الأرشيف

مسودة الدستور- القراءة الثانية

الأرشيف
الخميس ، ١٥ يناير ٢٠١٥ الساعة ١٠:٤١ مساءً

محمد عزان


في قراءتي الأولى لمسودة الدستور نظرت إلى مجمل ما فيها من مسارات عامة، متوافقة مع ما تضمنته وثيقة الحوار الوطني، وصلاحيته لتأسيس دولة مدنية حديثة. أما قراءتي الثانية فهي تتعلق بالمسودة من حيث مضمونها في الجانب الموضوعي والفني والاحترافي، فيما يظهر لي من خال اطلاعي على بعض الدساتير، ولن أذكر أمثلة؛ لأنه لا فائدة منها ما لم تُقدّم إلى جهة معنية يكون لديها صلاحية التعديل، على أن الجانب الإيجابي – في نظري – يغلب الجانب السلبي:

1. يبدو أن المسودة لم تبنَ على منهج علمي مضبوط في توزيع موادها على الأبواب والفصول والتقسيمات، فبعض الأبواب تضمن ما ليس منه، وبعضها أخرجت منه فصول يفترض أن تكون فيه، وبعض الأبواب ما هو إلا فصل أو جزء من فصل.

2. يوجد فيها تكرار وحشو، بذكر مواد وفقرات لا داعي لها بعد أن صارت مضمنة في غيرها، لذلك يمكن اختصار نص المسودة المكتوبة إلى نصف حجمها تقريباً، مع بقاء المعاني والمقاصد التي تضمنتها.

3. جاءت بعض الفقرات والمواد مفككة متناثرة وغير مترابطة، لانها لم توضع في قالب أو سياق يسهل استيعابها فيه، ويتمكن القاري من تصور معالمها وآفاقها.

4. يظهر أن صياغة بعض الفقرات واستخدام بعض المفردات تم تحت تأثير وضغط ما يجري على الساحة الآن، وكأنها وثيقة لحل المشكلة القائمة، وليست مسودة لدستوراً سيعيش شعب في ظله لعشرات السنين.

5. ذُكِرت بعض المواد في غير موضعها المناسب، إما على مستوى الأبواب والفصول، أو حينما صنفت من البادئ وهي مجرد إجراءات، مما قد يثر جدلاً حول أهميتها ومدى ارتباطها بسياقها الموضوعي والنظري.

6. هنالك اشتباك ملحوظ بين اختصاصات الهيئات والمؤسسات، وكذلك بين سلطة الاتحاد والأقاليم، ربما جاء بسبب ما جاء في وثيقة الحوار من عدم الانسجام التام بين ما قدمته مختلف فرق العمل حول الموضوع الواحد.

7. تضمنت تفاصيل ليست من شأن الدستور، وكان ينبغي أن تترك إما للقانون واللوائح المنظمة، أو لسلطات الأقاليم والولايات، لأنها متغير متجددة وتختلف من وقت لأخر ومن مكان لآخر.

8. سكتت عن بعض الأمور الجوهرية، وأحالتها على القوانين، أو عوَّمتها هروباً من الجدل المحتدم حولها في الوقت الراهن.

9. غلب على الباب الثاني الإسهاب والعشوائية فلم يفَصَّل أو يقسم مما جعل أكثر مواده تبدوا مكررة أو متضاربة أو مشتتة وغير متماسكة، بينما كثرت الأبواب في آخر المسودة، على الرغم من قلة حاجة إليها.

10. كان بإمكان لجنة الصياغة تجنيب الناس الجدل حول المسائل الهامشية التي حشرها مؤتمر الحوار ضمن أعماله، إما بإرجائها إلى القوانين واللوائح وإما بصياغتها بطريقة أكثر احترافية.

11. تضمنت المسودة مواد لم يَبُتّ فيها مؤتمر الحوار، ولم تفصل فيها لجنة الإشراف والمتابعة المعيَّنة لهذا الشأن، وهذا ما قد يسبب خلافاً وإرباكا وجدالاً البلد في غنى عنه.

أخيراً.. لنا قراءة ثالثة تفصيلية في دلالات النصوص ومدى توافقها مع مجملات وثيقة الحوار الوطني، لكون لجنة صياغة الدستور مقيدة بها.

من صفحة الكاتب على facebook

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)