كشف أمس تقرير «مركز رصد النزوح الداخلي» أن أعمال العنف والنزاعات في دول مثل سوريا وأوكرانيا أدت إلى نزوح 38 مليون شخص داخل دولهم، وهو رقم قياسي يوازي عدد سكان نيويورك ولندن وبكين مجتمعة.
وذكر المركز، ومقره جنيف، في تقرير صادر أمس أن نحو ثلث هؤلاء النازحين، أي 11 مليون شخص، نزحوا العام الماضي وحده، بمعدل 30 ألف شخص يوميا. ويصف التقرير كيفية كشف النزوح، في أحيان كثيرة، عن التحديات الهيكلية الأساسية داخل بلد ما، وكيف يمكن جعل قضية النزوح ممتدة زمنيًا من خلال تسييس الحكومة المتعمد لها، أو من خلال رفض الحكومة الانخراط في إيجاد حل رسمي للأزمة.
وقال أمين عام المجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذه أسوأ إعداد للمجبرين على النزوح خلال جيل كامل. وهي تشير إلى إخفاقنا التام في حماية المدنيين الأبرياء».
إلى ذلك تمكن أول فوج من اللاجئين اليمنيين من الوصول إلى جبوتي في 14 إبريل الماضي حيث وصل مئات من الناجين من الحرب الى السواحل الجيبوتية بعد رحلة محفوفة بالمخاطر في خليج عدن. وكان هؤلاء النازحين قد فروا من عدن بعد إحتدام المعارك بين المقاومة الشعبية المدافعة عن المدينة من جهة ومليشيات الحوثي وقوات علي صالح التي تحاول السيطرة على المدينة من جهة إخرى.
ويوم أمس هاجمت مليشيات الحوثي قوارب تقل أسر نازحة من مديرية التواهي في عدن إلى مديرات عدن الأقل خطورة وقال نشطاء محليون أن أكثر من 100 شخص بينهم نساء وأطفال قد قتلوا غرقا في البحر بعد غرق قواربهم واستهدافهم بالمعدلات والمدافع.
وقالت الأمم المتحدة في منتصف إبريل الماضي أن 120 الف يمني قد غادروا مساكنهم في المدن التي تدور فيها الحروب إلى محافظات يمنية إخرى . وهذا يعتبر عدد قليل مقارنة بما آلت إليه الأوضاع في مدن مثل صنعاء وتعز وعدن حيث يرجح أن هذا العدد قد تضاعف عدة مرات . ويقول نشطاء وسكان محليون في العاصمة صنعاء أن الشوارع والحارات أصبحت شبه خالية بعد مغادرة نسبة كبيرة من السكان للمدينة التي تشهد صراع مسلحة منذ سبتمبر 2014.
وتستقبل مدينة إب بحسب سكان محليون أكبر موجة نزوح من المحافظات التي تشهد صراع مثل عدن وتعز وصنعاء. وتتميز اليمن بمناطق ريفية واسعة وبحسب تقرير للبنك الدولي فأن سكان المناطق الريفية في اليمن في العام 2013 بلغت نسبتهم 67% . وبسبب إستهداف طيران التحالف لمواقع عسكرية معظمها تقع في المدن فقد شهدت عدد من المحافظات اليمنية بينها صنعاء وتعز وعدن موجة نزوح جماعية نحو المناطق الريفية منذ مطلع ابريل الماضي.
هذا وقد بلغ عدد اللاجئين اليمنيين الفارين من الحرب إلى الصومال 3410 أشخاص منذ بدء الحرب في اليمن حتى أواخر أبريل (نيسان) الماضي. وأشارت وثيقة صادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الجمعة الماضي إلى تسجيل 8900 لاجئ يمني بمخيم اللاجئين اليمنيين في جيبوتي.
وبحسب التصنيف الدولي، النازحون هم الذين يغادرون منازلهم ويبقون داخل دولهم بسبب أزمة ما، مقارنة باللاجئين وهم الذين يغادرون إلى خارج حدود بلادهم. وجاء في التقرير أن عدد النازحين يبلغ حاليا ضعفي عدد اللاجئين في العالم، ولم يحدد التقرير عدد اللاجئين.
وبحسب آخر إحصاءات للأمم المتحدة، فإن عدد اللاجئين في أنحاء العالم بلغ بنهاية 2013 نحو 16.7 مليونا، مما يعني أن العدد الإجمالي للنازحين يفوق 50 مليونا.
وأوضح إيغلاند أن «عدد النازحين يبلغ حاليا بذلك ضعفي عدد اللاجئين، وهو تحول دراماتيكي من بضعة عقود عندما كانت الفئتان تتساويان». وأضاف أن «أحد الأسباب الرئيسية لازدياد عدد النازحين بهذا الشكل هو كل تلك الحدود المغلقة»، مؤكدا أن المجتمع الدولي «ليس مستعدا ولا قادرا على تنفيذ ما نعد به، حماية الضعفاء والأبرياء».
وقال مركز رصد النزوح الداخلي إن «النمط واضح عام 2014، هو الثالث على التوالي في تسجيل عدد قياسي من النازحين، حيث تضاءلت أمام أرقام العام الماضي الأعداد التي سجلت خلال أزمة دارفور في 2004»، وفي أعمال العنف في العراق منتصف الألفية الثانية أو في أوج الانتفاضات في الربيع العربي في 2011.
وأشار إيغلاند إلى أن التقرير «يجب أن يكون صرخة مدوية للتنبيه»، وأضاف: «لا بد من إيقاف النمط السائد المتمثل في إيجاد ملايين الرجال والنساء والأطفال أنفسهم عالقين في مناطق الصراع حول العالم».
ونحو 60 في المائة من النازحين الجدد العام الماضي هم من 5 دول فقط هي العراق وجنوب السودان وسوريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا.
وسجل أكبر عدد في العراق حيث اضطر نحو 2.2 مليون شخص على النزوح من مناطق سيطر عليها بوحشية تنظيم «داعش»، ويشكل المتشددين أحد العوامل وراء نزوح السكان في سوريا. ونزح نحو مليون شخص داخل سوريا العام الماضي وحده ليرتفع عدد النازحين إلى 7.6 مليون شخص، أي ما يمثل 40 في المائة من عدد السكان، إضافة إلى ذلك أصبح نحو أربعة ملايين سوري من اللاجئين.
وبرز اسم أوكرانيا للمرة الأولى في تقرير مركز رصد النزوح الداخلي حيث بلغ عدد النازحين 646.500 شخصا في 2014 خلال الحرب بين قوات كييف وانفصاليين موالين لروسيا.
وقال إيغلاند إن «العدد تضاعف منذ مطلع 2015 ليزداد عدد النازحين في أوكرانيا إلى أكثر من 1.2 مليون». وأدت المعارك العنيفة في جنوب السودان إلى نزوح 1.3 مليون شخص في 2014 أي ما يمثل 11 في المائة من السكان.
ونشر التقرير أن حملة «بوكو حرام» في شمال شرقي نيجيريا، هجرت نحو مليون نازح العام الماضي وأجبرت عشرات الآلاف على الفرار إلى دول مجاورة.
وحذر إيغلاند من أن وصول «بوكو حرام» وتنظيم داعش إلى دول أخرى يشير إلى «نمط خطير جدا الآن، مع أن يصبح المزيد والمزيد من هذه المشكلات الوطنية مشكلات إقليمية».
وقالت وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن «كثيرين من النازحين ينتهي بهم الأمر كلاجئين».
المصادر | مندب برس + الشرق الأوسط