الثلاثاء الماضي، 27 أغسطس/ آب 2014، كشفت جماعة الحوثي المصنفة على قوائم الإرهاب، عن هوية “سفير” جديد لإيران لديها، وسط غموض عن كيفية وصوله إلى العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الجماعة.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية سبأ (النسخة الخاضعة لسلطة الحوثيين)، إن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة الجماعة (غير معترف بها دوليا)، جمال عامر، استقبل، سفير إيران الجديد، "علي محمد رمضاني"، والذي سلمه “نسخة من أوراق اعتماده بمناسبة تعيينه سفيرًا ومفوضًا فوق العادة” لدى الجماعة.
ولاقى ظهور سفير جديد في صنعاء ردود أفعال واسعة من قبل اليمنيين، الذين تساءلوا عن طريقة تسلله إلى اليمن، وسر توقيت إعلانه في هذه اللحظة في ظل الاتفاق السعودي الإيراني، والمفاوضات الحوثية السعودية المباشرة، والتحركات الأممية لإنهاء الحرب وإحلال السلام في البلاد.
واعتبر سياسيون وصحفيون ونشطاء يمنيون هذه الخطوة بـ“الاستفزازية”، وأنها رسالة من إيران مفادها أنها ماضية في تعزيز نفوذها في اليمن، بعيداً عن التحركات الأممية والدولية التي تعمل على وقف التصعيد في اليمن تمهيداً لاتفاق سلام.
ورصد “برّان برس”، في هذه المادة، أبرز التعليقات والكتابات حول هذا الموضوع، والتي دوّنها نشطاء، على منصات التواصل الاجتماعي، تحت وسم "#حاكم_صنعاء_الجديد_علي_رمضاني"، وأكدت في مجملها أن الحوثيين مجرد أدوات بيد إيران، معتبرين إرسال النظام الإيراني لممثل له إلى صنعاء تهديدًا عسكريًا لليمن والإقليم.
عمل غير أخلاقي
الفنان الكوميدي، محمد الأضرعي، قال في سلسلة تدوينات بحسابه على منصة إكس، إن “إرسال طهران مندوباً جديداً إلى اليمن هي رسالة مباشرة توجهها إيران للعالم بحقيقية سيطرتها الفعلية على قرار الحوثيين واستخدامهم كورقة في مفاوضاتها مع المجتمع الدولي”.
وأضاف في تدوينة أخرى، أن “هناك ترجيحات أن إيران أرسلت علي رمضاني على متن إحدى الرحلات الجوية القادمة من الأردن خلافاً للسفير السابق الذي توفي في ظروف غامضة بعد نقله في ديسمبر 2021 بشكل إنساني على متن طائرة عمانية من صنعاء”.
وتابع: “الحوثيون مجرد أدوات في يد النظام الإيراني لزعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة وإيران تستخدمهم لتنفيذ أجنداتها التخريبية وتصدير ثورتها محولة اليمن إلى ساحة حرب وتدمير”.
واعتبر “الأضرعي”، “إصرار طهران على تعيين مندوب جديد لدى الحوثيين تحت مسمى السفير عمل غير مسؤول وغير أخلاقي لجماعة انقلابية ومليشيات ولا تحترم الأعراف الدولية ولا القانون اليمني”.
حاكم صنعاء
من جانبه، علّق مدير المركز الإعلامي لألوية العمالقة الجنوبية، أصيل السقلدي، على صورة “رمضاني”، قائلاً: “هذا الإيراني عراب الحوثي وليس سفيراً كما تدعي إيران"”.
وأضاف في تدوينة بحسابه على منصة إكس، إن “المدعو علي رمضاني أرسلته طهران الى صنعاء ليكون حاكما لما هو تحت سيطرتها من المناطق اليمنية متحكما وقائدا لمليشياتها الإرهابية الحوثية خلفا للهالك حسن إيرلو وهذا مؤشر على نيتها التصعيد من جديد”.
وفي تدوينة أخرى، قال "السقلدي"، إن "طهران ترسل نائب قائد الحرس الثوري الإيراني في العراق العميد علي محمد رضائي إلى صنعاء لقيادة حرسها الثوري وأدواتها الحوثيين في اليمن وأرسلته كسفير إيران لدى مليشيات الحوثي فلا توجد دولة ترسل سفير إلى جماعة إرهابية إلا إذا كانت دولة إرهابية مثل إيران وهذا مؤشر أن اليمن مقبلة على فصل جديد من التصعيد العسكري الحوثي الإيراني وإنا لهم بالمرصاد".
تحدٍ للجميع
وأما الكاتب والباحث السياسي "سامي الكاف" قال "إيران تتحدى الجميع، بإعادة تعيين سفير جديد لها (علي رمضاني) لدى المليشيا الحوثية، المنقلبة على الدولة بقوة السلاح".
وأضاف "بعد ثلاثة أعوام من وفاة سفيرها السابق (حسن إيرلو)، ترسل إيران رسائل عدة إلى دول الإقليم ليس أقلها انها مستمرة في إحكام سيطرتها على ذراعها المسلحة في اليمن كهدف استراتيجي لا يمكن التنازل عنه مهما كانت الظروف والمتغيرات، وأنه لا يمكن المضي قدمًا في أية عملية سياسية تتعلق بالملف اليمني إلا عبرها إذ هو يجعل منها لاعبًا مؤثرًا في شبه جزيرة العرب، والشرق الأوسط على حد سواء"..
وقال: "ولو جاء هذا الأمر على حساب قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي خصوصًا القرار ٢٢١٦ أو على حساب الاتفاق الذي رعته الصين مارس ٢٠٢٣ لإعادة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران وبدء مرحلة جديدة تستند إلى الحوار في بناء علاقاتها مع الدول الجارة أساسها عدم التدخل في شؤونها الداخلية وليس دعم مليشيات مسلحة داخل بنيان وتكوينات هذه الدول الجارة كما في سوريا ولبنان والعراق واليمن".
ويعني هذا، وفق الكاف، “أن إيران تتحدى الجميع ومستمرة في سياستها التخريبية التي تجعل اليمن منطقة حريق لا تنطفئ تهدد أمن جيرانه في سياق تنفيذ خطتها المفترضة التي تجعل منها، كما هو موضح أعلاه، اللاعب المؤثر في شبه جزيرة العرب والشرق الأوسط على حد سواء".
تغذية الصراع
الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي "حسن محمد القطوي"، أوضح في تدوينة له، أن "السفير الإيراني لدى مليشيات الحوثي ليس سوى عميل يعمل على تغذية الصراع وتقديم الدعم اللوجستي للحوثيين ودوره تخريبي في تهريب الأسلحة والتدريب وتقديم الاستشارات العسكرية مما يطيل أمد الحرب ويعيق جهود السلام".
وقال إن إيران عملت “بكل ما تملك لإرسال ممثلها في الحرس الثوري الإيراني لدى الميليشيات الحوثية ليكون الحاكم الجديد لها بعد مقتل مندوبها السابق المدعو إيرلو عندما قال سيفطر على تمر مارب وفشل في مساعيه الخبيثة ولقي مصرعه".
تأكيد على الدعم الوقح
وإلى ذلك، أضاف “القطوي”، أن “إيران مستمرة بكل قدراتها في دعم ميليشيا الحوثي عسكرياً ولوجيستيا ناهيك عن الدعم الاقتصادي والإسناد الإعلامي الكبير وما إصرارها على تعيين مندوب جديد لها لدى مليشيات الحوثي الارهابية تحت غطاء السلك الدبلوماسي إلا تأكيد على ذلك الدعم الوقح”.
ويرى الأكاديمي القطوي، أن إيران تسعى إلى “الهيمنة على المنطقة وتحويل اليمن إلى قاعدة انطلاق لعملياتها التخريبية فالحوثيون ليسوا سوى واجهة لإيران في اليمن"، معتبرًا "إصرار طهران على تعيين مندوب جديد لدى الحوثيين تحت مسمى السفير عمل غير مسؤول وغير أخلاقي لجماعة انقلابية ومليشيات ولا تحترم الأعراف الدولية ولا القانون اليمني".
من جانبه، قال الإعلامي والمحلل السياسي، عبدالله إسماعيل، إن “وصول السفير الإيراني علي رمضاني إلى صنعاء عن طريق التهريب يؤكد أن الحوثيين باعوا سيادة اليمن وهويته وجغرافيته، وهذا ما تفاخر به إيران وهو أن صنعاء باتت عاصمة رابعة تابعة لها”.