لم ينفِ وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، اللورد طارق أحمد، وجود قنوات اتصال خلفية مع الحوثيين، كما لم يخفِ إعجابه بالدبلوماسية التي تتخذها السعودية، وسفيرها لدى اليمن محمد آل جابر، في دعم السلام و«الجسور» التي توفرها لحلّ الأزمة التي بدأت في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 بانقلاب الحوثيين، وتستمر حتى اللحظة.
ودعا اللورد الحوثيين إلى وقف الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر، وربط ذلك بعملية السلام، في موقف لم يستغربه المتابعون للشأن اليمني، نظراً لمطابقته الموقف الأميركي.
تزامن ذلك مع إعلان المملكة المتحدة زيادة الدعم المالي، الذي تقدمه إلى اليمن عبر مؤسسات دولية، بمبلغ يلامس 177 مليون دولاراً (139 مليون جنيه إسترليني)، وهو رقم لافت، بزيادة 56 في المائة، مقارنة بالدعم السابق، ويساهم في توفير الغذاء لأكثر من 850 ألف شخص، وعلاج 7000 ألف طفل ممن يعانون سوء التغذية.
يبدو أن مقاربات الحكومة اليمنية والحوثيين والدول الصديقة لليمن متباينة حول استئناف عملية السلام وربطها بالعمليات في البحر الأحمر.
من خلال الحديث مع قيادات ومسؤولين في مختلف الأطراف، يظهر أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تدعمان خريطة الطريق الأممية بشرط توقف الحوثيين، ولديهما أسباب، أبرزها استخدام الأمر ورقة ضغط على الحوثيين.
لكن الحكومة اليمنية قد تتوافق مبدئياً مع رأي الحوثيين بأن ربط العمليتين «يحتاج مراجعة»، كما يقول رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد بن مبارك، خلال حديث مع «الشرق الأوسط»، لكن الأساس الذي تنطلق منه يختلف مع الحوثيين، فالحكومة ترى أن توقف العمليات لن يحوّل الحوثيين إلى دعاة سلام، ولن يوقف التحشيد والتصعيد الداخلي والاقتتال.
في المقابل، يأتي سبب تمسك الحوثيين بالفصل هو مزاعم الجماعة أن عملياتهم تستهدف إسرائيل، وليست في إطار أي مماحكات داخلية يمنية.
ولا يرى اللورد أحمد أن الجماعة سوف تستطيع أن تحقق السلام من دون توقف العمليات البحرية. ويقول: «من المؤكد أن الأمرين مترابطان، فليس بإمكانهم أن يستمروا في شنّ هجمات في البحر الأحمر، بينما يراودهم الأمل في أن يأتيهم السلام بطريقة أو بأخرى. هذا غير مقبول، وإنما عليهم وقف الهجمات الآن، وأن يضعوا تلك الأسلحة جانباً، وأن يجلسوا على طاولة المفاوضات. وهذا طلب واضح للغاية من جانب المملكة المتحدة».
يضيف الوزير: «لقد استمر الصراع في اليمن لفترة طويلة للغاية، ويعاني المواطنون العاديون بسببه بشدة. اليمنيون يريدون السلام، ونحن نؤمن بهذا المسار. ويعني ذلك، تبني العمل الذي جرى إنجازه، خاصة مع الشركاء، مثل المملكة العربية السعودية».
«يبقى من المهم ما أثرته بشأن إبقاء القنوات الخلفية مفتوحة»، يرد اللورد أحمد على سؤال حول بقاء الاتصال مع الجماعة، وهو أمر لا تخفيه لندن سابقاً، ولم تنفِه حالياً، فسفيرها الأسبق لدى اليمن مايكل آرون قال في مقابلة سابقة مع «الشرق الأوسط» إنه تناول الغداء مع محمد عبد السلام، المتحدث باسم الحوثيين والمقيم في مسقط.
يقول اللورد أحمد: «من المهم التنويه هنا بأننا لا نعترف بالحوثيين باعتبارهم الحكومة الشرعية لليمن. تعاملنا مع الحكومة اليمنية، ويظل من المهم أن نملك القدرة على نقل رسائلنا. في الوقت ذاته، يضطلع سفير السعودية (محمد آل جابر) بدور جيد ومهم للغاية في بناء جسور التواصل. ونأمل أن نعاين، إن شاء الله، تقدماً نحو السلام في الشرق الأوسط، على أصعدة الصراعات المختلفة المستعرة هناك».
ويؤكد الوزير على أهمية إبقاء الاتصالات مفتوحة مع الأطراف، ويستدل بالعلاقة مع طهران، قائلاً: «رغم أن إيران هي من يقف وراء كثير من التمويل والدعم الذي يحصل عليه الحوثيون، فإننا ما نزال نحتفظ بعلاقاتنا الدبلوماسية معها. ويتيح ذلك لوزير الخارجية ديفيد كاميرون أن يتصل هاتفياً بوزير الخارجية الإيراني، عندما تكون هناك قضية مباشرة نرغب في إثارتها معهم. نحن لا نعمل بالاعتماد على روح التحدي، وإنما التفاعل المباشر».