واصلت العملة الوطنية تذبذبها عند أدنى قيمة لها أمام العملات الأجنبية في تعاملات يوم السبت، في ظل تفاؤل حذر بتحسن سعر الصرف خلال الأيام القادمة، بعد تقديم المملكة دعمًا جديدًا للبنك المركزي وتحويل الدفعة الرابعة من دعم الموازنة العامة.
وقال مصدر مصرفي لـ"الصحوة نت" إن سعر الدولار الواحد بلغ في تعاملات مساء يوم السبت 2044 ريالًا للشراء، و2064 ريالًا للبيع. وأضاف أن سعر صرف الريال السعودي بلغ 536 ريالًا للشراء، و539 ريالًا للبيع.
وأعلنت السعودية يوم الجمعة تقديم دعم اقتصادي جديد لليمن يبلغ نصف مليار دولار أمريكي.
وقال سفير المملكة لدى اليمن، محمد آل جابر، "بتوجيهات من خادمي الحرمين الشريفين وولي العهد واستمرارًا لدعم الشعب اليمني الشقيق؛ تقدم المملكة دعمًا اقتصاديًا جديدًا يبلغ نصف مليار دولار أمريكي، كوديعة جديدة للبنك المركزي اليمني بمبلغ 300 مليون دولار".
وشمل الدعم أيضًا "دفعة رابعة لدعم معالجة عجز الموازنة للحكومة اليمنية بمبلغ 200 مليون دولار بما يشمل دعم مرتبات، أجور، ونفقات التشغيل والأمن الغذائي في اليمن، والمساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار والنماء للشعب اليمني الشقيق".
تراجع غير مسبوق وخطة إنقاذ
وجاء الدعم السعودي الجديد في وقت وصل فيه الريال اليمني إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل العملات الأجنبية، حيث بلغ سعر صرف الدولار في تعاملات نهاية الأسبوع 2067 ريالًا للشراء و2075 ريالًا للبيع.
كما يأتي الدعم في ظل عجز الحكومة عن صرف المرتبات لأكثر من ثلاثة أشهر لموظفي القطاع العام، وذلك جراء وقف تصدير النفط، إثر هجمات الحوثيين التي استهدفت منشأة التصدير جنوبي البلاد نهاية عام 2022م.
وقبل يوم واحد من إعلان الدعم الجديد، أقر مجلس الوزراء يوم الخميس مشروع الخطة الاقتصادية الحكومية للأولويات العاجلة ومصفوفتها التنفيذية، وشكل لجنتين إشرافية وفنية لمتابعة المشروع.
الاجتماع الاستثنائي الذي ترأسه الدكتور أحمد بن مبارك، وشارك فيه محافظ البنك المركزي اليمني، تناول جهود الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية الطارئة وتخفيف التبعات الإنسانية الكارثية الناتجة عن ممارسات مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
وأقر الاجتماع خطة حكومية طارئة، مكونة من خمس مسارات رئيسية تشمل أولويات برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي الموقَّع مع صندوق النقد العربي، وتعزيز الإيرادات العامة، وتقليص النفقات، وتنفيذ إصلاحات شاملة لمكافحة الفساد وتحسين الخدمات.
وشكل مجلس الوزراء لجنة إشرافية عليا برئاسة رئيس الوزراء وعضوية محافظ البنك المركزي ووزراء المالية، والخدمة المدنية، والتخطيط، والنقل، والكهرباء، والصناعة والتجارة، والإدارة المحلية، والنفط والمعادن، إضافة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
كما تم تشكيل لجنة فنية من الجهات الرئيسية ذات العلاقة، تتولى إعداد الآليات والنماذج المناسبة لتيسير تنفيذ الخطة ومتابعة سير العمل.
تفاؤل حذر
وقوبل الدعم السعودي الجديد بتفاؤل حذر من جانب المواطنين، الذين سارع العديد منهم إلى صرف مدخراتهم من العملات الأجنبية في ساعات الصباح الأولى يوم السبت، لكن إقبال المواطنين على صرف مدخراتهم تراجع في مساء ذات اليوم. ويعزى ذلك إلى حالة من الحذر والترقب الشديد للتقلبات في سعر الصرف بعد الدعم السعودي، وفقًا لمصدر مصرفي تحدث لـ"الصحوة نت".
وأوضح المصدر أن الدعم السعودي يأتي في ظل وضع حرج في القطاع المصرفي والاقتصادي، وهو ما ألقى بظلاله على قناعات المواطنين، الذين يأملون أن يساهم الدعم في وقف انهيار العملة وخفض أسعار السلع الأساسية.
وأكد أن عدم تحسن سعر الصرف بشكل كبير بعد إعلان الدعم، يعود إلى حالة الحذر الشديد لدى المواطنين، وتوجسهم من اتخاذ قرارات غير محسوبة بصرف مدخراتهم دون وضوح للمشهد العام، إضافة إلى أن البنك الحكومي لا زال في إجازة ولم يصل تأثير الدعم الجديد ويتحول إلى إجراءات رسمية بعد.
وأكد محافظ البنك المركزي، أحمد المعبقي، أن الدعم السعودي يأتي "في ظروف اقتصادية حرجة واستثنائية ليسهم في تخفيف حدة الأزمة ويعيد بعض التوازن للقطاع المصرفي، ويساهم في تلبية الاحتياجات الضرورية والالتزامات الحتمية للدولة وفي مقدمتها دفع رواتب الموظفين المتوقفة منذ شهور".
قاعدة صلبة وخطوة إسعافية
ويرى الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي، وفيق صالح، أن "إعلان المملكة تقديم نصف مليار دولار كدعم مباشر للحكومة اليمنية، يمكن أن يشكل في الوقت الراهن قاعدة صلبة، تسهم في مساعدة الحكومة على تأدية مهامها والإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه دفع رواتب الموظفين، وتأمين استيراد السلع الغذائية والضرورية".
وأضاف صالح في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس"، أن الدعم يمكن أن يساهم في "تحقيق استقرار نسبي في أسواق الصرف عبر تهدئة عملية المضاربة وكبح الطلب على شراء العملة الصعبة".
وأكد وفيق صالح أن التأثير الإيجابي للدعم مشروط بـ"التزام الحكومة بتنفيذ برنامج إصلاح شامل، يتضمن تنمية الموارد العامة واستدامتها وترشيد النفقات، والالتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة، وتوحيد الأوعية الإيرادية، إضافة إلى وقف كافة الصرفيات والنفقات العبثية التي رافقت أداء المؤسسات الحكومية".
وأشار رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إلى الحيثيات السابقة للدعم الجديد، ومنها الأزمة الاقتصادية وإحالة رئيس الوزراء عشرات من ملفات الفساد في القطاع الاقتصادي، وضعف أداء مؤسسات الدولة المختلفة في برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، والذي جعل المملكة تتلكأ في صرف الدفعة الأخيرة من دعم تعزيز الموازنة العامة للدولة.
وقال نصر في منشور على حسابه في الفيسبوك، إنه "سواء تحدثنا عن الدعم المباشر أو الوديعة فإن المبلغ يمثل خطوة إسعافية مهمة لسلطة كادت أن تفقد مقومات وجودها".