كشف نائب رئيس الجمهورية السابق الفريق الركن علي محسن الأحمر، يوم الأربعاء، بعض تفاصيل اجتياح مليشيا الحوثي الإرهابية لصنعاء، واستغلالها لغفلة وتغافل الأطراف السياسية في السلطة والمعارضة لإعادة الإمامة إلى اليمن.
جاء ذلك في مقال للفريق الأحمر نشره على حسابه بمنصة إكس، بمناسبة الذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر المجيدة.
وقال الفريق محسن، إننا "نفذنا مهمةً عسكرية وطنية، في العام 2014م، بمن تبقّى من الفرقة الأولى مدرع بعد اعتزالنا العمل العسكري لعام ونصف، ووقف معنا كوكبةٌ من خيرة شباب اليمن وأطهرهم وبعضاً من رجال البلاد ورفاق السلاح، في معركةٍ وحيدة للدفاع عن صنعاء، وواجهنا المخاطر التي طالما واجهتْنا في معارك الفداء الوطني، واستشهد 274 شاباً من خيرة أبناء اليمن وجنوده وضباطه، في معركة الدفاع عن الوطن وفي عمق العاصمة صنعاء".
وفيما يلي يعيد مندب برس نشر مقال الفريق علي محسن:
عقدٌ كامل على انهيار السور الكبير!
62 عاماً من عمر الثورة المباركة ثورة 26 سبتمبر الخالدة 1962م، وهذا الحدث التاريخي واللحظة الفارقة تترسخ كل يوم في ذاكرة ووجدان اليمنيين الأحرار، باعتبارها لحظة مجد وشموخ أعادت لليمني اعتباره واعتزازه بنفسه وحضوره بين الأمم.
تهانينا لأبناء اليمن رجالاً ونساءً في الداخل والخارج بهذه المناسبة الوطنية العظيمة، وأسأل الله تعالى أن يعيدها على شعبنا بالخير والأمن والاستقرار وانكشاف الغمة وزوال الكيانات السلالية والطائفية والعنصرية البغيضة.
يصادف احتفالاتنا بهذه الذكرى الوطنية، مرور عشر سنوات كئيبةٍ ومظلمة على يمن الإيمان والحكمة، منذ سقوط وتسليم العاصمة صنعاء لعصابة التدمير والدجل الحوثية في يوم الانتكاسة يوم 21 سبتمبر 2014م، وفي لحظة غفلة وتغافل من قوى اليمن الحاكمة والمعارضة، وتباينها السياسي المتجرد من الالتزام بأية ضوابط وثوابت وطنية، وفي ظل تفريط وأحقاد وخيانات لولاها ما وطأ داء الإمامة الخبيث شبراً واحداً من أرض سام الطاهرة.
وكم سخر البعض وكاد البعض الآخر، حين كنا نحذر ونُنذر بأن الإمامة تريد العاصمة صنعاء، وتريد إعادة حكم الإمامة العنصرية البائدة بعد أن تحرّر الشعب منها، وبعد عقود من العيش في ظلال الحرية والجمهورية والديمقراطية، وبشّر الكثير من المخدوعين بالمستقبل الواعد لحكم هذه العصابة الإجرامية الزاخر بالعدالة والمساواة والاستقلال الموهوم والعيش الرغيد.
نفذنا مهمةً عسكرية وطنية، في العام 2014م، بمن تبقّى من الفرقة الأولى مدرع بعد اعتزالنا العمل العسكري لعام ونصف، ووقف معنا كوكبةٌ من خيرة شباب اليمن وأطهرهم وبعضاً من رجال البلاد ورفاق السلاح، في معركةٍ وحيدة للدفاع عن صنعاء، وواجهنا المخاطر التي طالما واجهتْنا في معارك الفداء الوطني، واستشهد 274 شاباً من خيرة أبناء اليمن وجنوده وضباطه، في معركة الدفاع عن الوطن وفي عمق العاصمة صنعاء.
لم تكن معركة الفرقة الأولى مدرع والمنطقة العسكرية الشمالية الغربية والوحدات المساندة لها من الجيش والأمن في جولات المواجهة مع هذه العصابة في صعدة وغيرها، معارك تخص شخصٍ بعينه أو فئة بعينها، أو خصومات وملفات للاستغلال، كما روّج لذلك المُبْطلون؛ بل كانت المواجهة والإقدام والتضحية لأجل أحلام الأمة اليمنية وخوفاً من مصير مجهول يرتقبها إذا انكسرت سارية العلم الجمهوري واستُهدفت ثورة سبتمبر وأكتوبر المجيدتين وأهدافها الغالية.
مع تمكين جماعة الحوثي من العاصمة صنعاء بإمضاء مختلف القوى والمكونات، بحيادٍ أو ضعفٍ أو انحيازٍ أو صمتٍ واضح، وبعد عقد من الزمن، هاهي الشعارات المكذوبة التي روّجت لها هذه العصابة وبائعي الوهم والمخدوعين بها، تتساقط واحدة تلو الأخرى في ظل ما تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرتها.
إذ لم يصل اليمنيين إلى حالةٍ من البؤس والبطالة والحرمان مثل التي وصلوا إليها اليوم، سوى في فترتي الإمامة البائدة والحالية اللتان جُبلَتا على أكل السحت ونهب أموال الناس وحقوقهم.
كما لم تُنتهك السيادة اليمنية في تاريخ الجمهورية مثلما انتُهكت اليوم، حيث باتت الطاعة العمياء لملالي طهران هي السائدة، وحيث أصبحت صنعاء حوزةً إيرانية، شعاراً وممارسة ووجوداً حقيقياً ومعنوياً، ووصولاً إلى عربدة طائرات الكيان الصهيوني في الأجواء اليمنية، وهو مالم يحصل عبر تاريخ اليمن سوى في مرحلتي الإمامة السابقة واللاحقة أيضاً.
وعلى الرغم من كل الآلام على شعبنا خلال هذه الحقبة، فإن الأمل يلوح في الأفق مع الوعي الكبير الذي يتخلق لدى شباب اليمن وشاباته بثورة سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر والـ22 من مايو، وماذا تعنيه هذه الثورات والمحطات لحرية اليمني وازدهار وبناء اليمن، كما أشرق نور الأمل عقب انتكاسة صنعاء، بدءاً من مأرب شرقاً مع أول مطارح قبائلها الظافرة وأبنائها الكرام وسلطتها المحلية الشجاعة، ومع توافد اليمنيين واحتشادهم لمقاومة الكهنوت الحوثي والانخراط بصفوف القوات المسلحة والمقاومة الشعبية والوطنية في مأرب وتعز والساحل الغربي وعدن ولحج والضالع والجوف وشبوه وأبين والبيضاء وبقية المحافظات والمناطق الأبية، وبدعم كريم من تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة.
نجدد الدعوة للجميع بأن تكون المرحلة الحالية والمستقبلية مرحلة تعزيز للحمة الوطنية ووحدة الصف، والتسامي على الجراح ونسيان الخلافات التي أوصلت اليمن إلى ما هو عليه، والتأكيد على ضرورة أخذ الدروس والعبر من أحداث الماضي وفي مقدمة تلك الدروس، وضع اعتبار الحفاظ على اليمن وجمهوريته ووحدته وأمنه واستقراره ومصالحه العليا فوق كل الاعتبارات والمصالح الآنية الزائلة.
*من صفحة الكاتب نائب رئيس الجمهورية السابق الفريق علي محسن الأحمر على منصة إكس