الرئيسية > محلية > لماذا يخشى الحوثي من انتصارات المعارضة السورية في حلب وإدلب؟

لماذا يخشى الحوثي من انتصارات المعارضة السورية في حلب وإدلب؟

أثارت العملية العسكرية التي شنتها فصائل المعارضة السورية ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية، بما فيها حزب الله، قلقًا واسعًا لدى مليشيا الحوثي في اليمن. إذ يخشى الحوثيون أن تكون هذه الانتصارات مقدمة لانهيار مماثل في صفوفهم، خاصة مع تصاعد العمليات العسكرية في حلب ومدن أخرى مثل سراقب. وبرز القلق على هيئة تصريحات من عبدالملك الحوثي يطالب بالتوقيع على خريطة الطريق تجاه السعودية دون تهديد، وعلى لسان محمد البخيتي بالمطالبة بتدخل عاجل إقليمي لوقف إطلاق النار، وغيرها من التصريحات من وسائل إعلام الحوثيين بشكل أو بآخر.

في اليوم التالي لتقدم الفصائل السورية في ريف حلب الغربي، اجتمع مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مع كبار القادة العسكريين والأمنيين، بما في ذلك وزير الدفاع محمد العاطفي، ورئيس الأركان محمد الغماري، وقائد المنطقة العسكرية الخامسة يوسف المداني. هذا الاجتماع يعكس القلق الحوثي من التأثيرات المحتملة لانتصارات المعارضة السورية على موقفهم في اليمن.

عاد مهدي المشاط اليوم الجمعة بخطاب جديد متوعدا ما وصفها "المحاولات البائسة التي نشهدها في هذه الأيام من قبل العدو الأمريكي ومعه تابعه الذليل العدو البريطاني للتحريض على بلدنا" واتهمها بمحاولة "إحداث تصعيد هنا أو هناك خدمة وإسناداً للعدو الإسرائيلي"، وفي إشارة إلى إعلان التكتل السياسي الجديد الذي ضم معظم القوى والمكونات السياسية على الساحة اليمنية اعتبر ذلك عمل غربي مدبر من الولايات المتحدة وبريطانيا إذ تحدث عن "محاولاتهم إعادة إنتاج بعض العملاء والمرتزقة بعناوين وقوالب جديدة، لكنها فاشلة، ولن تحقق لهذا العدو إلا المزيد من الهزيمة والهوان" مهدداً بمواجهة أي محاولة للتصعيد.

ويتعاظم القلق الحوثي بعد التطورات المفاجئة في سوريا، فهم يواجهون تحديات متعددة على الصعيدين الداخلي والخارجي. الهجمات التي شنتها المعارضة السورية تعكس إمكانية تراجع القوى الموالية لإيران في المنطقة، مما يضع الحوثيين في موقف دفاعي متزايد. هذه التطورات تأتي في وقت حرج حيث تحاول القوى الموالية لإيران في المنطقة إعادة ترتيب صفوفها لمواجهة الضغوط الخارجية والداخلية المتزايدة.

هناك عوامل عدة تدفع الحوثي للخشية من التحولات الاستراتيجية خاصة التي في سوريا نظرا لكونها مترابطة مع بعضها البعض وصولاً إلى اليمن.

تأثير الصراعات الداخلية والاحتجاجات الشعبية: خلال سنوات الحرب، لم يستطع الحوثي السيطرة على كامل اليمن، مما يعني أنه لم يحسم الصراع استراتيجيًا. أدت الهدنة إلى زعزعة استقراره مع بروز الاحتجاجات الشعبية التي انهارت معها معنويات أتباعه نتيجة لتقصيره في توفير الخدمات العامة. العنصر الأهم الذي ساعد الحوثيين في السنوات الماضية تمثل بالصراعات الداخلية بين مكونات الحكومة الشرعية. ولكن منذ الهدنة، لم تستعر تلك الصراعات، وتلقى الحوثي تنسيق الفصائل السورية المعارضة في العملية العسكرية التي أطلقوا عليها "ردع العدوان" إشارة على إمكانية توحد خصومه في اليمن.

 

المصالح المالية والتكتلات الاقتصادية

اكتسب الحوثي خلال السنوات الماضية مصالح مالية هائلة أدت إلى نشوء نمط مختلف لحياة كثير من القيادات الذين بنوا إمبراطوريات مالية ونشأت كثير من الكتل الإقتصادية داخل الجماعة ما يجعلها غير متحمسة للعودة إلى الحرب كما كانت من قبل. هذا التحول في الديناميكيات الداخلية أدى إلى تصاعد النقد الشديد من داخل بنية الجماعة تجاه القيادة، خاصة على مستوى الحكومة والمجلس السياسي الأعلى والسلطات الرسمية.

إعادة توزيع السلطة وعزل القبائل

إعادة توزيع السلطة داخل الحوثيين، وتحديدًا على القيادات الهاشمية والقادمين من صعدة، أدى إلى عزل القبائل وتهميشها، مما يعطل قدرات الحوثي على الحشد العسكري بالقبائل كما كان الحال في بداية الحرب. هذه الديناميكيات الداخلية تعكس ضعفًا متزايدًا في قدرة الحوثيين على تعبئة الموارد البشرية اللازمة لمواصلة الصراع.

الإثراء غير المشروع وفرض الإتاوات

السعي الحوثي للإثراء بطرق غير مشروعة وفرض الإتاوات والضرائب والجبايات المختلفة دفع السكان لإبداء مقاومة بطرق متنوعة، تشمل الاحتجاجات والاعتصامات والتظاهرات وأحيانًا العمل المسلح، والنكف القبلي في عدة محافظات. هذه المقاومة الشعبية تعكس تآكل الدعم المحلي للحوثيين وزيادة الضغط الداخلي عليهم.

التداعيات الإقليمية والدولية

العلاقة مع السعودية: الهجمات الحوثية على السعودية خلال السنوات الماضية جعلت العلاقة بين الجانبين قائمة على العداء والريبة، رغم المفاوضات المستمرة. هذا الوضع يعزز من عدم ثقة الحوثيين بالسعودية، خاصة في ظل التطورات الأخيرة في سوريا.

الاعتماد على إيران وحزب الله: خلال السنوات الماضية، اعتمد الحوثيون بشكل كبير على الدعم الإيراني ودعم حزب الله. لكن بعد الهزائم الأخيرة في لبنان وسوريا والضربات الإسرائيلية المتكررة على مواقع إيرانية، بدأت هشاشة المحور الإيراني تظهر بشكل أكبر. عودة الكثير من قادة حزب الله الذين كانوا يديرون الأنشطة الحوثية في اليمن أدى إلى تراجع الدعم اللوجستي والعسكري والإعلامي لهم، مما يزيد من شكوك الحوثيين في قدرة إيران على حمايتهم مستقبلاً.

الموقف الدولي: في السابق، كان المجتمع الدولي يلعب دورًا حاسمًا في كبح جماح التحالف، كما حدث في الحديدة عام 2018. لكن بعد الهجمات البحرية الحوثية والهجمات على إسرائيل، تغيرت المواقف الدولية قليلاً، حيث بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا تشنان هجمات جوية بين حين وآخر على قدرات الحوثي البحرية، مما قلل من قدراته الصاروخية والجوية والرادارية.

التأييد العربي للمعارضة السورية

التأييد العربي إعلاميًا للمعارضة السورية جرد الحوثيين من أي دعم عربي كانوا يظنون أنهم قد حصلوا عليه. كما كشفت منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أن الحوثيين ما زالوا معزولين تمامًا، إلا عن المجتمع الشيعي والبؤر المرتبطة بإيران، الذي يعاني من أزمات متعددة حاليًا.

الخلاصة:

التطورات الأخيرة في سوريا ولبنان تعكس تحديات جديدة للحوثيين في اليمن. الهجمات الناجحة في حلب قد تؤدي إلى تقليص الدعم الإيراني للحوثيين، بينما يعكس تصاعد التوتر الداخلي هشاشة الجبهة الداخلية لهم. ومن الصعب على الحوثيين التكيف مع هذه التحولات الإقليمية لضمان بقائهم وتحقيق أهدافهم السياسية والعسكرية. إذا لم يتمكن الحوثيون من التكيف، فقد يجدون أنفسهم في موقف أصعب مما هم عليه الآن.