يشكو الصياد اليمني أحمد عبد الله، من أن البحر لم يعد يجود بالأسماك كما كان سابقاً، إذ نفق عدد كبير منها نتيجة التلوث البيئي في البحر الأحمر.
يقول لـ"العربي الجديد": "لم يعد البحر كريماً معنا، وبتّ في الأيام الأخيرة أصطاد نصف الكمية مقارنة بالسابق، بعدما نفقت وهجرت المياه أسماك كثيرة نتيجة التلوث في البحر. والسبب هو تسرّب النفط والمواد الكيميائية من ناقلات نفط استهدفتها عمليات الحوثيين".
ويقول الصياد عبده الوازعي لـ"العربي الجديد": "شاهدت بقعاً سوداء تطفو على سطح البحر خلال رحلات صيد في أماكن متفرقة. وأثّرت الهجرة الكبيرة للأسماك على الصيادين الذين يعيشون من المهنة، وقلصت كميات الصيد، ما رفع أسعار الأسماك، ومثلاً تلك التي كانت تباع بـ10 آلاف ريال (5.3 دولارات)، وصل سعرها إلى 14 ألف ريال (7.4 دولارات). يضيف: "تعرّض هجمات الحوثيين في البحر الأحمر حياة الصيادين لخطر، ما جعل عددهم أقل، كما تضاءلت أرزاق الصيد بسبب نفوق وهجرة عدد كبير من الأسماك والأحياء البحرية". وبعدما استهدف الحوثيون في 22 أغسطس/ آب الجاري بمقذوفات عدة ناقلة النفط "سونيون" التي حملت أكثر من مليون برميل نفط قبالة مدينة الحديدة الساحلية، في إطار حملتهم على السفن في البحر الأحمر تضامناً مع فلسطينيي قطاع غزة الذي تستهدفه حرب إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تصاعدت التحذيرات الدولية من خطر حدوث كارثة بيئية غير مسبوقة.
وأعلن الناطق العسكري لجماعة الحوثيين العميد يحيى سريع، في بيان، تبني الجماعة استهداف الناقلة "سونيون" في البحر الأحمر، وأكد أن المقذوفات التي أصابتها "كانت دقيقة ومباشرة، ما جعل الناقلة معرضة للغرق". وفي وقت سابق، أعلنت البحرية الفرنسية أن فرقاطة حربية تابعة لها تعمل ضمن المهمة البحرية الأوروبية نفذت عملية إنقاذ ناجحة لإنقاذ طاقم الناقلة "سونيون"، فيما حذرت المهمة من أن الناقلة أصبحت تشكل خطراً ملاحياً وبيئياً.
واشتعلت النيران في الناقلة "سونيون" من جراء الهجمات التي شنها الحوثيون بصواريخ وزوارق مفخخة، وباتت في حالة جنوح حالياً بين مياه اليمن وإرتيريا، ومهددة بالغرق بعدما تسرّبت المياه إليها.
وأعلنت شركة الشحن اليونانية "دلتا تانكرز" التي تملك الناقلة "سونيون" أنها وضعت خططاً لتحريكها إلى مكان آمن، لكن ذلك لم يمنع تكثيف التحذيرات الدولية من خطر تسرّب حمولتها من النفط الخام إلى البحر الأحمر. أيضاً حذرت السفارة البريطانية في اليمن من أن هجوم الحوثيين على ناقلة النفط "سونيون" يهدد سواحل اليمن وصيادي الأسماك، وينذر بكارثة بيئية. أضافت: "لحسن الحظ أن طاقم الناقلة أنقذ لكنها تحمل 150 ألف طن من النفط باتت جانحة في البحر. ونحن نطالب الحوثيين بوقف الهجمات المتهورة وغير القانونية".
ومساء أول من أمس، أعلن الحوثيون السماح سمحت بسحب السفينة التي تشتعل فيها النيران في البحر الأحمر منذ 6 أيام، وذلك "استجابة لمطالب دولية". وقال متحدث الجماعة محمد عبد السلام، عبر منصة إكس: "بعد تواصل جهات دولية عدة معنا خصوصاً الأوروبية، تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون". واعتبر أن "احتراق هذه السفينة مثال على جدية اليمن في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر اليمني القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ فلسطين المحتلة".
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، قد أعلن أن هجمات الحوثيين "تشكل تهديداً بيئياً وملاحياً استناداً إلى الأضرار التي لحقت بالناقلة سونيون التي هاجمتها الجماعة قبل أيام". وقال، في تصريحات نقلها حساب مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية الأميركية عبر منصة "إكس": "الهجوم على سونيون تهديد بيئي وملاحي وشيك آخر نجم عن الهجمات المتهورة للحوثيين على ناقلات النفط والسفن التجارية. وتحمل الناقلة مليون برميل من النفط تشتعل بالنيران وتنجرف بعد هجمات الحوثيين". أيضاً، حذرت وزارة الخارجية الأميركية من حصول كارثة بيئية في البحر الأحمر بعد احتراق ناقلة النفط "سونيون" التي هاجمها الحوثيون. وقال المتحدث باسمها ماثيو ميلر: "يبدو أن الحوثيين مصممون على إغراق الناقلة وحمولتها رغم إجلاء الطاقم. والحمولة تساوي أربعة أضعاف ما تسرّب في كارثة إكسون فالديز عام 1989، وهي آخر حوادث التلوث الكبيرة". أضاف: "أظهرت هجمات الحوثيين استعدادهم لتدمير صناعة صيد الأسماك والنظم البيئية الإقليمية التي يعتمد عليها اليمنيون وغيرهم من المجتمعات الإقليمية لضمان معيشتهم، ويكرر ذلك تقويضهم تسليم المساعدات الإنسانية الحيوية إلى المنطقة من خلال هجماتهم المتهورة".
ويقول أستاذ تقييم الآثار البيئية في جامعة الحديدة الدكتور عبد القادر الخراز لـ"العربي الجديد": "جميع السفن التي استهدفها الحوثيون، وأهمها روبيمار وتوتور وسونيون، كانت تنقل مواد خطرة جداً. والحمولة الأساسية لروبيمار كانت محددة بـ40 ألف طن لكن لم تظهر البيانات إلا 20 ألف طن منها عبارة عن أسمدة كيميائية فوسفاتية، وثمّة شكوك في أن الـ20 ألف طن الأخرى عبارة عن نفايات خطيرة. واللافت أن روبيمار نفسها هي نفاية في الأساس لأنها تبحر منذ 27 عاماً، ويملكها لبنانيون وسوريون، ويوجد المكتب للشركة التي تسيّرها في بيروت، وبالتالي هناك علاقة كبيرة بين صفقات يعتقد بأنها تحصل بين الحوثيين ومافيات دولية لإغراق البحر الأحمر بالنفايات والملوثات".