تشهد الساحة اليمنية تحركات متسارعة في ظل تصاعد التباينات بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، ورئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، مع بروز مؤشرات على تحركات لإعادة تفعيل انعقاد جلسات البرلمان في العاصمة المؤقتة عدن.
وكان مجلس القيادة أعلن، أمس الخميس، أنه سيواصل في وقت لاحق هذا الأسبوع، مناقشاته للقضايا المشمولة بجدول أعماله، وحسب مصدر مطلع على أعمال المجلس لـ"المصدر أونلاين" فإن النقاشات ستركز على متابعة أداء الحكومة في تنفيذ خطة الإنقاذ الاقتصادي التي أعلن عنها المجلس في 20 أكتوبر الماضي.
ويأتي الإعلان عن مواصلة النقاشات بهدف الضغط على الحكومة التي يقول المصدر إن مجلس القيادة يرى أنها لم تتخذ الخطوات الكافية لمواجهة أزمة الانهيار الاقتصادي، ورغم تحركات بن مبارك في مجالات هيكلة المؤسسات والرقمنة وإحالة قضايا فساد للنيابة، يرى المصدر أن هذه الجهود "لا تمس حياة المواطن بشكل مباشر" ولا تسهم في مواجهة المضاربة على العملة التي يصفها بأنها "مخطط كبير".
وبينما يرى متابعون أن بن مبارك أبدى فاعلية كبيرة في زيارة المؤسسات الخدمية ومتابعة أداء المسؤولين إلا أن ما رشح مؤخراً من خلافات داخل رئاسة الوزراء بين الأمانة العامة ومكتب رئيس المجلس، كشف عن خلل في بنية المؤسسات الحكومية وعدم ضبط تداخل الصلاحيات التي تكون في كثير من الأحيان سبباً لهدر الجهود وتبديد الموارد.
كما أن ما يظهر بين حين وآخر من خلافات بين مجلس القيادة وبين رئيس الحكومة وتقاطع الصلاحيات في الإشراف على الملفات المهمة يتحول إلي معيق للمؤسسات التي يفترض أن يتم تفعيلها للقيام بدورها لا القفز عليها.
ويعد الإعلان بمثابة تصعيد من قبل العليمي ضد بن مبارك، استمراراً للخلاف بينهما، والخلاف ليس وليد اللحظة، فقد بدأ منذ أصدر الأول قراراً رئاسيا بتعيين شايع الزنداني وزيراً للخارجية دون مشاورة رئيس الحكومة، وتصاعد بعد إيقاف بن مبارك مخصصات مالية لرئيس وأعضاء مجلس القيادة، ما زاد من حدة التوتر، وفقا للعديد من المصادر.
وفي وقت سابق، أكد مصدر مطلع لـ"المصدر أونلاين" أن السعودية تمارس ضغوطاً على المجلس الانتقالي الجنوبي للسماح بانعقاد البرلمان، واستدعت الزبيدي إلى الرياض للتباحث حول الأمر.
وشهدت الرياض عدداً من اللقاءات في الأيام الماضية، بين العليمي، الزبيدي، السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، كل على حده، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وهيئة رئاسة المجلس.
وناقشت اللقاءات بحسب الإعلام الرسمي، خطة المجلس لاستئناف جلساته وجدول أعمال دورته المتعثرة، وأكدت الهيئة على أهمية استئناف دورات المجلس للاضطلاع بمهامه التشريعية والرقابية، والمساهمة في إيجاد حلول اقتصادية عاجلة.
ويتوقع مراقبون أن التحركات لاستئناف جلسات البرلمان التي جاءت بالتزامن مع تصاعد الخلاف بين الحكومة ومجلس القيادة تأتي ضمن ترتيبات أكبر قد تهدف إلى إزاحة رئيس الوزراء أحمد بن مبارك وإدخال تعديلات على الحكومة، وهو ما يستعد انعقاد البرلمان لإضفاء الشرعية له على ما يبدو.
وكان اختيار بن مبارك لرئاسة الحكومة في فبراير الماضي جاء كحل مؤقت لتجنب متطلبات عقد جلسة برلمانية للمصادقة على حكومة جديدة، وهي العقبة التي يبدو أن القيادة الرئاسي يسعى لتجاوزها الآن.
وكانت آخر جلسة للبرلمان في إبريل من العام 2022 بعدن، لأداء الحكومة ومجلس القيادة اليمين الدستورية، قبل أن يغادر أعضاؤه إلى الخارج، نتيجة منع الانتقالي استمرار انعقاد الجلسات في المدينة.
وتتحدث مصادر عدة أن المجلس الانتقالي الجنوبي رضخ للضغط السعودي، ووافق على التئام البرلمان في عدن الواقعة تحت سيطرته الأمنية والعسكرية، وستنعقد في الأيام المقبلة جلسات قد تكون بداية لمرحلة جديدة من التوازنات.