حذر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس جروندبرج، اليوم الخميس، من مخاطر تصعيد النزاع في اليمن داعيا إلى فتح الطرق في مختلف أنحاء البلاد.
وقال في إحاطته لمجلس الأمن إن هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وردود الفعل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أدت إلى تصعيد خطير في المنطقة.
وحذر جروندبرج من أن هذا التصعيد يمكن أن يؤدي إلى مغامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر تعيد اليمن إلى حلقة جديدة من الحرب.
ودعا غروندبرغ جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس والعمل نحو خفض التصعيد، مؤكدا على أهمية الاستمرار في التركيز على الأهداف طويلة المدى للسلام في اليمن.
وأشار إلى أنه يجري مشاورات مع جميع الأطراف لسد الفجوات وتحديد سبل بدء وقف إطلاق النار وتحسين الظروف المعيشية وإطلاق عملية سياسية. وشجّع جروندبرج جهود الوساطة المحلية التي أدت إلى فتح طريق حيفان في محافظة تعز، داعيا الأطراف إلى إعطاء الأولوية للمصلحة الجمعية لليمنيين وفتح الطرق الرئيسية بشكل مستدام في جميع أنحاء اليمن.
وأكد المبعوث على استعداد مكتبه لمساعدة الأطراف في هذا الصدد.
وشدد غروندبرغ على أهمية تمكين مشاركة المرأة اليمنية الحقيقية في عملية السلام، مشيرا إلى أن النزاع زاد من تفاقم انعدام المساواة بين الجنسين وقيّد وصول المرأة إلى التعليم وخدمات الرعاية الصحية.
وشكر جروندبرج السعودية وسلطنة عمان على دعمهما لجهود الوساطة، معربا عن امتنانه لدعم جميع الأطراف الدولية المعنية للجهود التي يبذلها من أجل حل النزاع.
ودعا إلى دعم متضافر لضمان قوة واتساق الرسالة الموجهة للأطراف بشأن ضرورة المشاركة في عملية السلام.
وأكد غروندبرغ على أن وقف إطلاق النار وفتح الطرق وتحسين الظروف المعيشية هي خطوات ضرورية لبدء عملية سياسية شاملة في اليمن.
ودعا جميع الأطراف إلى التعاون مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتحقيق السلام في اليمن.
نص إحاطة المبعوث الأممي:
شكرًا سيدي الرئيس.
السيد الرئيس، اسمح لي في البداية أن أقدِّم لليمنيين وللمسلمين في جميع أنحاء العالم أطيب أمنياتي بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل، عسى أن يجلب الشهر المبارك لليمنيين وللجميع أسبابًا للأمل في مستقبل أكثر سلمًا. رمضان كريم.
السيد الرئيس، كنا نأمل -وكان اليمنيون يتوقعون- أن يأتي شهر رمضان وقد حظينا باتفاق لوقف إطلاق النَّار في جميع أرجاء البلاد وتدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، وكنت آمل أن أحيطكم اليوم حول تحضيرات لعملية سياسية جامعة. كان يجب أن يكون موظفي القطاع العام في جميع أنحاء البلاد قد تقاضوا رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية، وكان من المفترض أن تُستَأنَف صادرات النفط مما كان يمكن أن يسمح بتوفير الخدمات بفاعلية أكبر وبتحسين الظروف الاقتصادية، وكان ينبغي أن نتوصل لاتفاق آخر حول إطلاق سراح المحتجزين مما يتيح لهم العودة إلى ديارهم مع أحبائهم في رمضان. على الرغم من أن هذه الآمال والتوقعات لم تتحقق بعد، إلا أن جهودنا من أجل وضع الصيغة النهائية لخارطة الطريق الأممية وتنفيذها تظل مستمرة بدون انقطاع. وأعتقد أن اليمنيين يشاركونني في الشعور بنفاذ الصبر في سبيل تحقيق هذه التطلعات.
إلا أن مجال الوساطة أصبح أكثر تعقيدًا كما ذكرت في إحاطتي الشهر الماضي، وهذا الوضع ما زال مستمرًا. وعلى الرغم من جهودنا في حماية عملية السلام من التأثيرات الإقليمية منذ الحرب في غزة، إلا أن الحقيقة، واسمحوا لي هنا أن أكرر ما قد قلته من قبل، هي إنّ ما يحدث على المستوى الإقليمي يؤثر على اليمن - وما يحدث في اليمن يمكن أن يؤثر على المنطقة.
منذ شهر نوفمبر من العام المنصرم، قامت أنصار الله باستهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن. وردًا على ذلك، وجّهت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة منذ شهر يناير ضربات إلى أهداف عسكرية في المناطق التي تسيطر عليها أنصار الله. وفي الأسبوع الماضي، هاجمت أنصار الله ناقلة بضائع في خليج عدن ما أسفر عن مقتل عدد من أفراد طاقمها وإصابة آخرين بجراح. وأدى هجوم أنصار الله مؤخرًا على السفينة "روبيمار" إلى تسرب بقعة نفطية وغرق السفينة في البحر الأحمر مع حمولتها. للأسف، يثير المسار الحالي قلقًا بالغًا.
كلما طال أمد التصعيد، زادت التحديات أمام الوساطة في اليمن. ومع تداخل المزيد من المصالح، يزداد احتمال تغيير أطراف النزاع في اليمن لحساباتها وأجنداتها التفاوضية. في السيناريو الأسوأ، قد تقرر الأطراف الانخراط في مغامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر تعيد اليمن إلى حلقة جديدة من الحرب. لذا، اسمحوا لي أن أؤكد على أهمية الاستمرار في التركيز على الأهداف طويلة المدى التي نسعى لتحقيقها في اليمن.
لحماية التقدم المحرز فيما يتعلق بعملية السلام في اليمن، أحث جميع الأطراف المعنية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والعمل نحو خفض التصعيد. ومع كون البحر الأحمر الآن جزءً من مجموعة أوسع من دوائر التصعيد متحدة المركز، أكرر نداء الأمين العام لتجنب خطر امتداد أكبر لآثار النزاع في غزة إلى المنطقة وأكرر أيضًا نداءاته لضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية.
داخل اليمن، على الرغم من أن الأعمال العدائية ظلت في مستويات منخفضة نسبيًا مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل فترة الهدنة التي تم إبرامها في عام 2022، إلا أننا شهدنا استمرارًا للاشتباكات ولتحركات القوات في الحديدة ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز، كما تواصل الأطراف التهديد علنًا بالعودة إلى الحرب. وقد أعرب العديد من اليمنيين الذين تحدثت إليهم عن مخاوفهم من احتمال تصاعد القتال الداخلي. يتعين علينا بذل كل جهد ممكن للحيلولة دون ذلك، ويواصل مكتبي التعاطي مع الأطراف حول ضرورة المحافظة على الهدوء في الجبهات.
في خضم الاضطراب الإقليمي، السيد الرئيس، ما زال عملي يسترشد بالأولويات التي حددها اليمنيون لليمن. ويبقى تركيزي منصبًا على بلوغ وقف لإطلاق النَّار والبدء بعملية سياسية، فما من سبيل غير ذلك لحل النِّزاع في اليمن. خلال الشهور القليلة الماضية، أجريت ومكتبي مشاورات مع اليمنيين من جميع مناحي الحياة إذ تحدثوا عمّا فقدوه وما يعنيه السلام لهم وكيفية تحقيقه في رأيهم. وقد ظهر نمط ثابت بين جميع من استمعنا إليهم على اختلاف أطيافهم، ألا وهو أنَّ احتياجاتهم وأولوياتهم لم تتغير منذ التصعيد الأخير في المنطقة، بل أصبحت أكثر إلحاحًا.
ولذلك، تركز جهود الوساطة التي أقوم بها على العمل مع الأطراف لسد الفجوات وتحديد سبل بدء وقف لإطلاق النّار وتحسين الظروف المعيشية وإطلاق عملية سياسية، وذلك بناءً على الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في ديسمبر الماضي. وقد شملت هذه الجهود عدة اجتماعات عقدها مكتبي خلال الأسابيع القليلة الماضية مع كبار المسؤولين الأمنيين في عدن وتعز للتحضير لوقف إطلاق نار على مستوى البلاد في المستقبل. ومن الضروري أن تبقي جميع الأطراف قنوات الاتصال مفتوحة وألّا تفقد التركيز على تحقيق النتائج لليمنيين.
السيد الرئيس، يصادف هذا الشهر يوم المرأة العالمي الذي يذكِّرنا بالأثر غير المتناسب للنِّزاع على النِّساء في اليمن وبأهمية تمكين مشاركتهن الحقيقية في عملية السلام، ذلك أنَّ النِّزاع زاد من تفاقم انعدام المساواة بين الجنسين وقيّد وصول المرأة إلى التعليم وخدمات الرعاية الصحية وحَدَّ من تمتعها بحرية الحركة. وتحد شروط الوصاية المفروضة من قدرة المرأة ومشاركتها في جهود السلام.
يواصل مكتبي شراكته مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة لعقد مشاورات مع المجتمع المدني والقياديات السياسيات، ونشطاء حقوق الإنسان وممثلي المجموعات المهمَّشة.ونسعى من خلال هذه المشاورات إلى إعطاء الأولوية لأصوات وتجارب المجتمعات المحلية ولاسيما النساء اليمنيات. وفي الشهر الماضي، عقد مكتبي اجتماعًا تشاوريًا استمر لثلاثة أيام جمع ثلاثين ناشطًا وناشطة من المجتمع المدني من مختلف المحافظات لمناقشة أولوياتهم ورؤاهم لعملية السلام وأفكارهم حول كيفية تعزيز الشمولية في المفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة.
كما أننا نتابع عن كثب ونشجع جهود الوساطة المحلية. في الأسابيع الأخيرة، وبفضل جهود المناصرة والعمل الدؤوب للمجتمع المدني اليمني والوسطاء المحليين، شهدنا تجددًا للاهتمام بضرورة فتح الطرق التي تم إغلاقها خلال النِّزاع. وأتى فتح طريق حيفان في محافظة تعز كخطوة في الاتجاه الصحيح. يشجعني رؤية الأطراف تولي اهتمامًا متجددًا لمسألة الطرق. ومع ذلك، لا يزال هناك المزيد مما يتعين القيام به لمنع وقوع الحوادث وتحسين التنسيق بين الأطراف. ومن هنا أحث الأطراف على إعطاء الأولوية للمصلحة الجمعية لليمنيين في مقابل المكاسب الضيقة، واغتنام هذه الفرصة لتلبية توقعات الشعب اليمني بشأن فتح الطرق الرئيسية بشكل مستدام في جميع أنحاء اليمن. يظل دعم حرية حركة الأشخاص والبضائع عبر اليمن أولوية بالنسبة لمكتبي، ونحن على استعداد لمساعدة الأطراف حسب الحاجة. آمل أن يكون هناك المزيد من الأخبار الإيجابية لمشاركتها في هذا الصدد عندما نلتقي مرة أخرى في الشهر القادم.
السيد الرئيس، لقد واصلت العمل مع الفاعلين الإقليميين بما يشمل المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان اللذين يلعبان دورًا محوريًا في دعم جهود الوساطة التي أبذلها. كما حظي اليمن بالاستفادة منذ فترة طويلة من وحدة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دعمًا لعملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة. أشعر بالامتنان لأن جميع الأطراف الدولية المعنية التي عملت معها تواصل تأكيد دعمها الثابت للجهود التي أبذلها من أجل حل النزاع. سأحتاج إلى هذا الدعم المتضافر لضمان قوة واتساق الرسالة الموجهة للأطراف بشأن ضرورة المشاركة في عملية السلام، وسأستند إلى جهودكم الدبلوماسية الجماعية لمساعدتي في توجيه عملية الوساطة في ظل الاضطرابات الإقليمية الحالية.
شكرًا جزيلًا، السيد الرئيس.