كمن يخرج أوارقه ويعيدها إلى الدرج، فضلت الجزائر التحفظ بشأن طرح مبادرة سياسية لحلحلة الأزمة في اليمن، برغم محاولة طهران دفعها إلى ذلك، لعدة اعتبارات سياسية تتصل بعدم توفر أية إمكانية لنجاح أية مبادرة تطرحها الجزائر.
وكانت إيران قد أبلغت جملة من المقترحات إلى الجزائر لمساعدتها على صياغة مبادرة سياسية جديدة تخص إعادة تفعيل الحوار في اليمن، وإقناع الأطراف العربية الشريكة في "عاصفة الحزم" بوقف العمليات العسكرية، في مقابل قبول قوات الحوثي وصالح الاحتكام إلى الحوار ومخرجاته.
وذكر مصدر دبلوماسي جزائري أن نائب وزير الخارجية الإيراني، مرتضى سرمدي، الذي زار الجزائر الأسبوع الماضي، والتقى وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، ورئيس الحكومة الجزائرية، عبد المالك سلال، أبلغ المسؤولين الجزائريين جملة من الأفكار والمقترحات، التي يمكن للجزائر الاعتماد عليها في طرح أية مبادرة سياسية تخص وقف الأزمة في اليمن.
وأضاف المصدر نفسه أن المسؤول الإيراني قدم تعهدات من قبل طهران للمساعدة في دفع وتنفيذ أية مبادرة تطرحها الجزائر، وتعهد بالضغط على الحوثيين للقبول بأفكار إيجابية، تراعي مطالباتهم السياسية التي دفعتهم، بحسب طهران، إلى التمرد.
وأكد المصدر أن الأمر لا يتعلق بمبادرة بالمفهوم الدبلوماسي، لكون الجزائر تعتقد أن الأوضاع تجاوزت في الوقت الحالي أية إمكانية لطرح مبادرة سياسية، وأن الأمر أصبح يستدعي تحركاً دولياً، لافتاً إلى أن الجزائر لا ترى نفسها في الوقت الحالي الوسيط المناسب لحلحلة الأزمة اليمنية، بسبب الموقف السعودي وموقف الأطراف الشريكة في عملية "عاصفة الحزم" من الجزائر وموقفها الرافض للمشاركة في العمليات العسكرية من جهة، وموقفها المبدئي الرافض لأي تدخل عسكري في اليمن أو في دول أخرى، وهي الأزمة التي تجلت في أكثر من مظهر، بدءاً بالحملة التي يشنها إعلاميون سعوديون ضد الجزائر، ووصولاً إلى أزمة ما يعرف بالطائرة المدنية الجزائرية، التي كانت متوجهة إلى مطار صنعاء، لإجلاء البعثة الدبلوماسية والرعايا الجزائريين من صنعاء، والتي رفضت السلطات اليمنية السماح لها بالعبور في الأجواء السعودية، واضطرت للبقاء ليوم آخر في القاهرة قبل التوجه إلى صنعاء رغم رفض السلطات السعودية، وهو ما أثار أزمة بارزة بين البلدين.
وبرأي الدبلوماسي الجزائري، فإن طرح قرارات تخص اليمن في مجلس الأمن من طرف دول خليجية، لا يبقي أية فرصة للجزائر لطرح مبادرات سياسية ودبلوماسية، كما أنها تفضل أن تترك الفرص للهيئات الدولية للعب دور حاسم في حلحلة الأزمة، وقال: "الأزمات لا تحل بالنوايا الحسنة، والجزائر ليست مستعدة بإلقاء ثقلها السياسي في فراغ".
وهو الموقف نفسه الذي يعتقد به المحلل السياسي، رضوان بن عطاء الله، الذي أكد أنه إضافة إلى الأزمة الفاترة بين الجزائر والسعودية، وعدم تحمس الجزائر للعب دور "الأرنب" في مضمار سباق فارغ، فإنها تعي أن موازين القوى السياسية والإقليمية لن تترك لها فرص التدخل لحلحلة الأزمة في اليمن.
ولفت بن عطاء الله إلى أن هناك خطوطاً فارقة في طرح الجزائر لمبادرات سياسية لحلحلة الأزمة في كل من مالي وليبيا، وبين طرحها لمبادرة في اليمن، لكونها تمسك بشكل جيد بخيوط الأزمة في ليبيا ومالي، فيما تفتقد عوامل الضغط الرئيسية في حالة الأزمة اليمنية.