي وميليشيات الحشد الصفوي، بالتعاون مع البيشمركة الكردية العرقية، ليدخلوها فاتحين كما يدعون، ولقد رأى الجميع كيف كان أحدهم يدخل إحدى الكنائس التي هجرها أهلها بسبب وحشية داعش ليقوم بتنظيفها من أجل إيهام العالم بأن الحشد أناس طيبون متسامحون وليس كما يدعي خصومهم، ولكن في نفس الوقت رأيناهم وهم يقومون بقتل السنة والتنكيل بهم لدرجة أننا رأينا مناظر لا يمكن أن يفعلها بشر، حيث قام بعضهم بأكل كبد وقلب أحد أئمة المساجد هناك. لقد زرعوا الرعب في قلوب أهل تلك المناطق السنية المنكوبة التي وقعت بين مطرقة الحشد وسندان داعش.
نحن نقول وبكل صدق وشفافية إننا لن نقبل ولن نرضى دون اجتثاث الميليشيات الحوثية من اليمن من جذورها عسكريا، مهما كانت التضحيات ومهما كان الثمن. نحن على استعداد لأن نقدم المزيد والمزيد من التضحيات، والشعب اليمني بأغلبيته اليوم يقف معنا ويؤيد عاصفة الحزم ولديه الاستعداد لأن يقاتل ويتطوع في كافة الجبهات، ولكنه يعاني من ضعف التسليح على الأرض. يجب علينا ألا نتراجع قيد أنملة عما بدأناه في اقتلاع المشروع الصفوي من اليمن.. وما النصر إلا من عند الله.