كتب خالد بحاح في صفحته في الفيسبوك:
"ربما يتفهم العالم الان رغبة أبناء المحافظات الجنوبية في النأي بمجتمعهم عن الصراعات اللامتناهية، لاسيما بعد اعلان الانقلابيين"
الذي يسمعه يقول ما شاء الله مجتمع المحافظات الجنوبية كان هادئ مسالم، وليس قتل على الهوية، وليس تصفيات مستمرة ومعارك متجددة، وليس اخفاء قسري وتعذيب.
الذي يسمعهم وهم يتحدثون عن الاستعمار البريطاني ولا كأنه كانت سلطنات لكل قبيلة سلطان وجواز، وكأنه بريطانيا استثنت الجنوب من الانتهاكات الذي مارستها على الشعوب الاخرى.
بعدما اصدر لينكون فرمان تحرير العبيد اشتعلت الحرب الأهلية الامريكية وقتل فيها حاولي 600 الف واصيب 4 ملايين بعاهات مستديمة لتحرير هؤلاء العبيد، وبعد ان اضطر ملاك العبيد لإطلاقهم، فإن مجموعة من هؤلاء عند مواجهتهم مشقات الحياة من دفع ايجار ومأكل وملبس اختاروا العودة لاسيادهم، بل واسترجوا اسيادهم ان يقبلوهم عبيداً من جديد ، بل إن بعضهم رفض من الأساس ترك اسيادهم، لان هؤلاء نظروا للحرية من منظور مادي بحت: عبد ينام في قصر السيد خير له من حر ينام في العراء، ولو جلده السيد بعض الأحيان، ولو اغتصب زوجته الأمة أو بناته الإماء، فلا ضير، ولو باع السيد زوجته أو ابنه او ابنته او حتى باعه هو: المهم ان يسكن القصر ولو في غرفة جوار الإسطبل، المهم ان يدخل القصر ولو كان عبداً.
وهكذا حال هؤلاء؛ فانفصال اليمن كان قرار استعبادي بدأته بريطانيا وفرنسا في القرن القبل الماضي، وواصلته أمريكا وروسيا بعد الحرب العالمية الثانية، وقدم المخلصون من السطرين التضحيات العظيمة للخلاص من الإمامة شريكة القوى العظمى في الانفصال، ومن الاستعمار صانع الانفصال، وخاض الشطرين متلاحمين معركتي الخلاص متزامنتين: حرب الجمهورية شمالاً من 1962-1968، وحرب الاستقلال من 1963-1967. وكان الذي أشعل حرب الاستقلال هو محاولة بريطانيا منع أبناء الجنوب من القتال مع الشمال في معركة الجمهورية لانها خطر عليها بينما الإمامة شريكتها في تمزيق اليمنيين.
وبعدما تحققت الوحدة العظيمة وكسر الشعب قيود الاستعباد الخارجي، استعظم بعض خائري العزم مواجهة التحديات الداخلية، وعوضاً عن العمل الدؤوب والاصرار المتواصل على كسر القيد الداخلي، هاهم يقتدون بعبيد أمريكا المحررين والذي اصروا واستجدوا اسيادهم السابقين ان يسترجعوهم.
عؤلاء أنفسهم الذين اعتبروا الوحدة انها مع عفاش او المؤتمر، وليست مع الوطن الممزق، نظروا اليها في وظيفة او رتبة او مصلحة مالية، اذا تحققت فنعما هي، وإذا لم تتحقق فالعودة لحظيرة الاستعمار.
وحدتنا هي حريتنا، والتحديات التي تواجهنا هي تحديات التي تواجه الأحرار، وعلينا مواجهتها متضامنين، وان لا ننسى تضحيات آباءنا ومعاناتهم لتحقيق هذا الحلم. وعلينا ان لا ننسى اننا متضامنين هزمنا الإمامة بكل الدعم الدولي والمرتزقة الذين احتشدوا، وأننا متضامنين هزمنا بريطانيا القوى العظمى واجبرناها على الرحيل.
ان العودة للانفصال ليست الا عودة اختيارية للعبودية،