بدأ التداول بأسماء "الخلفاء الأوفر حظاً" منذ لحظة إعلان حزب الله بعد ظهر أمس السبت استشهاد أمينه العام حسن نصر الله في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مقرّ القيادة المركزية للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الجمعة، ولعلّ أبرزهم، هاشم صفي الدين الذي أفادت جميع الأنباء بأنه نجا من ضربات الاحتلال.
وبعيداً عن الشبه في الهيئة الخارجية مع نصر الله، هناك أوجه تلاقٍ كثيرة تجمع بين الرجلين، خصوصاً لناحية الخطاب المباشر والواضح والحاسم، الذي يخرج من نبرة عالية السقف والصدى، "عدا عن لثغة الراء التي تجمعهما" أو لناحية الشعبية في صفوف مناصري الحزب وحتى الأوساط السياسية.
ويؤكد صفي الدين في غالبية مواقفه أنّ "حزب الله وجد لكسر إسرائيل وإذلالها"، كما يسير وراء مبدأ أن أي استهداف أو قتل لا يوقف المقاومة ولا يجعلها أضعف بل يجعلها أقوى "بفضل هذه الدماء وثبات المجاهدين ووعي الناس الذين يحمون المقاومة".
هاشم صفي الدين.. الرجل الثاني
ولد هاشم صفي الدين في عام 1964، في قرية دير قانون النهر، إحدى قرى قضاء صور في محافظة الجنوب، ويعتبر أحد مؤسسي حزب الله في لبنان عام 1982 إبان الاحتلال الإسرائيلي، وقد تلقى تعليمه في النجف العراقية وقم الإيرانية.
ويتولى صفي الدين رئاسة المجلس التنفيذي لحزب الله (بمثابة حكومة حزب الله) منذ عام 1998 بحسب ما ذكرت تقارير، ويُعرَف بأنه الرجل الثاني في الحزب بعد نصر الله، الذي تربطه به صلة قرابة، فهو ابن خالته، كما أنه صهر قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني السابق، الذي قتل عام 2020 بضربة أميركية في بغداد.
وأشرف هاشم صفي الدين على العديد من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية العائدة للحزب، أبرزها إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لبيروت إبان عدوان يوليو/ تموز 2006، ويُعرف بإلمامه بالعديد من الملفات الداخلية والإقليمية، ومدى قربه من نصر الله وسلكه مساراً طويلاً إلى جانبه، وتوليه الكثير من الملفات الحسّاسة المرتبطة بالحزب، ولا سيما منها الإدارة والمالية.
وفي عام 2017 أدرجت الخزانة الأميركية صفي الدين على قائمة الإرهاب، وفرضت عليه عام 2018 عقوبات اقتصادية، كما أدرجته المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة على لائحة الإرهاب.
وذكرت وقتها السعودية أن صفي الدين مسؤول عن عمليات لصالح حزب الله في أنحاء الشرق الأوسط وتقديم استشارات حول تنفيذ "عمليات إرهابية" ودعمه لرئيس النظام السوري بشار الأسد. ودائماً ما كان صفي الدين يعتبر أن العقوبات الأميركية على لبنان وعلى الدول التي لا تتفق مع واشنطن في مواقفها، هي حرب لا تقلّ شأناً عن الحرب العسكرية و"تهدف إلى قتل الإنسان وتدميره".
ونعى حزب الله، اليوم السبت، أمينه العام حسن نصر الله، معاهداً أن "تواصل المقاومة جهادها في مواجهة العدو وإسناداً لغزة وفلسطين ودفاعاً عن لبنان وشعبه الصامد والشريف".
حزب الله لم يقرر بعد
وتقول أوساط في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "المقاومة باقية ولن تموت، وستنتصر على إسرائيل، ولن تهزمها مهما طال الزمن وطالت المواجهة"، مضيفةً "لا شك، من الصعب أن يملأ أحد مكان نصر الله، هذه الشخصية القيادية المقاومة والاستثنائية، التي سيذكرها التاريخ، لكن المقاومة ستستمرّ، على فكره ومبادئه ومسيرته، وسيتوارثها الأجيال، والشهادة انتصار وفخر، خصوصاً في سبيل القضية، وعلى طريق القدس".
وتفضّل الأوساط عدم الدخول في من سيخلف نصر الله، خصوصاً أنّ عمليات رفع الأنقاض لا تزال مستمرة في مكان الاستهداف في الضاحية الجنوبية لبيروت، بحثاً عن مفقودين، كما لم يجر رسمياً بعد إعلان هوية القادة والعناصر الذين كانوا موجودين مع الأمين العام لحزب الله. وتقول "سيعلن كل شيء في وقته، لكن الأكيد أن عمليات المقاومة نصرة لغزة ودفاعاً عن لبنان وشعبه ضد مواقع وتجمعات جيش الاحتلال ستستمرّ وبقوّة، ولن تتوقف والجبهة مستمرّة".
ويبدو أنّ هذا التأكيدَ تأكيدَ مواصلة العمليات العسكرية، يحتم على حزب الله أن يسرّع في اختيار خليفة نصر الله، خصوصاً أن الحزب يواجه العديد من التحديات مع خسارة العديد من قادته في الأيام القليلة الماضية، عدا عن استمرار الغارات الدموية والواسعة للاحتلال على مناطق عدة من لبنان، ولا سيما في ضاحية بيروت ومحيطها، والبقاع والجنوب، مع الإشارة إلى أن إسرائيل بدأت تهدد أيضاً باغتيال خليفة نصر الله الجديد.
وطاولت الاغتيالات الإسرائيلية في الأيام الماضية العديد من كبار القادة في حزب الله أبرزهم فؤاد شكر، إبراهيم عقيل، محمد سرور، أحمد وهبة، علي كركي الذي سبق أن نجا من محاولتي اغتيال.
وعلى الرغم من أن صفي الدين يعتبر من أبرز الأسماء المرشحة لخلافة نصر الله بيد أن المفاجآت تبقى ممكنة، بحسب ما تقول أوساط حزب الله، خصوصاً أن الحزب يتكتم كثيراً على الموضوع، فيما دقة المرحلة تحتم اختيار شخص قادر على تولّيها، وإقناع بيئة المقاومة به، فالفراغ، وفق الأوساط، "الذي تركه نصر الله كبير، وكبير جداً".
المناصب والمسؤوليات
عيّن صفي الدين لرئاسة حزب الله في منطقة بيروت عام 1994. تولى رئاسة مجلس المقاومة المسؤول عن النشاط العسكري للحز عام 1995. أصبح عضوا في مجلس الشورى عام 1998. ترقى ليترأس المجلس التنفيذي وأصبح الرجل الثاني بالحزب عام 1998. تولى رئاسة المجلس الجهادي (أعلى هيئة بالتنظيم العسكري للحزب). في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 اختير قائدا عسكريا لمنطقة الجنوب. * العربي الجديد + مواقع الكترونية